23 فبراير . 9 دقائق قراءة . 922
أتريد أن تجعل العالم أفضل ومستدامًا وتحبط لأنك لا تعرف كيف؟ انتظر! الامر لا يقتصر فقط على دور الحكومات والسياسات البيئية والدولية بل لنا دور مهم كأفراد لا غنى عنه.
والامر سهل ينطلق من مبدأ قرارات بسيطة يمكنها أن تحدث الفرق وفرق شاسع أيضًا وتترك تأثيرًا كبيرًا على البيئة. فلا تستهن بها!
لكن كيف لنا أن نتعرّف على الخطوات التي تساعد الفرد بأن يقوم بعمليّات مستدامة واعتماد طرق العيش المستدام؟ من هذا المنطلق، لجأنا الى مقابلة صحفية مع ثلاث ناشطات عبر موقع انستغرام يخبرونا عن تجربتهم في مجال الاستدامة ونصائحهم في هذا المجال.
حنان من السويد
حنان ٤٢ عام هي صاحبة موقع s.u.s.t.a.i.n.a.b.l.e@ على الانستغرام، خريجة الفيزياء من الجامعة الاردنية وخرّيجة الطاقة الصديقة للبيئة والاقتصاد البيئي، كما خرّيجة التنمية المستدامة من جامعة استوكهولم. تخبرنا عن قصتها في مجال الاستدامة؛ اذ بدات بحسابها على الانستغرام عندما رأت عدم وجود وعي كافي للمفاهيم البيئية على الرغم من وفرة المواقع التي تتكلّم عن الاستدامة.
وعندما سألناها ما تعريف الاستدامة، أجابت بأن الاستدامة هي أن يعيش الفرد دون الاستهلاك الجائر والافراط باستخدام الموارد لأنّه ينتقص بذلك من حقوق الاخرين في الحصول عليها، أي أن يعيش الفرد بأسلوب يجعله قادرًا على الاستمرارية.
تكمل أنّ الاستدامة يجب أن تشمل البعد البيئي والاجتماعي والاقتصادي، بوتقة كاملة متكاملة دون إقتصارها على الناحية البيئية فقط. وتلفت النظر بأن المجتمعات العربية مثلًا تسمي أطباقها حسب الخضروات المستخدمة فكمية اللحوم أو الدجاج المستخدم ثانوية أو قليلة نسبة لسابقاتها كطبق الفاصولياء والرز على سبيل المثال والعكس في السويد حيث اللحوم طاغية على أطباقها. الاعتدال بالنسبة لها أمر ضروري فلا ينفع أن تكون نباتي بالكامل وتستورد خضراوتك لذا إنّ الانتاج المحلي هو أحد مداخل الاستدامة وخصوصًا بوجود جائحة كوفيد-19 الاكتفاء الذاتي هو الحل للبقاء والاستمرار.
المصداقية ثم المصداقية ثم المصداقية هي أهم حكمة خضراء بالنسبة لها. فالمصداقية هي مصداقية الشخص تجاه نفسه، تجاه مجتمعه وتجاه محيطه. وعلّقت بأنها تؤمن بوجود طاقة بين الأشياء فإذا أهملت سترتك مثلًا تتلف وبالتالي تخسرها أمّا اذا اعتنيت بها تبقى في أحلى حلّة وتستطيع ارتدائها لفترة أطول.
وتضيف بأن أهم المعيقات للوصول الى أسلوب العيش المستدام، هم اختصاصي الاستدامة أنفسهم لتقاعسهم في تبسيط المصطلحات البيئية على الافراد العاديين كي يستطيعوا العيش بطرق مستدامة. كما الطبقية في المجتمعات إذ يعيش الفقراء حول المصانع حيث التلوّث ومشكلات بيئية جمّة والحرمان من الموارد بينما يقطن الاثرياء الأمكنة الاكثر نظافة ويستفيدون من التكنولوجيا الخضراء في كافة الصعد الحياتية.
وختمت بنصائح مهمة تدور حول فلك واحد العودة الى الوراء، الى الأجداد والتقاليد القديمة الاكثر استدامة لتعلم سبل العيش المستدام.
هبة من لبنان
درست العلاقات العامة والإعلام في لبنان لكنّها عملت في مجال التسويق وإدارة الفعاليّات التي تمحورت حول تدريب روّاد الاعمال كيفية تأسيس شركات ناشئة تحل مشاكل المجتمع ومنها الاستدامة. إنّها هبة صاحبة صفحة the.diy.amateur@ على الانستغرام.
انطلق مشوارها في الاستدامة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وانهيارسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار فلم تعد قادرة على استيراد المواد الاوليّة بالدولار كما إنّ حساسية فرد من العائلة، الذي يعاني من الربو، على المواد الكيميائية المدرجة في المنتجات اليومية كالجل وجل الاستحمام، كلّها أمور دفعتها الى شراء المواد الطبيعية أوّلًا ومن ثم الانتقال الى الصناعة الذاتية للمنتجات دون شرائها. وقامت بنشر جميع الوصفات على the.diy.amateur@ لتمكين الراغبين صناعة المنتجات الطبيعية بأنفسهم وذلك لتحسين وضعهم الاقتصادي من جهة ولحماية البيئة من جهة أخرى.
تكمل هبة أنها لاحظت رابطًا مهمًا بين المخلّفات الغذائية والصناعة الذاتية حيث يمكن صناعة منتجات صحيّة وصديقة للبيئة من خلال المخلّفات الغذائية ومثال على ذلك استخدام فضلات القهوة لانتاج منظّف للوجه أو استخدام قشر الليمون لانتاج مرطّب للبشرة الخ...هذا أيضًا حثّها الى زيادة أبحاثها لضمان جودة واستدامة منتجاتها. الانتاج الذاتي، كما أشارت، يقلّل من استخدام البلاستيك المضر بالبيئة ويخفّض من مخلّفات التعبئة والتغليف. فالاستدامة بالتالي هي استخدام ما هو متوفّر وتحويل المخلفات والنفايات الغذائية الى مواد مفيدة صديقة للبيئة.
