ملخّص كتاب العاقل لـ(يوفال نوح هراري)

11 أكتوبر  .   9 دقائق قراءة  .    4636

تاريخ مختصر للنوع البشري.

 

فيما يلي يقدم لكم فريق مرداد ملخصّاُ لأحد أهم كتب القرن الحادي والعشرين - كتاب العاقل: تاريخ مختصر للنوع البشري، والذي يتحدث فيه المؤلّف بشكل علمي عن أهم المحطات التي عرّفت وشكّلت النوع البشري الذي وصلناه له اليوم.

 


النسخة الإنجليزيّة للملخّص متوفّرة أيضًا على الرابط الآتي: 

https://mirdad.app/articles/3376/Sapiens-A-Brief-History-of-Humankind



اللّغة

على الرغم من أنه لم يكن من البشر الأوائل، إلّا أن الإنسان العاقل جاء ليحل محل جميع الأنواع البشرية الأخرى على الأرض.

اليوم، نحن البشر مميزون جدًا؛ فنحن نسيطر تمامًا على الكوكب، وقد تجاوزنا حدود الأرض لاستكشاف الفضاء وربما احتلاله.

ظهر البشر لأول مرة منذ حوالي 2.5 مليون سنة في شرق إفريقيا، وتطوروا من الجنس المعروف باسم أسترالوبيثكس (Australopithecus). هؤلاء البشر الأوائل، مثل إنسان بحيرة رودولفينسيس  (Homo rudolfensis) والإنسان المنتصب (Homo erectus)، هاجروا في النهاية، تاركين شرق إفريقيا باحثين عن بيئات أكثر ملاءَمةً؛ وقد أدى التكيف مع هذه الأجواء الجديدة إلى تطورها إلى أشكال أقرب من إنسان اليوم؛ فظهرَ الإنسان البدائي في أوروبا وآسيا

.

أمّا الإنسان الحديث، الإنسان العاقل (Homo sapiens)، فلم يظهر إلّا قبل 300,000 عام. ولم تكن هذه الأنواع الجديدة من البشر مميزة بشكل خاص. بالتأكيد، كانت لديهم أدمغة كبيرة، وساروا في وضع قائم، واستخدموا الأدوات، وكانوا اجتماعيين للغاية، وكذلك فعلت الأنواع الأخرى من البشر.

 

وعلى الرغم من أنّ الإنسان العاقل لم يكن يتميَّز بشيء خاصٍّ، إلّا أنّه هو مَن ازدهر وانتشر في العالم، في حين انقرضت جميع الأنواع البشرية الأخرى؛ ذلك أنّ الإنسان العاقل يتمتع بالقدرة على إيجاد الطعام والموارد التي يحتاجها، حتى في أقسى البيئات، بشكلٍ أسهل بكثير من الأنواع الأخرى من البشر.

هذا، وشهد الإنسان الحديث العاقل قدرات عقلية، سمحت له بالمغامرة والوصول إلى أبعد زوايا العالم وأخطرها؛ فَجابَ إفريقيا، وسيطر على أوروبا وآسيا وأمريكا وحتى أستراليا. ومع تأقلم الإنسان العاقل شيئًا فشيئًا مع مظاهر الطبيعة، وانتشار البشرية في جميع أنحاء العالم، ومع تحسينهم لتقنيات الصيد من أجل استمرار عيشهم؛ تركوا أثرًا من الانقراضات في أعقابهم.

 

بدأ الإنسان الحديث العاقل يعبّر عن حاجاته مستخدمًا الأصوات، التي استنبطها من مظاهر الطبيعة، كالرياح والعواصف والشتاء وأصوات الحيوانات، وشيئًا فشيئًا أصبحت له لغته المركّبة؛ ما منحه مزايا كبيرة، وسمح له بالانتشار والازدهار أكثر وأكثر؛ فاللغة هي وسيلة للتعبير عن الحاجات، وربما تكون أكبر فائدة لها هي أنها تساعد في خلق تفاهم مشترك بين أعضاء المجموعة؛ وهذا ما يمنح البشر ميزتهم الفريدة عن سائر المخلوقات.

عاش الإنسان العاقل المبكر في مجموعات صغيرة تبلغ حوالي 150 فردًا لكل مجموعة. ولكن بفضل اللغة التي تطورت من الأصوات إلى الكلمات فالجمل، تمكن من زيادة حجم مجتمعاته بشكل كبير: من القرى إلى المدن، إلى الدول القومية، إلى المجتمع العالمي في العصر الحديث.

