03 ديسمبر . 2 دقيقة قراءة . 1013
يختلفُ مفهومُ الانجابِ مِنْ مجتمعٍ إلى آخرَ ومنْ ثقافةٍ إلى أخرى، فهو مرتبطٌ بطريقةِ التربية والمستوى الثقافي ،كذلك يتأثّرُ بالتّحصيلِ العلميّ وبالنّضوجِ الفكريّ والسّلامةِ النفسيّة.
"أكثِري مِنَ الإنجابِ فالأولادُ يساعدونَ العائلةَ ويُعينونَ أهلَهُمٌ في شيخوختهم.إنجابُ الذّكورِ ضرورةٌ مُلِحّةُ للحفاظِ على اسمِ الأبِ وديمومةِ العائلة؛ أمّا الإناثُ فخِلْفتُهُمْ لا بأسَ بها لمساعدةِ الأمّ في الأعمالِ المنزليّةِ وإعانتها في مرضها".
مفهومٌ سادَ في عقولِ النّاسِ ولم يزَلْ ، بلْ تفكيرٌ مريضٌ يدمّرُ المجتمعاتِ ويخلقُ جيلًا فاسِدًا.
فالانجابُ هدفُهُ أسمى مِنْ ذلكَ إذ أنّهّ يُحقّقُ حُلمَ الأمومةِ والأبوّةِ وحبَّ تأسيسِ العائلة.
والأمومةُ شعورٌ رائعٌ تتجلّى فيه أسمى معاني الحُبّ والتضحيةِ والتفاني في سبيلِ إسعادِ هذا المولودِ الجديدِ، وبنفسِ الوقتِ استيعابُ متطلّباتِ المرحلةِ المقبلةِ والمسؤوليّاتِ الملقاةِ على عاتقنا. فالتّربيةُ لاتقتصرُ على تأمينِ الغذاءِ والملبسِ وعلى إرسالِ الولدِ إلى المدرسةِ بلْ هيَ معرفةُ التّعامُلِ معَ سلوكيّاتِ الطّفلِ وتعزيزُ الصّفاتِ الحسنةِ لديهِ وقدرةُ السّيطرةِ على السّيّئةِ منها. هيَ زرعُ الإنسانيّةِ داخلَ أطفالِنا وخلقُ شخصيّةٍ واثقةٍ مِنْ نفسِها محمّلةٍ بالمعرفةِ الضروريّةِ والثقافةِ الغنيّة.
أمّا السّلامةُ النّفسيّةُ فهيَ الأكثرُ خطورةً بمفهومِ التربية؛ لِنُحافظَ على السّلامةِ النّفسيّةِ للطّفلِ يجبُ أن يتربّى في بيئةٍ حاضنةٍ تحميهِ منَ الشّوائبِ وتعلّمُهُ تخطّي الصّدماتِ وتقفُ جانبَهُ في كلّ حادثٍ يتعرّضُ لهُ وتواكبُ نموّهُ الفكريّ،النّفسيّ والجسديّ.
أمّا حُلمُ تأسيسِ العائلةِ فهوَ طموحٌ كبيرٌ لا يتحقّقُ بالانجابِ إنّما بطريقةِ تعامُلِ الأفرادِ المًكوّنةِ لهذه العائلةِ بينَ بعضهم البعض. الحُبّ، الإحترامُ والتعاونُ هي أعمدةُ العائلةِ النّاجحةِ، لا أفرضُ على أطفالي مساندتي ومعاملتي بل أعلّمُهم أنّ العائلةَ كيانٌ متماسكٌ ندعمُ بعضَنا، نتشاركُ الأفراحَ والمآسي، نقدّمُ لبعضنا البعضَ دونَ أنْ ننتظرَ مقابلًا، وعلى الأبِ والأمّ المبادرة بهذه التصرُّفاتِ فلا نمنّنَ أطفالنا بما قدّمناهُ لهم ولا نذكّرهم بضرورةِ معاملتنا في المثل. العائلةُ تعاملٌ سامٍ مترفّعٌ عنِ المادّيّاتِ فلا أثمانَ ولا ديون.