تخلصوا من ملابسكم!

Kenan Dumat

19 فبراير  .   0 دقيقة قراءة  .    340

ما رأيكم أن نخرج عراة إلى الشارع، نمارس حياتنا المعتادة؟! أو على الأقل نخرج عراة من غرفنا فقط؟! 

أظن أن مجرد قراءة تلك الكلمات قد أصابتكم بالفضول والذهول وربما النفور كذلك! .. 

حصل معي الأمر ذاته حين كنت أقرأ مقالاً يلخص فكرة ما مستخدماً الأسلوب والتشبيه نفسه، خاصة أن قراءة أو سماع كلمة (التعري) سرعان ما تقود عقلنا الباطن _ أو يقودها هو _ إلى اتجاه واحد .. المعنى الحرفي .. التخلص من الملابس.

لكن الحقيقة أن المقصود كان التعري من ملابسنا النفسية إذا جاز لي التعبير. 

جميعنا بلا استثناء نرتدي في حياتنا اليومية أثواباً ليست لنا، أثواب من كلمات ومواقف وأفعال وردود أفعال لا تشبهنا ولا تمثل طبيعتنا ولا تعبر عن شخصيتنا الحقيقية، كأن ندّعي صفة ليست فينا أو نظهر وجهاً غير وجهنا الحقيقي.

نحاول بملابسنا الزائفة تلك أن نخدع العالم وأن نظهر بالصورة المثالية المستحبة والمرضي عنها مجتمعياً، ندفن بها روحنا الحقيقية، ناسين أو متناسين أننا لا نخدع بذلك سوى أنفسنا، وأننا قد نتجرد من تلك الملابس فجاة دون سابق إنذار عند أي موقف أو اختبار نتعرض له.

مرة سألت نفسي في جلسة مع الذات، بينما كنت أفكر في واحدة من "عيوبي" .. الخوف من الحشرات! 

لماذا أحاول أن أخفي ذلك دائماً؟ ما الفائدة من الانكار؟! هل أتفادى الإحراج مثلاً أو التعليقات الساخرة؟! 

وجدت صراحة أن إحراجي سيكون مضاعفاً نتيجة ردة الفعل التي قد تصدر مني في أي موقف علني محتمل أو اختبار يحتوي مواجهة مباشرة مع أي صنف من الحشرات! 

إذاً؟! ماذا بعد؟! 

لا شيء .. أنا أخاف الحشرات وأشمئز منها، لا أستطيع مع هذا الأمر شيئاً، فليقولوا ما شاؤوا وليسخروا مهما طاب لهم .. لم أعد أهتم.

عداوتي مع الحشرات ليست سوى مثال أو حالة من حالات كثيرة أردت به توضيح معنى السطور، وإظهار أهمية أن نسير عراة، أي صادقين، واضحين مع أنفسنا أولاً، واضحين بعيوبنا. وهذا لا يعني بالضرورة أن نجاهر بها، إنما يكفي _ على أقل تقدير _ أن لا ندّعي ما ليس فينا، وأن لا نطلق الأحكام على الآخرين، ونتذكر دائما ً أننا كنا أو قد نكون مكانهم يوماً ما.

التخلص من الملابس التي لا تناسبنا هو أولاً احترام لذواتنا واحترام لأي شخص آخر قد يرغب في الاقتراب منا لأنه عندها سيعلم جيداً من نحن وما هي أطباعنا، وهو ثانياً وقاية لنا من كل أشكال الابتزاز والتخويف.

فلنتوقف إذاً عن ارتداء أثواب ليست لنا، أثواب تكشف أكثر مما تستر، ولنتوقف عن خداع أنفسنا فلا نتصنع شخصية جديدة.

لنترك كل الملابس المستعارة والأقنعة المزيفة خلفنا ونتعلم السير عراة!.

  5
  5
 2
مواضيع مشابهة
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال
Ahmad Chaaban
19 فبراير
أتعرى، لأُخفي عرياً أكبر...
  1
  1
 
عادل خالد الديري
22 فبراير
أعتقد أننا إذا تمكنا من تعريف ذاتنا، بمعنى من نحن كأفراد؟ ماذا نريد؟ ما هو جوهر وغاية وجودنا؟ سنكون في حالة سلام وقبول لأي عيوب تعتري هذا الوجود طالما أنها لا تؤثر على غاية وجودنا التي حددناها لأنفسنا. وإن كانت تؤثر فيه، بلا يعني هذا أن نخبئها بل أن نعمل منهجيا على التعامل معها أو الاتفاف عليها لكي نخفف من أثرها.
  1
  1
 1