المُستَرَدّ

01 أبريل  .   2 دقيقة قراءة  .    73

From Deviant Art

(إلى ب.  من ذلك الزمن الغابر)

 

(1)

في بيته الخَرابِ

كان يعدُنا بطابق ثانٍ

قريبٍ من قمم السرو وعناصر الغروب

وكنا نضحك منه

ومن الخراب

ومن خرافة السرو في بيداءَ يسكنها وحيداً

ونضحك من جهلِه بجهله

***

في بيته الخرابِ

كان يحتفظ بقيثارة وكمان

يقول إنه أخرجهما من سفينة تغرق

في أوقيانوس كانت بلدتنا على ضفافه

يوم كانت الأسواق تبيع تذاكر للفرجة على بيادر الفضاء.

وكنا نضحك من أغانيه

ومن سيرة البحار حول مساكننا الجبلية

ومن خرافات النجوم القصية

***

وفي عشية أواخر الأيام

دخلنا بابه غير الموصد

/الذي لطالما أقفلته العزلة وحرسه الصراخ/

فجاء نازلاً من حجراته العالية

ينشد عن النجوم أغاني البيادر

وكنا نسمع هدير المحيط ولا نتعجب

لم نسأله إن كان قد عمّر الهواء

صدّقناه وأيقنّا بالخرافة

وكان يضحك لنا

وكنا نضحك له

ونستذكر الخراب ونرقص

ونكرع خلاصة الغروب بعيوننا

وننتشي بفداء دهرنا

كما لم ينتشِ أيّ ولدٍ من أولاد الله

 

(2)

في عشية أواخر الأيام

تخرج أمّه من المنزل التحتانيّ

المرسوم على شاطئ الزمان القديم

تصعد إليه وفي يدها أيقونة العذراء

وتغني أهازيج الرّعيان وأغاني عيون الماء

وتقول:


ها ابني الذي نسيه قطار الوقت عاد..

وصعد إلى القمم الذهبية.

ها ابني الذي أحببته وكان حسرتي..

صار سيّد المنام وحارس الأطفال

ها هو يسوق أمامه قطعان الغيم إلى مراعي الضحك

ها هو يسوق العَجَب إلى عيون عابري السبيل

ويحيّر عقارب الساعة

***
وكانت أمّه تضحك في وجه الأمّ الساكتة

والأمُّ تلك التي تسربلت بالسكوت نطقت:

ها هو ابني المتروك يتعمّد بالغروب

ها هو ابني الضالّ عاد ليأتي بنسلٍ للرائين

تعالي أيتها العجوز النبيّة

صيري مثلي

نبوءةً معلّقةً على الحائط

في بيته المُستَرَدّ

في خرابه المَبنيّ جديداً

كجسد ابني العتيق



 
  0
  3
 0
مواضيع مشابهة
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال