03 مايو . 2 دقيقة قراءة . 633
أنا أعشق اللا شيء .. اللا عمل .. اللا حركة .. اللا لون .. اللا صوت .. الصمت .. السكون.
اللا شيء هو شيء لا يُمكن تصنيفه، وهو ما يضطربُ له الفكر البليد.
أحلمُ كثيرًا بكوني داخل رحم أمي، وفي ذلك الحلم تنعكسُ عملية الخلق .. تختفي أطرافي الأربعة تدريجيًا وينكمشُ جسدي ويضمحلُ بما يحوي .. حتى الوصول إلى لحظة الايلاج وعند النشوة أتحرر .. أصبحُ كلَّ شيء .. جميع احتمالات الخلقِ اللا محدودة .. اللا شيء ..
لكن ذلك يحدث في الحلم، وهذا لا يكفي، فعكفتُ أتساءل .. كيف لي استشعار قوة اللاشيء في اليقظة؟
في خضمِ العصف الذهني كنتُ أتململ في فراشي، وأخرج ليلًا أدور حول البيت أستكشفُ الشوارع الجانبية له .. طرقًا جديدة أجتازها لا أعلمُ إلى أين تفضي، وطرقًا أخرى أرى أيًا منها قد يحملني إلى البيت مجددًا في أسرع وقت.
وحينما كنت أهيمُ بين الطرقاتِ .. جذبتني رائحةُ خلابة، فلم يكن مني إلا اللحاق بها، وإذا بي بعد دقائقٍ معدودة يُصادفني محلٌ للورودِ .. كُتِبَ على واجهته بخط عربيّ أنيق محفوظ. كان يقفُ على بابه صاحبه .. كأنه ينتظرني. اقتربتُ في سكونٍ، نظرنا إلى بعضنا البعض ثمَّ إلى أُصُص الورد. تابعتْ عيناي ألوان الورود وتمايلها إلى أن ركنتُ إلى وردةٍ ذهبية يُشع منها وَهَجُ ضوءٍ. فنظرتُ إلى الصاحبِ علَّه يفهم ما أطلبه. تلاقت أعيننا في سكونٍ لمدة طالت حتى تجلّى وهمُ الزمن. انفتحَ العالمُ لا محدودًا .. كنتُ أنا زهرةٌ ذهبيةٌ تنظر إلى فتاةٍ أرى فيها الحضور ساطعًا، ومرة أخرى رجلٌ ساكنُ الملامحِ .. يُوحي لكَ بأنه قائمٌ ها هنا منذ الأزل. أصبحنا سويا –أنا والرجل الساكن والوردة الذهبية- اللا شيء.
مددتُ يدي وانحنيت قليلًا ..
آخذ أصيص الوردة ..
برفقٍ .. وذهبت.