04 أكتوبر . 2 دقيقة قراءة . 864
عطل فني في منصات التواصل الاجتماعي لبضع ساعات كانت كافية لتعيدنا بالزمان لما قبل تأسيسها ودخولنا في عالمها، وهي تقدم نموذجا، خصوصا للاجيال الشابة، كيف كانت حياتنا.
تخيل أن تستمر اسبوعا كاملا دون واتساب، من سيتصل بك على هاتفك، أجزم لك عدد قليل، من يرغب في الحديث معك فقط. هل كنت تكتب قصيدة وترغب بإرسالها ليلا، الخاصية غير متوفرة الآن، أنصحك باستخدام ورقة وقلم، ومحاولة الكتابة بخط واضح، ومحاولة وضعها تحت الباب أو مع باقة من الورود والشوكولا. لكن الاجمل هو الانتظار، ستكون في حالة ترقب دون أن تصلك ردة فعل سريعة، قد تبقى منتظرا ردها حتى الصباح، إنها قيمة الدهشة.
اختفت صفحتك الخاصة من فيسبوك وإنستغرام، من أنت الآن في المجتمع، كيف تقيس مقدار تأثيرك، أنت الأن بالنسبة لهم غير موجود، شخص افتراضي انتهى في لحظة واحدة، حتى اسرع من الموت الطبيعي، ربما. لكن، الاشخاص ممن يملكون تأثيرا قويا في المجتمع، هل سيهتز وجودهم وحضورهم بين الناس، هم بالاصل لم يعتمدوا على المنصات لكي يثبتوا قوتهم. هل المعيار في معرفة قوة الشخص، أن نتخيله دون صفحة على الفيسبوك؟.
ما رأيك بالوقت، كيف مضى معك وأنت تنظر إلى هاتفك لعودة النشاط الافتراضي؟، اكتشفت أن الزمن طويل وليس كما نعتقد أنه قصير، هو يكفي لنقول ونفعل ونسير ونمشي ونتحدث مع أهلنا وأصدقائنا، لدينا الوقت الكافي حين نرفع رأسنا قليلا وننظر إلى من حولنا، الزمن بين أيدينا أكثر غنى حين تترك أيدينا قليلا تلك المواقع. اما كان قاسيا لأنك اكتشفت كم أصبحت وحيدا؟.
شعرت بالملل؟، حاول النظر إلى ما كنت تمضيه على هاتفك، ماذا تشاهد حينها تعرف وتحدد، أيهما الاسوء الملل أم مجرد حرق للوقت دون جدوى؟.
يقول الخبر، أن أسهم فيسبوك تراجعت 5,5% بعد تعطل الخدمات وانخفض السهم 19,5 دولار، والتراجع والانخفاض شمل كل المنصات، عدم تفاعلي على مواقعهم بسبب توقفها سبب خسارة لهم، أنا رقم داخل عداد البورصة.
ربما لو استمر الانقطاع طويلا ستخرج منصات جديدة لتملئ الفراغ، مثل تيليغرام، لكن سيكتشف بعض الشباب أنه الحياة ممكن نوعا ما بدون المنصات، أقله من ناحية الخصوصية، لن يعرف أحد خلال أسبوع ماذا أكلت ولبست وأحسست، أفكر قليلا في ما يسمى "المؤثرين" الذي يرغبون بإدخالنا في تفاصيل حياتهم، وأجزم أنهم يستعدون الآن لإخبارنا بتجربتهم "الصعبة" بالابتعاد عن المتابعين أو لبيعنا بعض النظريات عن ما اكتشفوه بعد هذه التجربة، الآن هو شخص منفصل تماما عن العالم، هل ستمر الاوقات بشكل طبيعي بالنسبه له وهو من بنى تفاصيل حضوره على وسائل التواصل؟ أشك، وربما الجواب عند الاطباء النفسيين.
عودة قليلا إلى الحب، لا تعرف أين هي لأنها لا تضع صورة عن مقهى تجلس فيه، إبحث اذا بين الشبابيك، ستجدها، ستفرح أكثر أنك وجدتها باحثا وليس معتمدا على "الستوري". هل ترغب بمعرفة ماذا تفكر وما تشعر دون العودة إلى "حالة الواتساب"، شغل إحساسك بها هل تشعر أنها متعبة أم مرتاحة، هو تحدٍٍ أن تشعر بالشخص الآخر رغم المسافات.
لن نتمكن من الحياة، أقله في العقود المقبلة دون منصات التواصل، مهما تبدلت واختلفت، وخاصة في حالتنا السورية ولنا حول العالم من نحب ونرغب في الإطمئنان عليه، إنما يبقى الأمر محاولة أن نستغني عنها يوم عطلتنا ونتفرغ لأنفسنا ودائرتنا الصغيرة، لأنه يوما ما ستكون هي الوحيدة الصادقة معنا.