لقاء مع غودو

05 أبريل  .   2 دقيقة قراءة  .    677

 

 

 

على قارعة الطريق إلتقيته، وهو يراقب من بعيد الشجرة التي ينتظره تحتها

(استراجون) و(فلاديمير) منذ عام 1948-1949.

حدسٌ ما أخبرني بأنه غودو... 

صرختُ فرحة: غودو!... لا أصدق عينيَّ... هل هذا أنتَ حقاً يا مشاغب!؟

وضع يده على فمي وهمس: هسسسس... لا تفضحيني أرجوكِ... لا أريدهما

أن يعلما بوجودي هنا.

همستُ: لماذا!؟... ألا تدري أنهما بانتظاركَ منذ عشرات السنين!؟ 

فقال مستاءً: أدري... أدري... فهذان الأحمقان ينتظرانني منذ عصور.

فقلت باستغراب: إذن... لماذا لا تريد أن تقابلهما؟

فقال وهو يحرك يده بلامبالاة: مهرِّجان يثرثران وينتظران منذ عشرات

السنين في هذه البقعة الجرداء تحت شجرة يابسة... فماذا بإمكاني أن أصنع

لهما؟... بيكيت وعدهما انني سأنقذهما... لكن!... ماذا أعطاني من 

قدرات؟... لا شيء... مجرد شخص سيعود... وماذا بعد؟

فأجبت بسرعة: أنتَ الأمل الموعود!

فأجاب: إذن... هل رأيتِ يوماً أملكِ الموعود أمامك؟

أجبتُ محبطة: بصراحة... لا.

فأجاب بغضب: إذن اصمتي ولا تعظيني.

فقلتُ بمزيد من الإحباط لعلي أحرك حماسته: غودو!... هل تدري كمَّ

الملايين التي تنتظركَ على أمل الخلاص!؟

فقال بسأم: أدري... 

واختنق بصوته وغصته، مددتُ يدي وتناولتُ كوب ماء كان موضوعاً أمام

سريري. تناوله من يدي وقال مستغرباً بعد أن شربه دفعة واحدة:

من أين حصلتِ عليه؟

فقلتُ: غرفتي قريبة جداً، لا بل نحن الفانون أقرب إليكَ من حبل الوريد...

لكنكَ مختفٍ عنا، لا أدري لما!

فقال: بالله عليكِ يا ابنتي هل تعتقدين أن بطلاً من ورق مثلي، خلقه كاتبٌ

بكل ما لديه من عبثية، أن يخلِّص العالم من كل صراعاته!؟

فقلتُ ببراءة طفلة: ماذا لو عرفتَ بلهفة انتظار شعب لبنان لعودتك!؟

ضرب على رأسه وقال بغضب: كنتُ أراقب لبنان حتى تاريخ 4 آب يوم

انفجار المرفأ الرهيب... هذه الزمرة الحاكمة لن ولا يمكنه أن يخلصكم منها

إلا معجزة إله، لا بطل من ورق.

بكيت وقلت: غودو... خذني  معك أرجوك...

سمعنا صوت أمي تناديني في غرفتي:

ربتَ على كتفي بحنو الأبوة وقال بهمس: هيا يا ابنتي عودي إلى والدتك...

فهي عجوز وبحاجة لك.

فقلت: وأنت؟

أجاب وهو يبتعد: لقد اكتفيتُ من وطنكم هذا ومن دنياكم بأسرها، قررتُ أن

أتحول إلى كابوس يقض مضجع بيكيت بسبب الأزمة التي وضعني فيها. 

أجبت أمي بكلمة وقلتُ لغودو: لكن بيكيت مات منذ زمن طويل!

فأجاب بضحكة خبيثة: إذن سألحق به إلى الجحيم.

 

 

 

 

 

  3
  3
 1
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال
Aboud Salman
06 أبريل
جميل في ابداع اجنحة الخيال والمخيال في ربط الارض بالانسان في زمن ماتت انسانية من يحيطون بنا في ظل انتظار حجج عودة عشبة الخلود . سردية بدها صنفات . بوركت من مبدعة تقفز بنا الى صخرة سيزيف لنكتب اننا محكومين باللاامل
  1
  1
 1