 

الزراعة

لجأ الإنسان العاقل إلى الزراعة لتحسين حياته وتأمين قوته؛ فانبرت الثورة الزراعية، أصبح البشر مزارعين بأساليب تلائم قدراتهم؛ مما أدى إلى نمو سكاني هائل.في معظم تاريخنا. وعاش الإنسان العاقل أسلوب حياة بدوي؛ فقد أمضى معظم أسلافنا حياتهم في صيد الفريسة وجمع النباتات، وبدلًا من الاستقرار في منطقة واحدة، كانوا يسافرون إلى حيث يجدون طعامًا وفيرًا وماءً.لكن منذ حوالي 12,000 عامٍ تغير الأمر كليًّا، وبرز ما نسميه  بالثورة الزراعية حين توقف الإنسان العاقل عن الاعتماد فقط على الصيد والجمع، وبدلًا من ذلك بدأ الإنتاج عن طريق زراعة المحاصيل وتربية الحيوانات. في غضون 10,000 عام أو نحو ذلك، استقرت البشرية كلها تقريبًا حول الزراعة، وهو تحول ثوري حقًّا.

نتج عن الزراعة فائض في الغذاء؛ وهذا ما سارع في النمو السكاني؛ فلجأ الإنسان العاقل إلى التجارة وحركة التبادل.

 ومن أجل تسهيل التجارة في المجتمعات الكبيرة، اخترع البشر المال والكتابة. ولكن مع تطور الزراعة، تطور الاقتصاد الذي كان قائمًا على تبادل الامتيازات، إلى نظام المقايضة وتبادل السلع. إلّا أنه سرعان ما ثبت أن اقتصاد المقايضة هذا غير كافٍ؛ فمع استمرار نمو سوق التداول، بات من الصعب العثور على شخص تريد بضائعه ويريد الحصول على سلعك في المقابل.

 

الكتابة

برزت المشاكل تطرح نفسها في مواجهة الإنسان العاقل جرّاء عملية التطور المستمرة... وفي حوالي 3,000 قبل الميلاد، طوّر الإنسان العاقل الكتابة والمال. كان السومريون في بلاد ما بين النهرين أول من فعل ذلك. من أجل تخزين المعلومات اللازمة للصفقات المعقدة، بدأوا في نقش معاملات الأشخاص على ألواح طينية، باستخدام رموز اقتصادية مبسطة. في الوقت نفسه تقريبًا، بدأوا في استخدام أموال الشعير كطريقة موحدة للدفع.كانت البشرية عبارةً عن مجتمعات مشرذمة، كل منها في بقعة ما من الأرض... ولكن مع ظهور 

 

الإمبراطوريات والدين

اتجهت البشرية نحو التوحيد العالمي. وشيئًا فشيئًا ومع استمرار نمو المجتمعات والاقتصادات، أصبح من الصعب تنظيمها والسيطرة عليها.من هنا بادروا إلى ابتكار القوانين لتنظيم سلوك الناس وأنظمة السلطة لضمان إطاعة الناس لهم؛ وهكذا، ولدت المجتمعات الهرمية الأولى، مع وجود ملك أو إمبراطور في القمة، يحكم الجميع، وينضوون تحت ظله.  وفرت الممالك والإمبراطوريات في الماضي قدرًا كبيرًا من الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، كما وفروا بيروقراطية فعالة جعلت القوانين والعادات متجانسة. مع انتشار الإمبراطوريات، نمت الأديان التي تم نشرها بالقوة أحيانًا، وأحيانًا أخرى من خلال عمليات الاستيعاب التدريجي، وتمكن الحكم الإمبراطوري من حشد العديد من المجموعات العرقية والدينية المتنوعة في عدد قليل من الثقافات الضخمة.

 

العلم

مع تطور البشرية أكثر وأكثر، ومع اختراع الخط والكتابة، حدثت الثورة العلمية التي قامت بتحديث البشرية، ومهدت الطريق للتكنولوجيات الجديدة والإمبريالية والنمو الاقتصادي.في القرنين السادس عشر والسابع عشر، اجتاحت أوروبا ثورةٌ علميةٌ، وبدأ الناس يفكرون في كيفية تحسين المجتمع من خلال العلم؛ فقاموا بتطبيق المبادئ العلمية للاستكشاف والتجربة والمراقبة؛ مما ساعدهم على تحقيق قفزات معرفية هائلة في مجالات متنوعة، كالطب وعلم الفلك والفيزياء، وكل تطور من شأنه جعْل المجتمع مكانًا أفضل للعيش فيه.بالإضافة إلى كونه مفيدًا في مجال صحة الإنسان، فقد أثبت السعي وراء العلم أنه مفيد للاقتصاد، وهو أمر سارعت العديد من الحكومات الأوروبية إلى تحقيقه. ومن أجل ابتكار أفكار وموارد جديدة لإثراء دولهم، أغرق الملوك والأباطرة العلماءَ والمستكشفين بالمال. ونمت الاقتصادات الأوروبية نتيجة للاستكشاف والابتكار العلمي. ولكن لسوء الحظ، جاءت المكاسب الأوروبية إلى حد كبير على حساب السكان الأصليين المحليين.

 

المجتمع العالمي اليوم

حالُ المجتمع العالمي اليوم، بإيمانه المركزي بقوة الرأسمالية، هو إرث للإمبريالية الأوروبية. لقد اكتشفنا للتو كيف تم استخدام المنهج العلمي من قبل العديد من الحكومات الأوروبية لتوسيع إمبراطورياتها وزيادة أرباحها، وكيف كان ذلك مفيدًا لها؛ فنجحت بالتأكيد. ومع حلول القرن التاسع عشر، غطت الإمبراطورية البريطانية وحدها أكثر من نصف الكرة الأرضية. مع هذا الامتداد الضخم لها، دفعت الدول الأوروبية بأفكارها إلى كل ركن من أركان العالم، وتم استبدال العادات والثقافات والقوانين المحلية بثقافات عملاقة قائمة على الأعراف الأوروبية، سواء أكانت ديانات غربية أم ديمقراطية أم علمية. وعلى الرغم من اندثار الإمبراطوريات الأوروبية منذ فترة طويلة، إلا أننا ما زلنا نتعامل معها كميراث ثقافي. 

اليوم، سواء أكان الناس يعيشون في البرازيل أم بوتان أم كندا أم كمبوديا؛ فإن معظمهم يعيشون حياة تتمحور حول المال والممتلكات المادية؛ 

فنحن جميعًا لدينا همٌّ أساسي، هو جمْع المال وزيادة دخلنا أو إظهار ثروتنا بملابسنا وأدواتنا.عندما يتم التشكيك في حقائق الدين، تبرز الأيديولوجية الرأسمالية في المقدمة. على سبيل المثال ، بدلًا من الاعتقاد التقليدي بأننا سنحقق السعادة في الحياة الآخرة، نركز في الوقت الحاضر على تعظيم سعادتنا على الأرض؛ ما يقودنا هذا إلى البحث عن المزيد والمزيد من المنتجات والخدمات المصممة لإسعادنا وشرائها واستهلاكها.

 

المستقبل

ينظر العلماء حاليًّا إلى المستقبل متطلّعين إلى التطوير والعمل على مكافحة كل ما يخافون منه؛ لذا فهُم يخطون خطوات كبيرة في مجالات مثل التكنولوجيا الإلكترونية ومكافحة الشيخوخة. في مجال الإلكترونيات الحيوية، يعملون على دمج الإنسان بالآلة. أما في مجال مكافحة الشيخوخة، فيحرز العلماء أيضًا تقدمًا سريعًا.إذن ما الذي يمنعنا؟ حسنًا، في الوقت الحالي،

 الدراسة العلمية في هذه المجالات محدودة بسبب القيود القانونية المختلفة القائمة على المخاوف الأخلاقية.لكن هذه الحواجز لا يمكن أن تدوم إلى الأبد. 

إذا اكتسبت البشرية أدنى فرصة للعيش إلى الأبد؛ فمن المؤكد أن رغبتنا في الوصول إلى ما نريد ستزيل كل العقبات وتفتتها.من المحتمل، في المستقبل غير البعيد، أن نغير أجسادنا نحن أجناس البشر العاقل، بشكل جذري من خلال العلم، لدرجة أنه من المحتمل أن لا نُسمّى الإنسان العاقل على الإطلاق. بدلًا من ذلك، من الممكن أن نصبح نوعًا جديدًا تمامًا، نصف عضوي ونصف آلة.من المحتمل جدًا ظهور هذا النوع الجديد من البشر الخارقين؛ والسؤال الحقيقي الوحيد هو: متى؟

 

تلخيص فريق مرداد

 ترجمة صفاء الشيخ لصالح فريق مرداد

 
  6
  3
 1
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال
لينا شباني
11 أكتوبر
نوعًا جديدًا تمامًا، نصف عضوي ونصف آلة... أعتقدنا بدأناه بشكل أو بآخر. هناك فيلم لشارلي شابلين نسيتُ إسمه، يصور عامل المصنع وقد أصبح جزء من آلته، بعد أن اعتاد تحريك يديه مع تروسها. اليوم نحن جزء من هواتفنا الذكية، أفلسنا نصف بشر؟ ونصف آلات؟
  1
  1