22 أغسطس . 10 دقائق قراءة . 1023
صبري روفائيل الفنان التشكيلي السوري ورحيل لون شموس فنان ألم الفقراء
قراءة نقدية : عبود سلمان العلي العبيد / سوريا
تسكن ظاهرة الفنان التشكيلي السوري الرائد الراحل (صبري روفائيل) فنان الحسكة الكبير.في عمق تاريخ الدراسات والبحوث التشكيلية. للجزيرة السورية في شمال سورية . حيث تبرق الأفكار الجمالية والفنية والتشكيلية من هناك . نظرا لتنوعها البشري والمعرفي والفكري . من خلال تنوع أطيافها البشرية التي تسكن المنطقة منذ ملايين الاحتمالات التاريخية والحضارية . حيث تنسجم كل تلك الأطياف والنوازع والانتماءات والرؤى تحت سقف الروح العاشقة للأرض والمكان والإنسان . وبشكل عميق . كي تضح عوالم الفنانين التشكيليين الرواد الراحلين القادمين من الشمال . وذلك لأهمية حضورهم الإنساني والجمالي وذلك بظواهر عمر الوفاء والإيثار والدهشة في أساطير القدم التاريخية . حيث قدم الفنان التشكيلي الرائد ( صبري رؤفائيل ) لحياتنا التشكيلية . كل اشكال الوعي الجمالي . في أطار إنسانية المواقف الإنسانية .التي تتبع الدراسات المعاصرة بالأفكار الجمالية والفنية . في المجتمع . بحيث يكون وعي الإنسان خاضع لنشاطه المادي والروحي والمعنوي . حيث جلاء العلاقة الجدلية . مابين قضايا الإنسان والحياة والحب والموت والخير والشر . وعوامل الضبط الإنساني . المخزون وفق ظواهر الحياة الكبرى . ولهذا سكنت أشياءنا كل عبق حميمية الأشياء الجميلة . بكل ماهيتها . في حقيقة صورة الوعي الكامل لمسألة جمال داخل الإنسان الجميل . حيث كانت إعمال هذا الفنان / المعلم / والرائد ( صبري روفائيل ) عالم من الإبداع والخلق والموهبة الواعية . الملتزمة بقضية الإنسان المسحوق . والمتطلع إلى الحب والحرية والاستقرار . وحياة الناس الطيبة . ولأنه وبدون مقدمات . كانت هموم الناس وقضاياهم الاجتماعية . والظلم الاجتماعي والثقافي . ودماء الفقراء والمساكين المسحوقين والتعساء . أهم صور أعماله الفنية التشكيلية الكثيرة . حيث ارتسم على وجوه شخوصه . تجربة الفن . تجربة حياة طويلة . مع تجربة قلق ضد الظلم . وقوى الشر. في صور انموذجاته المرسومة . وفق نماذجه البشرية التي تحاكي مأساة الإنسان . في الشرق . ولأنه ابن الأرض . وابن فضاءات الشمال السوري . وعمق تاريخ الجزيرة السورية . التي تعايش كل الظروف . ويسكن بها كل الطوائف والمذاهب والأعراق . والوجوه . والديانات والفلسفات . وصيرورة الحياة البشرية . حيث يشغله الخط الحياتي . بزرقة السماء كحلم ابدي . للأمل والحب والسلام . وصورة خضرة الأرض الذهبية . في سنابل الحنطة . لسهول الحسكة والجزيرة السورية . عندما تترك السنابل ملاىء بالذهب الثمين . لتنتفض عروق الأرض . وتزدهي زهر شقائق النعمان الحمراء . في حالة أبداع سماوي لا يكرر . سواء بالدقة والروعة . أو عبر رسمه لحقول عباد الشمس . في حقول هذه الأرض الخصبة . حيث تتداخل حمرة دم الفقراء في تعبهم ونار أشعة الشمس . في قيلولة الصيف . ومع استمرار النضال اليومي لعشق حب الفلاحين والعمال والمطحونين . وشفافية ألم الواقع . يأتي صور النقل الحرفي المشوب بالإبداع . ليكون الإنسان هو المكون الحقيقي . الذي يؤسس المعايير المعرفية الدقيقة . لحياة الفنان الشخصية والإبداعية . حيث تسكته امتلاك البداهة الفنية . والثقافة البصرية المتعمقة بالمعرفة الدقيقة . لحياة بيئة الفنان الجمالية . عندما يغرف منها ( صبري رؤفائيل ) مستوى الآلية الحسية والحركية والتشكيلية . راسم عمق الحرج الإنساني . بخصوره المخضب . على ذات النظرة التأملية الفلسفية التعبيرية . او عبر رؤى تجريد الألوان . عن حيزها المكتظ . بالنفوس ومفارقات القدر الإنساني والمكاني لإنسانه المرسوم بظلال لا تنتهي . وقد اتشحت الكثير منها بمعاني الحزن المقيم . والأمل الصبور . في غرة ملكوت تقديس وقفة تأمل الذات . المثيرة للدهشة والجدل . في عمق تجربة الفنان التشكيلي الشعبي التلقائي .العفوي . الرائد ( صبري رؤفائيل ) حيث كان له الحضور الخصب في ساحة الفن التشكيلي العربي والسوري والعالمي . عندما اغرق صالات العرض التشكيلية الرسمية . في الحسكة ودمشق وحلب وغيرها من المدن . بروحية الفنان المتمرس والمبدع والذي لا يهدأ . كبيكاسو جديد في عمق فنون التشكيل المعاصر بالجزيرة السورية . وقد تعلم على يديه الكثير . واستنسخ عنه الكثير . من طلاب الفن والألم والمعاناة . ليكون هو نسيج نفسه . وخصوصية ذاته المعذبة والقلقة . بحواف شتى . عاشت معه . في عمره الطويل . وكأنه المعلم الكبير . في تعاليم مساحات الإحساس والقيم اللونية . في أحساس صادق لذاتية الفنان الانفعالية . المرتبطة بشكل واضح بارتباطه اللصيق بالهموم اليومية . الاجتماعية . عندما يفرزها في محددته الشتى . قوامها التحويرات الإنسانية . في مداها الداخلي والتعبير وغنى القيم اللونية . التي ترفض رتابة حرارة اللون . وتجعل من طقس برودة المناسبات . مساحات و فضاءات أخرى . للحب والتعبير . في مؤشر حقيقي . لشخوصه المرسومة والمتناثرة . على عموم لوحاته الإبداعية . المؤطرة بأسرار البناءات الدرامية . والأصالة التعبيرية . الإنسانية . حيث رسم التكوينات الإنسانية ووجوه نساء الجزيرة العربية . بحس ايقوني . لا يخلو من خاماته المتوفرة . باقتصاديات اللون والعنصر الأكثر إثارة وبروزا . في سماته التصويرية التشكيلية . الواضحة . على قواسم القيم الاجتماعية المصورة . وروح الحالات القيمية المختزلة في اللاشعور . والتي تعج بالجماليات والإثارة والتوليفات لاستقرائه الداخلي . المولع بسياق الهم الإنساني والجمالي . حيث محتوى موضوعاته ومفرداته التعبيرية والتقنية في شخوصه . وأماكنه . شواء . بسمو فكرته . أو عبر صياغاته الشكلية التشكيلية . حيث واضح مقومات إعماله الإبداعية . بعالم البؤساء والمستضعفين . والحب العظيم لخارطة ثورات الجياع في الأرض . وعقدة الألم الإنساني . حين ترفرف دروب الشجاعة والإخلاص والأمطار والصلابة . والمواد الخام للحزن . ومن أعراس الفقراء وأحلام زخارفهم . في لباسهم وأحلامهم وزيت مصباحيهم . وأشياءهم الدبقة . وعنكبوت عراقيلهم . في فردوسهم الممنوع . الى شمسهم المقطوعة . بحرارة كاوية . حيث الطريق إلى العذاب . جحيم لا ينتهي . في سهول مرتفعات الذات والآبار والحقول . لمملكة العشائر والعائلات والقبائل الشمالية . إلى راية مراكب الأولياء الصالحين . في جبل البشري وسنجار ومرقدة والدرباسية وعامودا وقامشلوا والغنامية وحكاية الموزاييك السوري الجميل . تبقى أصابع هذا الفنان التشكيلي الرائد ( صبري رؤفائيل )أزهار مصبوغة بالدم الأخضر والشمس والأمواج اللونية والخطية . حيث العمال والفلاحين وأحرار العالم والبسطاء والشرفاء والأعناق الممطوطة وزمن البطولات . وأعياد النيروز ورقصات دبكة البنات . مع إزهار المدى البنفسجي . في غروب ذرى الجبال الشمالية . هي عنوان لوحاته . ومحتوى جمال ريشة الفنان ضد كآبة العالم . وقبح مسيرتهم الكبرى . حين تنقشع العتمة والظلمة . كي يستقر اللون . عالم من الأزهار والألوان والأفراح الحية . لتقول شمس الفقراء في لوحة ( صبري رؤفائيل ) بأنها جنة ألوان الفقراء . لوحته . حيث اللانهائية تبدأ وتنتهي .في أكليل ربيع شمالي . هو من أعمق أعماق قشرة الأرض الخصبة . لعالمه الفني والحياتي والتصويري . لهذا وسم اسمه بالصبر الجميل . واقترن اسمه برؤفائيل . كي يكون قريب من نجوم عصر النهضة الايطالية . وقد أحب الفنان العالمي رؤفائيل . وكان شغوف بكل دروب الفن . التي منحته العذاب والضياع والتشرد والإفلاس والثراء المعنوي والقوة والعمل والسعي خلف أهدافه المعلنة . لأنه انتصر إلى قيم الجمال . فرسم أحلامه ينابيعه أودية بنفسجية . وكأنها العيون الزرقاء بتمراحل ألوانه . حيث تنقل بين مراحله اللونية والخطية والتشكيلية . بدأ من قلب الفنان الرسام الساذج والفطري . إلى رحلة التمرس والعناد والمثابرة والاجتهاد . فصار في أسوار المدن الشمالية. عماد البيت التشكيلي الحسكاوي في الجزيرة السورية . ومنها انتقل إلى عواصم أخرى من العالم . حيث ازدهرت إعماله في صالات عرض كبرى . لتكون جامعة للمبدعين والتشكيليين عبر واقع المعاصرة . التشكيلية . في شفافية عبقه الإنساني لمكانة الفنون التشكيلية الجميلة . ودورها الوظيفي في حياة الشعوب . وهو الذي تناغم بصوفية حالمة مع روح الفنان المرحة والمشاكسة . بتدريجات كبرى . قد لا تتفق مع سيكولوجيا الإنسان المبدع . الجبار والقادر على صنع المستحيلات الإبداعية . في عالم اللون وضربات الريشة . لأسلوبية دقة أداءه التقني المنسجم أصلا. مع روحانية الفنان المجرب والخبير والمعلم والقدير . باعتبار أن الفن كان حياته وجزءا هام من مسيرة أيامه . رغم انه قضى عمره في مخبره اليدوي يصنع الخبر والحلوى . كي يقدم إنسانيته كمدلولات منطقة . لحياته في عمق زخم الأيام المعاشة . في ترحل دائم . قد لا يرحم . بشواهد عصره الاستهلاكي . المتجذر به هموم الناس ومشكلاتهم . في معاناة الناس البسطاء الكادحين . بذكريات طفولة لأترحم . في مدركات الحياة الكبرى . وهنا تكمن عمق أهمية تجربة الفنان التشكيلي الراحل صبري روفائيل الرائدة في حقل حقول الساحة التشكيلية العربية السورية في الجزيرة السورية.
29 أغسطس . 1 دقيقة قراءة