أنا هو… وأنت العدم

02 نوفمبر  .   2 دقيقة قراءة  .    7

لم ولن نفترق


أراكِ مغرومةً بِهِ وتَتَغَنَّيْنَ بِحُبِّهِ لَكِ!

اِسْمَعِينِي جَيِّدًا وَحَاوِلِي أَنْ تَرْتَقِيَ قَلِيلًا، وَآسِفَةٌ، حَاوَلْتُ أَنْ أُحَاكِيَ عَقْلَكِ، وَلَكِنَّنِي لَا أَسْتَطِيعُ الاِنْحِدَارَ أَكْثَر.

 

كَيْفَ لِطَائِرٍ عَاشِقٍ لِلْحُرِّيَّةِ أَنْ يَدْخُلَ القَفَصَ بِإِرَادَتِهِ؟

 

كَيْفَ لِشَجَرَةٍ أَنْ تُثْمِرَ وَجُذُورُهَا مَقْطُوعَة؟

كَيْفَ لِقَمَرٍ أَنْ يُنِيرَ اللَّيَالِي وَضَوْءُهُ مَحْجُوب؟

كَيْفَ لِمُغَنٍّ أَنْ يُحْيِيَ حَفَلَاتٍ وَصَوْتُهُ مَبْحُوح؟

كَيْفَ لِرَجُلٍ أَنْ يُحِبَّ وَيَعْشَقَ وَهُوَ مَسْلُوبُ القَلْب؟

 

حَبِيبُكِ الَّذِي تَتَغَنَّيْنَ بِهِ قَفَصُهُ الصَّدْرِيُّ فَارِغٌ، وَبَقَاؤُهُ عَلَى قَيْدِ الحَيَاةِ مُعْجِزَةٌ مِنْ مُعْجِزَاتِ القِدِّيسِينَ.

 

مِنْ أَوَّلِ نَظْرَةٍ سَلَبْتُهُ قَلْبَهُ، أَحَبَّنِي حَتَّى الجُنُونِ، تَاهَ فِي دَهَالِيزِ شَخْصِيَّتِي. قُبْلَتِي كَانَتْ تُوقِدُ النَّارَ فِي دَاخِلِهِ، وَلَا يُطْفِئُهَا إِلَّا مُرُورُ كَفِّي عَلَى جَسَدِهِ.

كُنْتُ المَلِكَةَ فِي أَحْضَانِهِ، رُجُولَتُهُ الحَنُونَةُ سَحَرَتْ أُنُوثَتِي.

 

إِلَيْكِ بَعْضُ الأَسْئِلَةِ يَا عَزِيزَتِي:

أَيَسْكَرُ مِنْ رَائِحَةِ جَسَدِكِ؟
أَيَبْكِي فِرَاقَكِ وَهُوَ يُقَبِّلُ يَدَيْكِ؟
أَيُطْعِمُكِ بِيَدَيْهِ مُتَقَصِّدًا أَنْ يُلَامِسَ شَفَتَيْكِ؟
أَيَنْظُرُ إِلَيْكِ لِسَاعَاتٍ وَهُوَ يُدَاعِبُ شَعْرَكِ؟
أَيُغَازِلُ جَسَدَكِ وَهُوَ مُلْتَحِمٌ بِكِ؟
أَيَخَافُ عَلَى خُصْلَ شَعْرِكِ مِنْ نَسْمَةِ الهَوَاءِ؟
أَيَغَارُ عَلَيْكِ مِنْ ثَوْبِكِ الفَضْفَاضِ؟
أَيُحِبُّكِ فِي أَضْعَفِ وَأَقْوَى أَوْقَاتِكِ؟

حَتْمًا سَتُجِيبِينَ: لَا، لِأَنَّكِ لَسْتِ أَنَا!

 

أَنَا هِيَ سَارِقَةُ قَلْبِهِ، وَهُوَ أَسِيرُ هَيَامِي.

لَرُبَّمَا تَسْأَلِينَ: لِمَ افْتَرَقْنَا؟

نَحْنُ لَمْ وَلَنْ نَفْتَرِقْ، أَرْوَاحُنَا مُتَعَانِقَةٌ دَائِمًا وَأَبَدًا. افْتَرَقَتْ أَجْسَادُنَا وَالشَّوْقُ يَنْهَشُ بَقَايَانَا.

أَنَا هُوَ، وَأَنْتِ العَدَمُ.

  0
  0
 0
مواضيع مشابهة
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال