21 سبتمبر . 3 دقائق قراءة . 530
الزمان: السابعة والنصف صباحاً.
المكان : الشرفة أمام غرفة مكتبي في مكان عملي.
أمامي على سور الشرفة كوب قهوتي الدافئ، وفي ذهني تلعب موسيقى "رق الحبيب"!!
لماذا؟! وفي الصباح؟! ..
لا أعرف .. لا تسألني عن السبب ..!!
لطالما سحرتني موسيقى تلك الأغنية التي تعتبر من الروائع للسيدة أم كلثوم، لا سيما المقدمة الموسيقية لها، أي التي تسبق غناء المطربة.
أعادني هذا في الذاكرة إلى تعليق كنت قد كتبته في صفحة صديق على الفيسبوك، أشرت فيه إلى بعض الظلم غير المقصود الذي يتعرض له كبار الملحنين وأيضاً كبار الشعراء إذ دائماً نقول: أغنية أم كلثوم، أغنية وردة، أغنية أسمهان أو فايزة أو نجاة او عبد الحليم.. الخ مع الاحترام الشديد والعميق بدون شك لتلك الأسماء العظيمة والخالدة.
لكن!
رغم علو شأن تلك الأصوات، ما كانت لتفعل في غياب الكلمة "الحلوة" واللحن "المتسلطن" ؟!
دائماً اسم المطرب هو المتربع على عرش ذاكرتنا خاصة أنه الذي يظهر في الصورة ويقدم الناتج النهائي للأغنية، وتسوّق باسمه، ويغيب في معظم الأحيان ناظم الشعر وباني النغم، وأركز بشكل خاص على الأخير، الملحن! .. ليس تقليلاً من شأن الشاعر بالطبع.
كثيراً ما نلجأ إلى المراجع أو الانترنت لمعرفة أسمائهم،و يتم ذكرها في الإعلام كتحصيل حاصل، كأداء واجب للحفاظ على الملكية الفكرية ليس إلا.
اللحن جزء أصيل من الأغنية، أشبهه بالهيكل أو العمود الداعم الذي يمسك قوام الأغنية (الكلام والصوت)، وفي غيابه يفقد ذاك القوام رونقه، ويتهاوى بسرعة.
أهيم مع ألحان القصبجي مثل رق الحبيب ومدام تحب بتنكر ليه .. وأحلق عالياً مع نغمات السنباطي كالأطلال مثلاً .. ولا داعي لوصف الإيقاعات الرباعية (المصمود) التي لا يجيد غنائها إلا العظماء، والتي يبدع في نظمها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب مثل سيمفونيته جفنه علم الغزل .. !! ..
ولا يفوتني أيضاً ذكر الكوبليه الأخير من أغنية في يوم وليلة الذي يدهشني فيه عبد الوهاب .. كوبليه حبيب أمالي .. بالطبع لا يجوز البتة إهمال اسم مبدع مثل محمد فوزي الذي لا تقل موسيقاه شأناً عن سيمفونيات عالمية شهيرة.
ومنه لفريد الأطرش وبليغ ومكاوي وعمار الشريعي وصولاً لجمال سلامة و العظيمين عمر خيرت وهاني شنودة .. والقائمة تطول ..
هذا وما زلنا نتحدث عن مبدعي مصر فقط ولم نتحدث عن مبدعي سوريا العظام الذين لا يقلون عنهم في شيء، سوى أنهم خلقوا في بلد يهمش كل مبدع ويقصي كل فنان ويستباح فيه كل شيء من قبل مافيات الإنتاج الفني (ومافيات أخرى) التي هي بالأصل شبه غائبة في مجال الغناء، بلد لا يحتفي إلا بفنانينه ومبدعيه إلا وفق شروط ، ناهيك عن رداءة الإعلام وانعدام دوره في هذا المجال (كما في مجالات عديدة) .. آسف لقسوة الكلام .. ولن أحذفه حتى لو رفضت بعض المنصات النشر!!. فلم أذكر سوى طرف الحقيقة والواقع.
للأسف لا أملك الكثير لأقوله فيما يخص موسيقيي سوريا بسبب قلة المعلومات المتاحة والأبحاث بهذا الخصوص، أذكر كأمثلة عاصم سكر وعبد الفتاح سكر وسهيل عرفة.
ولنتذكر .. أن علماء الآثار وجدوا في أوغاريت السورية ما يعتقد أنه أول نموذج تدوين موسيقي في العالم.
أيضاً وأيضاً هناك أسماء وقامات في دول الخليج العربي، لكني لا أريد ذكر المزيد حتى لا أنسى أحداً .. وما ورد هنا كان _ أؤكد مجدداً _ على سبيل المثال فقط، وكل ذلك للإشارة إلى أهمية الموسيقى واللحن، ومنح أولئك المبدعين المكانة التي يستحقونها من حيث ذكرهم إعلامياً، ونؤكد أننا كمستمعين لا نبخسهم حقهم، وأن جزءاً من حبنا للأغنيات الخالدة سببه نسيج اللحن الراقي الذي غزلته أحاسيسهم على الآلات الموسيقية.
المعلومات الواردة هنا بشكل عام هي مما قرأته وسمعته وشاهدته عبر سنوات طويلة، وأي خطأ فيها فهو غير مقصود وهو كذلك واجب التصحيح، لكني تقصدت ألا أبحث وألا أدقق في المعلومات، أردت للكلام أن ينساب مثلما ترجمته مشاعري وذاكرتي في المخ .. ويسكب على الورق والشاشة تماماً دون تمحيص .. كما هو .. فهو ليس درساً في التاريخ الموسيقي، وإنما مجرد صفحة من نغم .. فضفضة من مستمع ذواق شب و شاب على الألحان الراقية والموسيقا الخالدة.