02 أكتوبر . 3 دقائق قراءة . 1453
الكتاب: عنبر رقم 6
الكاتب: أنطون بافلوفيتش تشيخوف
التصنيق: قصة قصيرة
جلسة: كيف نقرأ في 2022-5-25
نبذة عن حياة تشيخوف
وُلد أنطون بافلوفيتش تشيخوف في 29 يناير 1860 في تاغانروغ في روسيا، فهو طبيب وكاتب مسرحي ومؤلف قصصي روسي كبير. ينظر إليه على أنه من أفضل كتاب القصص القصيرة على مدى التاريخ، ومن كبار الأدباء الروس. كتب المئات من القصص القصيرة التي اعتبر الكثير منها ابداعات فنية كلاسيكية، كما أن مسرحياته كان لها تأثيراً عظيماً على المسرح العالمي. سمح لنا من خلال قصصه وأعماله بالدخول إلى واقع قصير، لواقع بديل، لفترة قصيرة جدا، واستعاد لنا الواقع في قصصه بأسلوب راقي وسامي حيث تبدو علاقته الحميمية بالمناظر الطبيعية والعلاقات الإنسانية، فقد كانت علاقة محورية لم تنغمس في عالم المجتمع وفيض الشخصيات. تعكس الصورة في قصصه برهافة الشكل وانغماس الحياة فيها بصورة قاتمة كئيبة، جعلت منه فنانا ملازما لحياة البؤس والتعاسة، كما أن تصويره للشخصيات بأحاديثها وأحداثها جعلها كافية في طرح القصة. من أشهر أعماله القصصيّة " السيدة صاحبة الكلب" و "عنبر رقم ٦" ، وقد لاقت قصته القصيرة "The steppe " نجاحا كبيرا ونال عنها جائزة يوتشكون في عام 1888. ومن أهم مسرحياته "Ivanov " و The wood demon” " والتي ظهرت عام 1889.
من كتاباته الأدبية القصصية القصيرة الكثيرة العنبر رقم 6
ملخص الرواية
تدور أحداث هذه القصة في مستشفى للأمراض العقلية يطلق عليها اسم العنبر رقم 6... والمستشفى الذي تدور فيه الأحداث هو مستشفى ريفي، سيّء التنظيم وشديد القذارة.
في العنبر المذكور يعيش خمسة وعشرون مريضاً عقلياً عيشة تغلب عليها الفوضى، إذ لا يعتني بهم سوى حارس واحد يسمى "نيكيتا" ، يُقدّم إلينا منذ ظهوره الأول قاسياً وعنيفاً، لا يتورع في كل مرة عن ضرب مرضاه لكمات قوية لكي يدفعهم إلى الهدوء حينما يثورون أو تحل بواحد منهم نوبة عصبية. وذات يوم، يحدث على سبيل الصدفة، أن يمر بالعنبر رقم 6، الدكتور "أندريه افيمفيتش"، وهو طبيب شاب يتولى مسؤولية المستشفى ويبدو زاهداً في كل شيء، وغير راض عن أوضاع أهل بلده، يشعر بمرارة كبيرة وإضافة إلى هذا الموقف العام من أحوال البلد ومسؤوليه. حين يمر بالعنبر رقم 6، يدهشه أن يلتقي بواحد من المرضى يسمى "إيفان" ليكتشف أنه مريض مختلف فهو ذكي واع، ومطلع على أحوال العالم، حتى وإن كان يعاني من عقدة الاضطهاد.
وهكذا، بعد التعارف الأول وبعد أن يكتشف كل منهما الآخر، و يصبحان صديقين... يصبح في وسع الطبيب منذ ذلك الحين أن يمضي أمسياته في المستشفى يتجاذب أطراف الحديث مع صديقه المريض، فيخوضان في مساجلات وحوارات متشعبة تطال أوضاعهما والأوضاع العامة في البلاد. ذات مرة يمر بهما مساعد الطبيب، ويفاجأ بهذا الحوار بين الطبيب والمجنون... ويستنتج من هذا أن رئيسه صار مجنوناً بدوره... إذ هل يمكن أن يتحدث إلى مجنون سوى مجنون مثله؟ وإذ ينقل المساعد هذا الخبر إلى الإدارة يكون موقفها مشابهاً لموقف المساعد، ما يجعل الطبيب الذي يجابَه بالأمر، يقدم على الاستقالة من عمله،كنوع من خيبة الأمل...
ثم بعد أحداث عدة ومتنوعة، وبعد تصرفات من قبل الطبيب باتت تؤكد ظاهرياً على الأقل ما يذهب إليه مساعده والإدارة، ينتهي الأمر به إلى أن يودع الطبيب في العنبر رقم 6، كمريض هذه المرة... لا كطبيب. ففي ذهنية هؤلاء المسؤولين الريفيين لا يمكن لشخص أن يتحدث بالعقل وبالحجة... وتحديداً مع مريض مجنون، إلا أن يكون فاقداً عقله بدوره. وهكذا يتحول طبيبنا إلى مريض في نظر المدير ومساعديه لغاية في نفسهم ، ثم تكون له مجابهته الأولى مع الحارس القاسي "نيكيتا"، الذي كان الطبيب قد نهره وعارضه وعاقبه مراراً وتكراراً من قبل.
خلال هذه المجابهة، وإذ يبدي "أندريه" رغبته في الخروج من العنبر لاستنشاق بعض الهواء، يفاجئه الحارس بضربة قوية على رأسه تقتله من فوره بسبب داء قديم كان يعاني منه. تنتهي أحداث الرواية بموت الطبيب.
الخاتمة
هذه الحبكة هي التي وظفها الكاتب بمعقولية عالية كاشفاً زيف الادعاء من قبل النفوس المرائية والغبية والبليدة التي تتحكم بمصائر الناس وبخاصة المثقفين والعلماء والمخلصين في العمل، حتي يؤدي بهم إلى الجنون، كما حدث لبطل قصتنا "أندريه" ومريضه المثقف"إيفان" محضر محكمة سابق. مازالت بعض أعمال تشيخوف تعرض على شاشات السينما الروسية، حيث عرض فيلمٌ للمخرج كارين شاهنزاروف عن روايةِ العنبر رقم 6. حافظ هذا الفيلم على موضوع القصة، ناقلا الأحداث إلى زمننا المعاصر، كاشفا عن تلك المأساة التي يعيشها الإنسان المثقف والنزيه في عالم من الانتهازية والزيف. فهو إذن يتطلع إلى ربط الواقع المعاش والجمال والقبح بالماضي وبالحاضر لذلك ظل أدبه شريان المفكر يعبر به نحو السرمدية.
يقول تشيخوف "أن شطراً كبيراً من سعادة الإنسان لا يكون إلا في خياله، نعم في الخيال. هذا قدر البشر، عليهم أن يؤمنوا حتى بما هو غير واقعي وغير موجود حتى يستشعروا لذة السعادة."
كتابة سهام جبريل وداليا العطا