الاهتمام بالبيئة يتطلّب قرارات صغيرة في البدء لا خطوات كبيرة، لا تيأس فالتغير سيحدث على المدى البعيد، إنها حكمتها الخضراء. وتشير هبة أنّ هدفها من صفحة الانستغرام هو إقناع الافراد بضرورة اعتماد صناعة طبيعية لأن كل المعطرات ومنتجات تصفيف الشعر تحتوي على مواد كيميائية مضرّة بالبيئة ببصمتها الكربونية ومضرّة بالصحة العامة.
وفقًا لهبة، إنّ إحدى أهم العقبات التي تعيق تحسين آداء الافراد المستدام هي طريقة تفكيرهم المشكك بقدرة التغيير علمًا أنّه عندما تتضافر الجهود مني ومنك ومن الجميع يحدث الفرق المطلوب. يعتقد البعض بأن طرق العيش المستدام تتطلب تكاليف باهظة والعكس هو الصحيح. فالاستدامة تعني تخفييض التكاليف وبالتالي تحقيق وفورات مادية والعيش بطريقة صحية أفضل. وتلفت النظر بأنّ العيش بطريقة مستدامة لا يعني أن تحرم نفسك من شيء أو أن تكون حياتك منخفضة الجودة بل تعيش بطريقة أفضل وصحيّة للبيئة والافراد أكثر.
“كلنا معنيّن لبناء مستقبل مستدام وإن لم تكن الاستدامة محور دراستنا بحسب هبة. والمسؤولية تنطلق من الفرد نفسه الى المجتمع ككل لتطال جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والحياتية والبيئية. على سبيل المثال وليس الحصر، وهب الثياب التي لم نعد نستخدمها الى المحتاجين، عدم شراء ألبسة الموضة السريعة من دور الازياء العالمية بل من المحلات والمصممين والدور المحليّة. ككل، تنصح هبة بضرورة وجود زيادة الوعي البيئي وتغيير نمط الاستهلاك ليصبح استهلاك واعي للوصول الى مستقبل مستدام.
منى من بريطانيا
قصة أخرى ترويها منى صاحبة حساب plasticfreenewlife@ على الانستغرام. تخبرنا أنّ مشوارها مع الاستدامة بدأ فعليًّا مع جائحة كوفيد-19 واغلاق البلاد الذي جعلها تتنبه الى كمية المخلّفات البلاستيكية المستخدمة يوميًّا وحتّم عليها ضرورة وجود البدائل. كما بدأت بتعلّم وصناعة المنتجات ذاتيًّا كالصابون والمعقّمات باستخدام مواد طبيعية والاستغناء عن المواد الكيميائية المضرّة ىالبيئة. لذا قامت بسلسلة أبحاث وبمشاهدة فيديوهات لتعلّم كيفية إنتاج البدائل بمواد طبيعية صديقة للبيئة.
تكمل أن سبب إنشائها لهذه الصفحة كان لتزويد الافراد بالوعي والمعلومات حول كيفية حماية البيئة وإعتماد مبدأ صفر نفايات ونمط العيش المستدام. تلفت النظر، وجود فئة من الناس مدركة للمخاطر البيئية المحدقة بحياتنا لكنّها تعتبر نفسها غير قادرة على تحقيق التغيير وأن الحكومات وحدها القادرة على ذلك. بالمقابل، فئة أخرى لا تمتلك المعلومات البيئية الكافية ولا تعي وتدرك المخاطر المحدقة بالافراد كما المجتمعات إذا أكملت بنمط عيش غير صديق للبيئة.
تعرّف منى الاستدامة بأنّها نتيجة خلق توازن بين الاحتياجات وحماية البيئة التي نعيش فيها. فالاستدامة لا تقتصر على حماية البيئة فحسب بل تشمل الحفاظ على صحة المجتمعات وضمان عدم تعرّض الناس للأخطار البيئية كالكوارث الطبيعية. تشدّد أنّ التنمية المستدامة يجب أن تشمل التنمية البيئية والاقتصادية والاجتماعية لحماية الحاضر كما مستقبل الاجيال القادمة.
تلفت أيضّا أنّ الفرد المسؤول الاول والأخير تجاه المجتمع والبيئة، وأنه يجب أن يعي ضرورة الاستهلاك المعتدل لا الاستهلاك الجائر الذي يستنزف الموارد.
"إنّ اهم عقبات الوصول الى نمط عيش مستدام هي الوعي وقلّة المعرفة". تشير منى بأن كل ما يعرفه الاشخاص هي أمور سطحية بسيطة عن البيئة وكيفية حمايتها. كما تشيد بالدور الذي تلعبه في تعريف الافراد عن البدائل حتّى البسيطة منها وزيادة وعيهم حول الاستهلاك والمواد الكيميائية وأضرارها. وتختم بأن الامر يتطلب شرح للخطوات واحدة تلو الاخرى عبر برامج وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لإحداث التغيير المطلوب وبالتالي تحسين مستوى معيشتهم.
إنّ نمط الحياة المستدام كالسلسلة، عندما يرى الناس بأنك تعتمد أسلوب حياة أكثر سلامة ، سيرغبون تلقائيًا في متابعة أفعالك وبإجراء تغيير واحد ذلك سيؤدي إلى الآخرتلقائيًّا.
تذكر الأمر يعود لنا لإجراء التغيير! حان الوقت لإنقاذ نظامنا البيئي من أجل البقاء والاستمرارية.