القلق على الورق

Maher

27 فبراير  .   4 دقائق قراءة  .    512

القلق على الورق

كن واعيا بالقلق كيف يلفّق القصص
لأن أكثر مكان قد يسكن فيه المرء اليوم هو القلق!


لن أسأل علام نقلق 
لأن الأشياء التي نقلق من أجلها تبدو متقاربة
لكن لم نقلق من أجل كل تلك الامور، هو السؤال الذي يرينا حقيقة أننا نلفّق قصص قبل حدوثها، تمهيدا لحدوثها أو تجنبا لحدوثها دون أن ندرك أن القلق يشل الوعي،
لتنطلق القصص الملفّقة عبر الفكر والمشاعر، عبر العضلات والأعصاب فتسد مكان وتعرقل الحركة في آخر وتثقل هنا وتتسبب في لاتوازن هناك لتنتج الاعتلالات العضوية والأمراض.

 

واقع المرء اليوم أنه هو القلق، لا ينفصل عنه
لذلك نصيحة "تجنب القلق" تعني تجنب نفسك 
وهي نصيحة ليست بطّالة 
لكن لن توفق أن تتجنبك، أن تتجنب نفسك يوميا! 
قد تتجنب التدخين، تتجنب كثرة الجلوس، تتجنب السهر... ثم تعود إليك، على فرض أنك إن تجنبت العادات الضارة فإنك ستعود إلى ذلك الأنت الخالي البال، المليء بالزهور و الإسترخاء، لكنك لست كذلك!
ربما توحي لك الأنشطة الإيجابية أنك كذلك 
فممارسة الرياضة بأنواعها تدفّق لهذه الطاقة فيك. 
إلا انه ستنطلق في الرياضة أيضا كما تنطلق في الحياة، وستنظر إليها كما قد سبق ونظرت إلى الحياة! 
إنظر إن حتى كلمة "حياة" كافية لتفهمك أنها عبارة عن حركة منسابة 
لكن الحياة أصبحت للكثيرين غير هذه الكلمة.

فإذا كان الانسان قد حوّل الحياة إلى هذا الشكل لا شك أنه سيوقع أيضا الأنشطة الإيجابية في نفس المأزق.

 

ها هي البارحة بدأت اليوغا، واليوم بعد مرور عشر سنوات تقلق على دخلها إن أقفلت الدولة مركزها بسبب جائحة كورونا!

 

ها هو قد نال شهادة الدكتوراه في اختصاصه، لكنه بدأ يقلق كونه اكتشف أن العلم ليس كل شيء في الحياة!

 

ها هم البارحة قد حلمو في تأسيس شركة الأحلام والآن بعد أعوام يقلقون أن تنخفض نسبة الأرباح ثلاثة بالمئة!

 

إذن، أرأيتم أيا يكن الأمر، المرء في قلق 
أي أن المرء هو القلق.

 

عزيزي لا تقلق فأنت القلق نفسه

 

إذن إلى الآن قدمنا نصف الحقيقة، 
وهي : أن المرء هو القلق 

بمعنى أنه غير منفصل عنه
أمّا نصف الحقيقة الآخر 
هو أن تحيا دون ملفّق القصص، دون القلق
وهذا لن يحدث هكذا بمجرد أن تشرب أو تتعاطى أو تتخدر أو أن لا تبالي بالعالم أو أن تمارس الهدوء طول اليوم، بل في أن تعرف نفسك، وأن تعرف كيف أنها تقلق 

 

اغمض عينيك، تجوّل وكأنك دون القلق 

من ستكون أنت وكيف سيكون شكل حياتك دون القلق؟ 

في أي مكان أنت الآن؟ تخيّل

كيف تشعر؟ 

خذ وقتك…

 

 

افتح عينيك، 

في التخيل كنت تحتوي الحياة، تتحرك لتحتويها 

 

في الواقع ربما نقيض ذلك…

 

بقي أن نؤكد حقيقة وجود من لا يقلق 

لكن لنسأل ونتفكر من هم الذين لا يقلقون؟ 

فعلا لايقلقون؟ 

يجيب أحدهم: الميتون! 

 

لا، لنتفكر متسائلين متأملين في معنى السؤال فحسب 

وسيحمل الفكر بنا إلى حيث ينظرون …

 

 

تمرين بسيط: 

كم مرة قلقت الأسبوع الماضي؟ 

 

ماهي الأمور التي أقلقتك؟ 

 

هل تتذكر كيف قلقت آخر مرة؟ 

ماذا شعرت وكيف أحسست حينها؟ 

 

هل تعير موضوع القلق أهميته وتبحث فيه داخل نفسك أم تكتفي في البحث عنه خارجا؟ 

 

 

 

 

 


 

 

 

 

  4
  3
 0
مواضيع مشابهة
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال