الحنين للإحتمالات

01 يناير  .   2 دقيقة قراءة  .    727

كنت أقطع الشارع مسرعة لأنني تأخرت على موعدي، هذه عادة حملتها معي من لبنان، ثم سمعت بوق سيارة قريبة مني فالتفتت لا إراديًّا، لكنني سرعان ما شعرت بالغباء والخيبة! أنا في بلد غريب، في مدينة لم يطرق فيها أحد بابي منذ سنة، حتى أنني لا أعلم كيف هو صوت الجرس، فكيف أتوقع أن يلوح لي أحد من نافذة السيارة! لا أحد يعرفني هنا! لقد خسرت كل الاحتمالات، كأن ألتقي بصديقة في السوبرماركت، أو أن تفاجأني قريبة بزيارة غير متوقعة، حتى أنني خسرت احتمال انزعاجي من تطفل أسئلة جارتي، وسكرتيرة طبيبة الأسنان أنا فعلا أحنُّ إلى الاحتمالات في وطني، أكثر من حنيني لترابه، فهنا أيضًا تراب وشجر وطبيعة وهنا متاحف وموسيقى وسيَّاحٌ ولكن حتى برج إيفل بعظمته، لم يعد يدهشني ذلك لأنني أفتقد إلى الأحداث.. هذه الرتابة تقتلني، وكأنني قطعت كل تلك المسافات لأستيقظ في الساعة ذاتها وأستقل الباص ذاته وأرجع مساء أشطب هذا اليوم من رزنامة انتظاري لقد حاولت كثيرًا أن أجعل هذه الغرفة تشبهني، لقد علقت صور عائلتي، واشتريت كل ألوان الأوركيدة، ولكنني لا أشعر بالانتماء وكأنني أقطع نفقًا مظلمًا ببطء، أحل هذه الأشياء العالقة، وأصل نحو الضوء لأرتمي في حضن يحتويني ولقد حاولت أن لا أشعر كثيرًا، أن لا أحمِّل الأماكن والروائح والكلمات مشاعرًا وذكريات ، ولكنني لم أنجح بذلك أيضًا، لأنني لطالما كنت فائضة بالحب والكره والحزن والملل والحماس والندم والتفاؤل، وفاقدة للحياد والبرودة ماذا أفعل الآن! هذا أكثر ما يحبطني، لا أريد أن أنتظر حياتي، أريد أن أعيشها! ولكن كيف تكون الأيام عمرًا إن لم يكن حبيبي على الطرف الآخر من السرير، كيف أقنع جسدي أنني أنجبت حديثًا وأنا بالكاد أمضيت مع ابني ثلاثة أشهر، ثم تركته مع أمي؟ ما هو هذا الهدف الذي يبعدني عن الحياة التي أريدها... ويقربني من حلمي! كيف لوطن أن لا يسع حلمًا! كيف لوطن أن لا يسع بيتًا من أم وأب وثلاثة أطفال!

يبدو أنني لم أعد أنتظر عودتي بل أنتظر قدومهم!

  4
  11
 0
مواضيع مشابهة

04 نوفمبر  .  1 دقيقة قراءة

  0
  2
 0

25 نوفمبر  .  1 دقيقة قراءة

  3
  10
 0

03 مارس  .  1 دقيقة قراءة

  0
  9
 0

31 ديسمبر  .  1 دقيقة قراءة

  3
  8
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال