18 أبريل . 3 دقائق قراءة . 599
أبي كيف أنعيك وأنا منك وأنت فيّ ونحن أبناء الحياة...
كيف أنعيك وأنا ما زلت أشتم رائحتك
أسمع صوت ضحكتك، ست سنين وما زالت آخر قبلة تتكرر كل يوم...
أبي الوسيم
العمر لحظ رحيم
الآن فارقت الجسد
تعود كنجم إلى بيت من سديم
زرني طيفا، زرني لطفا كنسمة عليل
تشافي عمري السقيم
أو دعني أغفى على حضنك
أسمع صوت قلبك ينشد الأبوة في ترانيم
أو خذني إليك في رحلة ألاقي الرب الكريم
مع بداية العام الماضي وانتشار الطاعون الجديد، حُتّم على أبي ترك عمله حفاظا على صحته، كنت أحادثه كي نتشارك لحظات الحجر، فأفرغنا سوية بضعا من مذكراته،
فمرة كان يسجلها صوتيا ومرة يرسلها لي كتابة، فاستمتعنا وتفاعلنا، شدتني التفاصيل فكنت أسأله ماذا لو، أو كيف كان؟
وهكذا كان شريط الماضي منذ الطفولة يعيد نفسه منعشا كلينا بلحظات جميلة.
كم كان جميلا وما يزال
كم كان لطيفا وما يزال
كم كان قويا وما يزال
كان يبتسم حتى وهو حزين
نعم كان يحب الابتسام
حتى عندما يغضب تنتصر ابتسامته فتسكن كل غضب
ها أنا الآن أشارك صفحة من إحدى مذكراته، عل حروفي تصله، وهو الذي لم يغب عني وصله
من مذكرة أبي ( ذكريات) :
رحلة إلى عمّان
توالت سنين الطفولة، كنت محبوبا من الجميع
وأتذكر أنني سافرت مرة مع أمي رحمها الله إلى عمّان، وكانت خالتي تريد الذهاب إلى السوق، فركضت ورائها وضعت
حتى عثر على شرطي مرور، كان ينظم السير من منصة عالية وبقيت معه إلى أن أتت خالتي مع خالي وعثروا علي أخيرا
وفي إحدى ليالي عمان صعدت مرة على سطح البيت لمشاهدة عرس على الطريقة الأردنية أنا وكثير من الأطفال، فكان المشهد حقا مفرحا والعزف مبهجًا…
عودة إلى دمشق
وهكذا بعد زيارتنا عمان عدنا إلى دمشق.
فدرست في الخجا وهي مرادف الروضة في أيامنا هذه، الخجا هو بيت بشابتين تقومان بالتدريس فيه، وبعد ذلك انتقلت إلى مدرسة الغرّاق التي تقع من مفرق الحقلة الذي يؤدي إلى الجزماتية، وكان معي طفل من بيت المجذوب، كنت كل يوم أصطحبه معي ومن ثم أعيده، لأنه لا يستطيع فعل ذلك
كان مقابل بيت العائلة مدرسة شكري العسلي درست فيها الصف الأول ثم انتقلت إلى مدرسة يوسف العظمة في البوابة وطلعت الأول على الصف بستين طالب
لقد أخبروني بأننا انتقلنا إلى منزل العائلة منذ كان عمري سنة واحدة!
لعب مع الأخوة
تذكرت أمرا وأنا صغير، كان جدك يأتي بإخوتي جميعا، وأنا أفتح ذراعي كي أرفعهم وأبي من خلفي يثبتهم، فأرفعهم واحدا واحدا بدءا من أبو مصطفى حتى الصغار، فنمرح جميعا وتتوالى الألعاب والمشاغبات
العمل في الصغر
وعن العمل أتذكر العمل بالحميدية، تدربت هناك ومعي عمك مأمون وعمك وليد رحمهما الله.
كما وكنت أسافر إلى حلب وأعمل هناك حتى أنهيت الإعدادي
في حلب كنت أشتري البضاعة ثم أحملها في الباص حتى أخذت مستودعا...
رمضان في الشام
لقد كان رمضان في وقتي الإفطار والسحور في غاية الأهمية عندنا
فنجلس قي "الصوفا" ونستمع من روح قلبنا عبر الراديو الصغير توفيق المنجد، فنطرب كثيرا.
أيام الشقاوة
أما عن أيام الشقاوة فأتذكر فريق كرة القدم كنا نذهب لشراء الكرة من الحميدية ونحضرها عند أبو عبدو البسكليتاتي كي "يشحمها لنا" وهو بعد منزلنا بشارع عند كازية البوابة.
الليرة السورية كانت ذات قيمة، فخطرت ببالنا فكرة طباعة الكروت
كروت فئة العشر قروش والربع ورقة ونصف ورقة والليرة تحت عنوان "ادعموا فريق الثريا في الميدان" تماما كدفتر الشيكات، فلممنا مبلغا لا بأس به لشراء ملبوسات الفريق، وتجهيزه كي ينافس بقية الفرق وينتصر عليهم
لقد كانت أياما جميلة مليئة بالأحداث سأخبرك عنها تباعا...
والآن يا حبيبي أنتظر باق المذكرات…
أنتظر حديثنا القادم
ضحكتنا القادمة
وكل شيء قادم…