طقوس في معبد الحزن

07 سبتمبر  .   2 دقيقة قراءة  .    28

Illustrated AI art

١ – رماد

في داخلي
مدنٌ مهجورةٌ من الضوء،
تتجوّلُ فيها أرواحٌ بلا وجوه.
الحزنُ عندي
ليس وجعاً عابراً،
بل قارةٌ غارقةٌ
في محيطٍ من عتمة،
تتنفّسُ من ثقوبِ صدري.

حين أنام،
يُفتحُ في قلبي ممرٌّ سرّي،
تتدفقُ منه ذئاب من دخان،
تنهشُ جدرانَ أحلامي
وتتركُ فوقها
وشوماً من رماد.

 

٢ – الغرق

أمشي كظلٍّ مكسور،
تلاحقني مرايا بلا زجاج،
تعكسُ وجوهاً
لم تعد تخصّني.
الحزنُ، أيها الغريب،
شجرةٌ سوداء
تمتدُّ جذورها في دمي،
وكلّ ثمرةٍ أقطفها
تتحوّلُ حجراً
يسقطُ في أعماقي.

ولأنني لا أعرفُ
كيف أنجو،
أصيرُ بحراً يبتلع نفسه،
موجةً تنكسرُ
على شواطئ الغياب.

 

٣ – المعبد

أدخلُ الحزنَ
كما يدخلُ الغريبُ كهفاً
لا يعرفُ نهايته.
الجدرانُ من صمتٍ ثقيل،
والهواءُ رطبٌ
كدموعٍ قديمة.

كلُّ خطوةٍ
توقظُ صدىً مكسوراً،
كأنَّ أرواحاً منسية
تتنفّسُ في العتمة.

أرى شموعاً مطفأةً
تحملُ أسماء أحبّتي،
كلُّ شمعةٍ انطفأت
حين غادروا.
أمدُّ يدي لأوقدها،
لكن أصابعي
تصيرُ دخاناً.

 

٤ – البئر

أعمق… أعمق،
يستقبلني دهليزٌ آخر،
وجوهٌ من رماد
تسألني بلا صوت:
«متى تنسى؟»
ولا جواب لي
إلا دمعةٌ
تتشبّثُ بعينيّ كالمسمار.

أجلسُ عند بئرٍ معتم،
أرمي فيه قلبي،
فيعود إليّ
كحجرٍ بارد.
أدركُ أن البئرَ
عطشانٌ مثلي،
وأنني لن أجدَ ماءً
في هذه الصحراء .

 

٥ – المرآة

أمضي كأنني أبحثُ عن ضوءٍ
لا وجود له،
أفتّش عن نفسي
في مدينةٍ بلا خرائط.

أسمعُ في البعيد
أغنيةً حزينة،
قيثارةٌ مكسورةُ الأوتار،
لكنّها مع ذلك
تصرُّ على البكاء.

وحين أصلُ
إلى آخر الكهف،
أصادفُ جداراً
كمرآة سوداء،
تعكسني وحيداً،
ممزقاً،
وفي عينيّ بحرٌ
يغرقُ فيه الليل.

 

٦ – الوهم،
وسطَ العتمةِ الكثيفة،
تلمعُ شرارةٌ صغيرة…
أمدُّ يدي المرتجفة نحوها،
فأراها تبتعدُ
كما يبتعدُ السراب
في صحراءٍ عطشى.

أتساءل:
هل هي فجرٌ يتخفّى
في ثوبِ وهمٍ؟
أم مجرّد خدعةٍ أخرى
يصنعها الحزنُ
ليمدّد إقامتي؟

وأبقى،
بين يديّ رمادٌ
وفي عينيّ شرارةٌ
لا أدري
أهي حياةٌ تتشبّث،
أم موتٌ
يتنكّر في هيئةِ ضوء

 

منذر ابو حلتم 

  0
  0
 0
مواضيع مشابهة

20 أغسطس  .  1 دقيقة قراءة

  1
  4
 0

21 فبراير  .  2 دقيقة قراءة

  7
  5
 0

09 أبريل  .  2 دقيقة قراءة

  0
  5
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال