06 سبتمبر . 2 دقيقة قراءة . 676
يشتغل الفنان التشكيلي السوري عبود سلمان على موضوع المرأة أساساً، لكن نساءه يأتين وسط ضجيج النهر وصهيل الخيول، وأشكال من الزخرفة غير العادية، لتظهر وجوها وأجسادا مختلفة الأبعاد والمواصفات، نساء أو عرائس يتشكلن عبر معطيات غريبة وتدعو للتأمل في تفاصيل اللون والحركة والكتل الضخمة في تشكيلهن. في معرضه الذي حمل عنوان “عرائس النهر”، المقام حاليا في جاليري فانديما ضمن فندق كمبنسكي بدبي، ويستمر حتى العاشر من سبتمبر المقبل، يقدم الفنان أعمالاً بالألوان، وأخرى بالأبيض والأسود، لكنها جميعا تنتمي إلى عالم الريف البسيط كما يبدو من حول نهر الفرات وحقوله الشاسعة. وللفنان أسلوبه في جمع تفاصيل حميمة للمشهد، ما يمنح عمله خصوصية وهوية بارزة في التجارب الفنية الحديثة. وجوه النساء تكاد تتشابه في ملامحها، عيون تبتعد عن عالم التشريح الطبيعي للعين، وتتخذ صورتها ذات الدلالات الرمزية من حيث طبيعة النظرات التي تقترب من الحياد حينا، وتصرخ بالألم حينا آخر. وكذلك بقية تفاصيل الوجه والجسد، فهي تحضر في صورتها الكلية عبر تكوينات غير محددة، تمزج التجريدي بالواقعي، لتتكون نساء المكان القديم. ونسبة للمكان، تظهر في خلفية كتل النساء صورة من المكان القديم بمعالمه وملامحه المألوفة، ولكن في صورة أقرب إلى التجريد، حيث الخطوط الرفيعة ترسم حدود البيوت وتفاصيلها. فعالم المرأة ينعكس من خلال المكان أساساً. وفي جانب منه يعبر حضور المرأة عن حلم ما، كما أن ثمة ما يضفي عليها ظلالاً من عوالم الخرافة والحكايات تقارب الموروث وروحه الساكنة في الألوان بشكل خاص، وفي التطريز الذي يلف اللوحة ومكوناتها. وفي كتيب المعرض تكتب الناقدة سعاد شهاب أن اللوحة تخرج من ذاتها لتعمق في اختيار النقوش والوشوم التي نثرها الفنان على جسد اللوحة بشكل كامل، عوضاً عن التكوكب في عالم امرأة قد خرجت من حالة الحلم لتبقى تأملات هذا الحلم التي نصادفها أثناء تأويل اللوحة من دون نهاية. فهي تتشعب في كل اتجاه وفي شكل شبكة من الأفكار التي تحمل رمزية الفنان، ومنها تنبثق الرغبة في الحلم من نقطة أشد كثافة في نسيج اللوحة اللونية، لأنها اللغة الخاصة بعبود سلمان، فالفكرة في لوحته غير مجانية، وإنما هي ضرورة لأن الجمال تعبير واضح عن الحقيقة”. ومن هنا، تواصل الناقدة “يمكن أن نتساءل: هل لا زالت اللوحة في عالم ضمني وتكوين محكم، أم لا شيء يلوذ بالصمت في عالم اللوحة والفنان؟”. ألوان الفنان الحارة تؤكد انتماء لوحته إلى بيئة محددة، بيئة تمتزج فيها حرارة الشمس بزرقة الماء، وترابيات السهول، ما ينتج عنه عالم مثير من عوالم السحر التي ينطوي عليها عالم الريف عادة، والتي تتدفق في اللوحة في صورة ذكريات قادمة من عوالمه الخاصة، عوالم دافئة أو حارة، لكنها تحمل قدراً من الشراسة في جوانب منها، وهو ما يميزها بهذا التناقض الغريب عن العوالم الحديثة المتصارعة. والفنان إضافة إلى عمله التشكيلي، يمارس النقد والبحث في شؤون الفن التشكيلي، وقد أصدر ثلاثة كتب في النقد التشكيلي هي “شخوص مدينة العجاج” 1999، و”البذور والجذور” 2003، و”ألفة الأمكنة” 2004، وفاز بجائزة النقد التشكيلي على مستوى الوطن العربي التي نظمتها مجلة (الصدى) الإماراتية 2003.
المصدر: دبي ( جريدة الخليج / الامارات السبت 20 أغسطس 2011 02:08 )
20 أكتوبر . 0 دقيقة قراءة
06 أبريل . 3 دقائق قراءة
24 أغسطس . 1 دقيقة قراءة