آخر الزمان

09 يوليو  .   5 دقائق قراءة  .    181

 

عاث البشر فساداً في الأرض، دمروها بعد أن أصلحها الله، وأقاموا على أنقاضها غاباتٍ افتراضيةـ تديرها عقول فولاذية. 

ضجت الأرض بما حملت، ابتلعت نفطها انتقاماً، وتقيأت براكينها لتحرق الأخضر واليابس تحت أقدام "الكائن الكافر" الذي أوجده الله على ظهرها. 

انتقمت الأرض لثرواتها، وخلفت "الكائن الطفيلي" أشبه بالسباع، يفترس بعضه بعضاً ليُشبع جوعه. 

في دولة "عجبستان"، لم يعد للزعماء من وسيلة للتنقل سوى... ظهور المقهورين الفقراء من الشعب المستلب قراره. كان الفقير يبيع ظهره للزعيم

يركبه من أجل حضور الاجتماعات التي ترسخ أحقيته بركوب "ظهور الناس"!

 

"مظلوم البغل" كان الوحيد في تلك البلاد الذي لم يبع ظهره بعد للزعيم، فظهره اعتاد على حمل الصعاب والأهوال، لكنه يرفض أن يحمل (......) كلمة لم يعد ينطقها أمام زوجته المدافعة الشرسة عن الزعماء، فهم "تاج راسنا يا بغل"... يحتد عليها "مظلوم البغل" ويشتم سلالتها المنحدرة من شياطين الساحر "سام"، ويكيل السُباب المقذع لأجدادها أزلام السفارات. 

وتستمر مباراة الشتائم بينهما، إلى أن يخلع "البغل" نعله ويضربها وهو يزعق: ولك يا بنت (الـ....) افهمي... أنا اسمي بغل لأني قوي مش لأني "بلا فهم" متل أبوكِ...
ويستمر بضربها إلى أن تقبِّل يده وتطلب السماح، فيتركها.

 

زاره في الحلم والده، كان يحمل بيده سوطاً، طرقه أمام رأس مظلوم وقال: يا ابني يا مظلوم... اسمعني منيح.

انتبه مظلوم لوالده وقال فزعاً: خير يا بيي شو في؟

 أشار الوالد بيده وقال: شوف يا مظلوم ماذا حصل لبائعي ظهورهم للزعماء والحُكَّام. 

نظر مظلوم البغل إلى البعيد، فرأى جحافل من الكائنات ظهورها محنية، تأكل كالبهائم، كلما حاولت رفع ظهورها، نزل عليها غضب السياط. 

فأكمل والده: إذا سمعت كلمة مرتك "الهبلة" وبعت ظهرك للزعيم رح ارجعلك واجلدك.

أجاب مظلوم بوجل: والله يا بيي ما عم طاوعها... والله ما رح طاوعها.

استفاق من نومه مذعوراً، وانهال على زوجته ضرباً، وهو يقول: ظهري ما رح بيعوا... ما رح بيعوا. 

 

... وطال زمن الفاقة، والجوع بدأ يقطِّع أوصال الحياة، وأتى حينٌ من الدهر اضطرت الدول خلاله لاستخدام "الدواب" لنقل الأمتعة والمواد الغذائية... ونقل كل ما يتعلق بمعيشة الناس. 

ذات ظهيرة خانقة، وأشعة الشمس ترسل لهيب أشعتها على الأرض، كان "مظلوم البغل" يحاول أن يجد في الحقل أي شيء ليأكله، وإذ بأحدهم يجر حماراً على ظهره حمولة من الشعير، كان ينظر إليه "مظلوم البغل" بحسد، فأقله بعد وصوله إلى الزريبة سوف ينال قليلاً من العلف. وإذ!... تهالك الحمار وبَرَك على الأرض لشدة تعبه، زعق به صاحبه "مقهور الدب"، فلم يستجب.

تقدم "مظلوم البغل" منه وقال له: حرام شكله تعبان.

فأجاب "الدب": لكن الحِمل الذي يحمله يجب أن يصل إلى قرية (....) ففيها أطفال يكادون يموتون جوعاً.

فأجاب مظلوم البغل: إن حملتُ لكَ الحِمل هل تعطيني مقداراً من الشعير يكفيني وزوجتي؟
ابتسم "الدب" وقال: أقبل.

عندما روى لزوجته ما فعله، سخرت منه وأجابت: أجَّرت ظهرك ليحمّلوا عليه شعير؟ ورفضت تبيع ظهرك للزعيم اللي رح يطعمك لحم؟... عن جد انك بغل.
انهال عليها ضرباً بحبلٍ كان في يده وقال: باكل شعير، بس ما ببيع ضهري لزعيم. 

 

من مجموعة “هرج ومرج” - قصص قصيرة

 

 

 

  0
  0
 0
مواضيع مشابهة

07 سبتمبر  .  1 دقيقة قراءة

  0
  0
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال