08 أكتوبر . 10 دقائق قراءة . 723
في حياتنا العملية، جميعنا نسعى إلى تحقيق أفضل النتائج، ونحاول ذلك بشتى الطرق، غير آبهين بفعاليتها، متوقعين أنها ستؤتي ثمارها دائمًا؛ فنقع في فخ التجربة من دون تخطيط مسبَق لما سيحدث معنا، ومن دون إصرار منا على التغيير، الذي نرغب فيه، لكننا لا نقوم بخطوة فعالة لتحقيقه؛ فأين يكمن الخطأ؟
ممارساتنا الخاطئة هي سبب فشلنا
نعيش حياتنا معتقدين أننا نقوم بما هو لصالحنا، والأمر عكس ذلك تمامًا؛ فممارساتنا الخاطئة التي نظن أنها مصدر إيجابي لنا، تنعكس سلبًا علينا، وتؤثر بشكل مباشر على إنتاجيتنا؛ وهذا ما يوقعنا في الصدمة، لأن النتائج العكسية تفاجئنا بعكس ما نتمنى. من هنا ما علينا إلا أن نكون جديّين في التوقّف عن تلك الممارسات، آملين بأفضل النتائج التي نرغب فيها؛ فما هي تلك الممارسات؟
لسنا مثاليين بما يكفي، ولن نكون كذلك، هذه حقيقة لا يمكننا تجاهلها. من هذه النقطة علينا الانطلاق، والتوقف عن الكثير من الممارسات التي نعتقد اعتقادًا خاطئًا أنها سترفع من شأننا. وفيما يأتي أربع من هذه الممارسات التي علينا التوقّف عنها:
وفقًا لمبدأ باريتو (Pareto)، 20% من الجهد تؤدي إلى 80% من النتائج، في حين أن 20% من النتائج تستهلك 80% من الجهد. يبدو أن الفرق واضح والمعادلة بسيطة للغاية؛ فبدلًا من العمل بالكثير من الطاقة، يجب أن نركز بشكل أساسي على الجهود التي تحقق غالبية النتائج ونتخلّى عن الباقي. إذا اعتمدنا هذه الطريقة؛ كسبنا المزيد من الوقت للتركيز على المهام الأكثر أهمية. وهنا، توقّفْ عن قول "نعم" للمهام التي تسفر عن القليل من النتائج أو لا تسفر عن أية نتيجة، مهما كنت متعلّقًا بتلك المهام.وفي هذا الصدد، تذكّر دائمًا قول رجل الأعمال وارن بافيت (Warren Buffett):
"الفرق بين الأشخاص الناجحين والأشخاص الناجحين جدًا هو أن الأشخاص الناجحين جدًا يقولون" لا "لكل شيء تقريبًا"
. بناءً على ذلك، يجب أن تكون حازمًا مع نفسك، وتتذكر أنك تقسو عليها لتكسبها.قدْ تتساءَل: إذن متى يجب أن نقول "نعم" ؟ ومتى يجب أن نقول "لا" ؟ الجواب لا يحتاج إلى الكثير من التفكير، وهو بغاية البساطة، إذا لم تتمكن من تحديد الأشياء التي تستحق وقتك؛ ففكّر في إجراء اختبار تقييم بسيط. ضع في الحسبان تتبُّع كل ما تفعله والوقت المُستغرَق لإكمال كل مهمة، والنتائج المتحصّلة عن ذلك. ثم عُدْ إلى الوراء وقيّم قائمتك من الأكثر إثمارًا إلى الأقلّ، واعتمد على نتائجك التي تحصّلت عليها لتحسين مهامّك المستقبلية... خُذْ ما حقّق لك أعلى النتائج في وقت أقل، وارمِ ما استغرق وقتك من دون تحقيق شيءٍ. في كثير من الأحيان، يقول معظمنا
"نعم" أكثر ممّا ينبغي، لأسباب متنوعة، بما في ذلك شعورنا بالذنب وتحميل أنفسنا أكثر من طاقتنا، ولكن أيضًا لأن ذلك أسهل بكثير من قول "لا"؛ فَجميعنا نحاول أن نكون أشخاصًا طيبين. ولكننا لا نعرف أننا نسيء إلى أنفسنا في المقام الأول، من دون أن نقصد ذلك. في دراسة نُشِرت عام 2012 في مجلة Consumer Research، قسّم الباحثون 120 طالبًا إلى مجموعتين. تمّ تدريب إحدى المجموعات على استخدام عبارة "لا أستطيع..." عند مناقشة الخيارات المحددة، بينما تم تدريب المجموعة الأخرى على استخدام "أنا لا..." في صياغة قراراتهم.الطلاب الذين قالوا لأنفسهم "لا أستطيع أكْل X" اختاروا أن يأكلوا قطعة حلوى الشوكولاتة بنسبة 61٪ من الوقت. في حين اختار الطلاب الذين قالوا لأنفسهم "أنا لا آكل X" أن يأكلوا ألواح حلوى الشوكولاتة بنسبة 36٪ فقط من الوقت. هذا التغيير البسيط في المصطلحات أدّى إلى تحسُّن كبير في احتمالات قيام كل شخص باختيار طعام صحي أكثر؛ فما بالُك بالاختيارات المصيرية؟ من المؤكَّد أننا إذا تدرّبنا على تلك المصطلحات البسيطة؛ سنحقق تغييرًا ملحوظًا في قراراتنا ونتائجنا.لذا في كل مرة تحتاج فيها إلى عدم قول "نعم"، حاول أن تستخدم مصطلَح "أنا لا..." في رفضك، لتعزيز السلوك المفيد المتمثل في قول "لا" للأشياء التي لا تستحق العناء؛ وشيئًا فشيئًا سيحدث التغيير.
إليك حيلة أخرى رائعة، هي تجنُّب الأنشطة التي لا تضيف قيمة كافية إلى حياتك، وهي قاعدة الـ "20 ثانية"
. علامَ تقوم هذه القاعدة؟ كل الأنشطة التي لا يجب أن تنخرط فيها، أو العادات السلبية التي تريد التخلص منها، حاول أن تضيف على فعْلها عنصرًا من الصعوبة، وهو حاجز مدّته 20 ثانية، إذا جاز التعبير، لبدء هذا النشاط. على سبيل المثال، إذا كنت تودّ تقليل استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي؛ فاحذف التطبيقات المُغرية من هاتفك، بحيث يستغرق الأمر 20 ثانية أخرى للوصول إليها عبر الكمبيوتر المحمول. من خلال إضافة عنصر من عناصر الإزعاج؛ ستقل احتمالية الانخراط في نشاط أو عادة استنزاف.قلّل طاقة التنشيط للعادات التي تريد تبنّيها وارفعها للعادات التي تريد تجنبها. كلما تمكنّا من خفْض طاقة التنشيط لأعمالنا المرجوّة؛ عزّزنا قدرتنا على بدء التغيير الإيجابي.
"وجدنا أن السعي إلى الكمال يقود الأساتذة في طريقهم إلى البحث عن الإنتاجية". هذا ما قاله الدكتور سيمون شيري (Dr. Simon Sherry)، أستاذ علم النفس في جامعة دالهوزي (Dalhousie)، الذي أجرى دراسة حول الكمالية والإنتاجية، لصالح شؤون الجامعة؛ كلما كان الأستاذ أكثر كمالية، كانت إنتاجيته أقل؛ لقد وجد الدكتور علاقة قوية بين زيادة الكمالية وانخفاض الإنتاجية، والعكس.لعلّ السعي وراء الكمال يؤدي بنا إلى بعض المشاكل، منها: • القضاء في المهمة وقتًا أطول مما هو مطلوب؛ ما يتطلب بذل جهد أكثر واستنفاذ طاقة أكبر.• المماطلة وانتظار اللحظة المثالية. في العمل، قد يفوتك الأوان وأنت تنتظر اللحظة المثالية. كن عفويًّا ولا تعقّد الأمور؛ فكل لحظةٍ مثاليةٌ لأي شيء تريد أن تقوله أو تفعله، كل ما عليك فعله هو المبادرة والشجاعة في اتخاذ القرار. إذا كنت تبحث عن اللحظة المثالية؛ توقّف عن ذلك، وفكّر بجدّية
: "اللحظة المثالية هي الآن"
فقدان الصورة الكبيرة في التركيز أكثر من اللازم على التفاصيل الصغيرة؛ ففي سعيك نحو الكمال، قد تهتم بالتفاصيل الدقيقة؛ فتضيّع وقتك في ذلك، مهملًا الشكل الخارجي للأشياء، الذي قد يبدو مهمَّا جدًّا للبعض. وهنا لا نقلل من أهمية عمق الأشياء، ولكن لا نحبّذ إيثارها على القشرة الخارجية.
إذا كان في إمكانك تحسين مواقع الويب (Web) لمحركات البحث؛ تستطيع تحسين حياتك لتنمو وتصل إلى أقصى إمكاناتك.هناك عدد لا يُحصى من الدراسات البحثية التي يمكن أن تقدم لك نظرة ثاقبة حول تحسين إنتاجيتك. على سبيل المثال، هل تعلم أن تشتّت انتباه معظم الناس أسهل بين الظهر والرابعة مساءً؟ كان هذا هو الاستنتاج الذي جاء به بحث شاركه روبرت ماتشوك (Robert Matchock)، أستاذ علم النفس المشارك في جامعة ولاية بنسلفانيا (Pennsylvania). ولكن، حتى إذا لم تتمكن من العثور على بيانات حول سؤال معين قد يدور في ذهنك؛ فلن يستغرق الأمر الكثير من الوقت لإجراء اختبار تقسيم بسيط وفحص النتائج الخاصة بك.لا تقل: إذا فعلت كذا؛ سيكون كذا... ولا تخمّن النتائج ما لم تلمس شيئًا على أرض الواقع. باختِصار، إذا كنت ترغب في تنفيذ عمل ما، بادِرْ إليه بكل شغف، من دون خوف أو توقعات للفشل ولا حتى للنجاح... بادر فقط والنجاح سيكون حليفك.
معظم الناس لا يدركون أن انكبابنا بشكل كبير على عمَل ما؛ سيؤدي بنا في الأساس إلى أن نحبس أنفسنا في صندوق، وننعزل عن العالَم؛ ومن الممكن أن ينتهي بنا الأمر إلى نتائج معاكسة لعملنا أو لما نرجو. من المهم الابتعاد عن العمل من حين لآخر وقضاء بعض الوقت بمفردك، وهو أمر جيد للعقل والروح، وفقًا لمبدأ
"قوة الوحدة" من بوسطن جلوب (Boston Globe ).تشير إحدى الدراسات الجارية في جامعة هارفارد (Harvard) إلى أن الأشخاص يشكلون ذكريات أكثر ديمومة ودقة إذا اعتقدوا أنهم يمرون بشيء بمفردهم. فيما تشير دراسات أخرى إلى أن قدْرًا معينًا من العزلة يمكن أن يجعل الشخص أكثر قدرة على التعاطف مع الآخرين. وبينما لا أحد يجادل في أن الكثير من العزلة في وقت مبكر من الحياة يمكن أن يأتي بنتائج غير صحية؛ فقد ثبت أن قدْرًا معينًا منها يساعد المراهقين على تحسين حالتهم المزاجية والحصول على درجات جيدة في المدرسة.لكن من الجدير بالإشارة إليه، أننا يجب أن نميز بين العزلة والانطوائية؛ فمن دون أن نشعر، يمكن أن تأخذ بنا الأمور أقصاها، ونتحول إلى أشخاص انطوائيين... قليل من العزلة لا يضرّ في شيء، بل يحسّن الإنتاجية، لكن الكثير منها قد يجرّنا إلى الانطوائية، وهذا ما لا نريده لأنفسنا...ختامًا، من المهم أن نستغرق وقتًا للتفكير. غالبًا ما نجد الحلول التي نبحث عنها عندما لا نبحث عنها بشكل نشط. ولكن من المهم أيضًا أن نفهم أننا لا نصبح أكثر إنتاجية بين عشية وضحاها؛ فكل شيء في هذه الحياة يتطلب جهدًا وممارسة. ولعلّ التغيير لا يحدث بمجرد الجلوس وانتظاره. بدلًا من ذلك، امنحْ نفسك الوقت الكافي لمعرفة المزيد عن جسمك، وإيجاد طرُق قابلة للتنفيذ لتحسين طاقتك ووقتك من أجل حياة أكثر نجاحًا وسعادة.
تصفح أيضًا عبر مرداد:
عبارات عن موت شخص غالي وطريقة تجاوز المحنة
حكم مؤثرة في النفس عن الحياة الدنيا
كلمات جميلة في حق الأم مؤثرة وقصيرة
الكثيرون منا يشعرون في وقت من الأوقات أنهم غير منتجين، أو أن إنتاجيتهم تقلّ بين حين وحين. وذلك عائد إلى أسباب كثيرة تكمن في ممارسات خاطئة يقومون بها، ظنًّا منهم أنهم سيحققون أفضل النتائج. في حين أن كل شيء ينقلب عليهم، وغالبًا ما يصابون بالإحباط... من الضروري بل من الواجب أن نكون واعين لما يحدث معنا، وأن ندرك أهمية التوقف عن تلك الممارسات لنحقق أفضل إنتاجية، ومن ذلك:
ترجمة صفاء الشيخ بتصرّف لصالح فريق مرداد