نصف هلاك أنا ونصف بشر

17 يوليو  .   6 دقائق قراءة  .    432

نصف هَلَاك أنا ونصف حَجَر : 
___________________
آخذ سيجارة من علبة صديقي لحظة انشغاله 
اشعلها بنيران السخط التي تتأجج في أوصالي،
ثم أسحب منها نفسا بحجم أوجاعي،
وانفثه في العراء حيث لا أحد يحاسبني على كل ما جلبته من بلاء.
أصاب بمغص شديد. أحاول فض اهتياجه بتفريغ معدتي. 
أضع أصبعي داخل فمي ثم هوووب كل شيء نحو الأرض. وعلى أصابع قدم صديقي . يصرخ في وجهي "اللعنة.. قدمي ليست بالوعة" يرى بين بقايا الطعام كل أحشائي المندفقة على الأرض. بصقتها لحظة ألم، يضحك بهستيريا ولا أبالي بغبائه. 
أسرق عصا كان يتكؤ عليها حلمي الذي أعياه التمني و المشيب. أنبش بين قيئي عن خاتم الأحلام. 
رأيت في رؤيى قبل سنة أنني سابتلعه حينما تهجرني حبيبتي. 
لكن.. أنا ليست لي حبيبة. ولا حتى صورة لممثلة احبها أعلقها على الحائط أعلى سريري. كنت أنام محتضا وسادتي لا أكثر. 
أتوقف عن البحث كأنني استذكرت كل سور القرءان دفعة واحدة، أحاول ترتيل بعض الآيات القصار فافشل.
أعاود سحب نفس اخر من السيجارة. امضمض بدخانها فمي وابصق ما التصق بين أسناني. 
أشيع بناظري جنازة مرت في منتصف الطريق. الكل توقف عن أشغاله ووقفوا باحترام لها. حتى صديقي توقف عن مسح اطراف أصابعه ووقف باستعداد كأنما يودع الحوت "موبي ديك" أما أنا ففد انتابني الفضول للتفكير في الطريقة التي ماتت بها هذه الجثة :
ربما قفز من أعلى بناية.. لكن الاقدار كانت به رحيمة فسقط فوق كتلة من الرمال لم تكن موجودة في اليوم الذي مارس فيه استعداداه للانتحار. نهض من كتلة الرمال تلك وغادر موضعه ساخطا. وحين اراد قطع الطريق لم يمتبه على أن هنالك صبي في سن الرابعة عشر يلهو بسيارة والده مسرعا، جعل روحه تهرول الى السماء حتى قبل ان تتوقف عجلات السيارة عن الاحتكاك في الارض.
او ربما كان يستحم في بيته يستلقي داخل حوض الاستحمام هكذا، هكذا وهكذا.. براحة واسترخاء يدلك جسمه بحجر صابون برائحة النعناع. وحين وصل لدلك عنقه انزلق الصابون من يده وسقط بعيدا. استاء من الأمر وغاص في الماء يحدث فقاعات هوائية بمنخاريه الكبيرين. لكنه تذكر فجأة موعده الغرامي على موقع التيندر. وحين وقف مسرعا مغادرا حوضعه. زلقت قدمه الأولى على حجر الصابون فارتطم قفاه على حافة الحوض وسقط صريعا عاريا في وضعية فاضحة. 
او ربما لم يعد قلبه بمستوى الفحولة التي كان عليها فشخر معلنا عن هزيمته الأبدية وساروا به هنا والأن في هذا الموكب المشرف يحملونه مكبلا بكل أسراره غير المشرفة..
وخزني صديقي لأنني لم أحترم الموكب وأمرني بالوقوف. أحدق فيه بينما آخذ نفسا آخر. أنهض من مكاني واتوجه نحوهم، ألقي عليهم السلام وأحييهم على مقدار قوتهم على رفع كل هذا الثقل . أسألهم: هلا بادلتموني وأياه الأماكن؟ أرقد انا هنا في سلام بينما يظل هو هناك عند الرصيف ينتظر أن يغازل الصبيّة التي تنتظر بصبصتي في كل مرة تمر على موقع ذاك. 
يهتاج الجميع من ثرثرتي ويردد أحدهم " اللعنة عليك أيها الفاسق".
أبسط يدي باتجاهه وأشكلها كمسدس وأشير أليه طرااخ طرااخ " هكذا ستكون نهايتك" أما أنا فلا شي.  نصف هلاك أنا ونصف حجر.
يتعثر أحدهم بكبدي المظطرب فيسقط على قلبه. ثم هكذا فقط لا شيء يحدث له. أما أنا فقط سأصاب بالمغص من جديد..
أعود إلى مكاني بالقرب من صديقي المحملق في فعلتي. يمر الموكب سريعا كما لو أنهم يعبرون على الصراط. أرمي عقب السيجارة بعيدا وانتظر ثم انتظر ثم..  لا أحد يمر.. لا الصبيّة التي أنتظرها، ولا قدري الأعمى، كان يفترض أن ينصفني قبل سنوات لكنه مجددا يخطئ في عنواني لأنه لم يفكر يوما أن يبتاع عصا التوجيه..
_سلمان

  2
  4
 1
مواضيع مشابهة

12 أكتوبر  .  2 دقيقة قراءة

  3
  1
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال
عادل خالد الديري
18 يوليو
شعور متواصل بأني أقع من أعلى بناء فارتطم بحبال غسيل، كل تقلب في الاحداث هو حبل غسيل يقلبني رأسًا على عقب ليأتي التقلب التالي في النص ليلطمني إلى الجهة التالية، شكرًا على التجربة السريعة والمدهشة!
  0
  0