بيني وبين..شاكر مصطفى

Kenan Dumat

21 يوليو  .   4 دقائق قراءة  .    808

لم أكن قد سمعت به قبلاً أو قرأت له، طبعاً لا بد من مرة أولى .. وقد كانت مع كتيب من منشورات دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر بعنوان "بيني وبينك" والذي حوى مجموعة من الخواطر أو "الهمسات الوجدانية" كما أطلق عليها بطلي اليوم .. شاكر مصطفى. 

والجميل أيضاً أن نزار قباني كان من تولى تقديم هذا الكتيب في طبعته الأولى عام ١٩٥٥ (صدرت الطبعة الثانية عام ١٩٩٦) ، وذيل تقديمه بالتاريخ والعنوان: لندن- بارنزكومون ١٠/١١/١٩٥٤.

شاكر مصطفى باحث ومؤرخ وأديب ومحقق ومترجم سوري ولد في دمشق عام ١٩٢١ وتوفي عام ١٩٩٧ (حسب ويكيبيديا)، لقّبه النقاد والباحثون بأديب المؤرخين ومؤرخ الأدباء.

لن أتطرق إلى الكتيب الجميل الصغير بحجمه الغني بهمساته والذي قررت إعادة تصفحه، وإنما سأشارككم في سطوري هنا شذرات من مقال قادته الصدف لي أثناء بحثي حول المزيد عن شاكر مصطفى.

المقال جاء تحت عنوان "وجهنا الآخر" نُشر في العدد ٢٥٣ شهر كانون الأول ١٩٧٩ من مجلة العربية الصادرة عن وزارة الإعلام في دولة الكويت والتي قضى فيها (أي الكويت) شاكر مصطفى عدة سنوات وكرّم فيها قبيل وفاته.

ما شدني إلى المقال فكرته .. البحث عن الوجه الآخر في كل شيء بدءاً من المدن وصولاً إلى الإنسان. 

كثيرة هي المدن التي زارها شاكر في أوروبا والأمريكتين وآسيا .. وكثيرة هي الصور الجميلة لتلك المدن .. رخام الساحات .. قناديل المعابد .. المتاحف .. الجبال .. الشواطئ .. جنون الليل .. الخ.

لكنه كان يطلب في كل مرة رؤية الوجه الآخر للمدينة "حيث يشرش الفقر كالجذور الدرنية ويتراكم النحيب الأخرس كدم متخثر مضت عليه قرون" .. وحيث يتشابه البؤس الإنساني. هو وجه حقيقي آخر للمدن، لكنه وجه مدفوع للخلف كي لا تراه العيون "كأب مذعور يصرخ منكراً ابنه غير الشرعي". وكما المدن كذلك الإنسان، له جانبه المضيء للناس وجانبه الخفي الأسود، وعاره الذي يداريه عن العيون وينكره، ويصدّر في المقدمة "سمفونيات أناقة ورونق وعناية وعطر".

غير أن المدن تعرف أن الأقذار مشكلتها المؤلمة وتحتال على التخلص منها، بينما الإنسان لا يهتم كثيراً بالخلاص من وجهه القذر بل يتركه يتراكم ويتعفن في الدهاليز الخفية من ذاته ويفلسفه ويبرره ويبتدع بعض المعارك للتطهير و"الانتصار" على سواد الأعماق. وبدع التطهير الإنساني قديمة وكثيرة متنوعة ومختلفة باختلاف الحضارات المتعاقبة والأديان والثقافات.

ربما كان ما لفتني في هذا المقال هو تقاطعه مع أفكار كتبت عنها سابقاً .. حاولت وأحاول محاربتها في نفسي اولاً .. معركة تطهير ذاتية للاحتفاظ بوجه واحد قدر الإمكان .. مع مرات فشل عديدة لا أنكرها .. ربما يوماً ما لا يكون لمدينتي وجه آخر ..!

لن أكتب أكثر .. سأرفع السطور السابقة إلى مدوناتي ثم أتصفح "بيني وبينك" .. بيني وبينكم كثيرة هي الأسماء المهمة التي لا نعرفها .. وكثيرة هي العناوين والمؤلفات والمقالات التي لا تنال شهرة رغم روعتها وتبقى تنتظر من يمسح عنها الغبار .. وكثر هم المبدعون والابداعات الذين لم ينصفهم "الوجه الآخر" للسوشال ميديا في حين رفع للصدارة من لا يستحق.

  1
  2
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال