الإمارات قلصت ساعات العمل، أي دول في العالم قلصتها أيضاً؟

08 ديسمبر  .   4 دقائق قراءة  .    877

لقد أثار القرار الجديد الذي أصدرته دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من الأصداء والتعليقات، حيث كان مضمون هذا الخبر هو تقليص أيام العمل في الأسبوع من خمسة إلى أربعة أيام ونصف، وتغيير عطلة نهاية الأسبوع من الجمعة والسبت إلى السبت والأحد بما يتماشى مع نظام العطل في باقي دول العالم.

كما نصّ القرار على توحيد موعد إقامة خطبة وصلاة الجمعة، لتكون الساعة 1:15 ظهرا على مستوى الدولة طوال العام.

 

الاندماج مع الأسواق العالمية

وكان السبب الرئيسي وراء هذا القرار هو رغبة دولة الإمارات العربية المتحدة في الاندماج مع مختلف الاقتصادات والأسواق العالمية الأخرى، وهذا من شأنه أن يعزز موقع دولة الإمارات على خارطة الأعمال الدولية كمركز اقتصادي عالمي، وسيسهم في تعزيز اندماج الاقتصاد الوطني، ويعزز من موقعها الاستراتيجي المهم والفاعل في الاقتصاد العالمي، خاصةً أن النظام الجديد للعمل الأسبوعي يؤمّن تطابق أيام التبادلات والتعاملات التجارية والاقتصادية والمالية مع الدول التي تعتمد العطلة الأسبوعية يومي السبت والأحد.

 

كما يساهم هذا القرار في دعم مسيرة العمل والتنمية في مختلف القطاعات في دولة الإمارات، ويعمل على زيادة الإنتاجية فيها، بما يدعم الأهداف التنموية للدولة.


ويأتي هذا القرار في إطار الجهود الحكومية للارتقاء بجودة الحياة في المجتمع الإماراتي، وتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية ومتطلبات العمل في مختلف القطاعات.

 

زيادة مدة عطلة نهاية الأسبوع

من فوائد القرار المنتظرة من منظور الأفراد،هي زيادة العطلة الأسبوعية يعزز الصحة النفسية للأفراد ويدعم حفظ الأواصر الأسرية والمجتمعية وتحقيق استمرارية الأعمال والمواءمة مع الاقتصادات العالمية والتعاملات البنكية العالمية، كذلك استهدف النظام الجديد تمكين الموظفين من ممارسة أنشطة لم يكن باستطاعتهم ممارستها سابقا بصورة فعالة، مثل بدء مشروع خاص أو استكمال الدراسات العليا أو السفر.

 

هذا ويشمل القرار الدوائر الحكومية كافة لكنه ليس معداً للتطبيق على القطاع الخاص، كما إنه يشمل طلبة المدارس، على أن تقوم وزارة التربية لاحقاً بالإعلان عن ساعات الدوام المدرسي في المدارس والمعاهد التربوية.

 

وتشير دراسة علمية حديثة* إلى أن الإجازة هي الطريقة المثلى لتحسين الأداء الإدراكي للإنسان، فهي ليست مجرد وقت يقضيه الإنسان متوقفًا عن أداء ما اعتاد فعله بشكل عام، بل إنها ذات تأثير كبير ومهم على الصحة النفسية والعقلية والجسدية للإنسان .

 

أي دول العالم اعتمدت عدد ساعات أقل؟

بالنظر إلى  هذا القرار الجديد نلاحظ أن نظام العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة أصبح يتضمن 36 ساعة ونصف خلال الأسبوع الواحد، وبالتحري عن هذا الأمر نلاحظ أن هناك العديد من الدول قامت بتجارب رائدة في هذا المجال مثل  هولندا التي اعتمدت منذ العام 2000 أسبوع العمل 29 ساعة وهو أدنى متوسط لساعات العمل الأسبوعية في الدول المتقدمة، وأقرّت فرنسا قبل سنوات نظام العمل لـ 35 ساعة أسبوعياً منذ نحو 20 عاماً بهدف تحقيق توازن أفضل بين العمل وجودة الحياة، إلا أنه لم يطبق على نطاق واسع ولا يزال عرضة للجدل إذ يعتبر أنصار المبدأ أنه يحقق توازناً بين العمل والحياة بينما يعتبر منتقدوه أنه أضعف من القدرة التنافسية للاقتصاد الفرنسي، إلا أن هناك مؤسسات عديدة في أوروبا بدأت تخفض أسبوع العمل إلى 28 ساعة من دون خفض الرواتب. وفي ألمانيا يتم تطبيق ساعات عمل أقل لكن مع تحقيق فعالية أكبر بكثير في الإنتاجية.

 

يبقى القول إن الولايات المتحدة تسجل أعلى ساعات العمل الأسبوعية ولا يزال النمط الطبيعي هو العمل 8 ساعات يومياً لخمسة أيام وربما أكثر وهناك مهن عديدة يمتد العمل فيها لخمسين ساعة وأكثر. وتسجل الدول الآسيوية وخصوصاً اليابان ساعات عمل طويلة بالمقارنة مع الدول الأوروبية. ولكن تعرض اليوم ولايات أمريكية عديدة هذا النظام كخيار أمام الموظفين الحكوميين. وهناك شركات كبرى تعتزم تطبيقه، ومنها شركات صناعة السيارات. والدافع الرئيس إلى ترويج هذا الخيار يبقى هو نفسه: ارتفاع أسعار الوقود. بالإضافة إلى دوافع ثانوية تسهم في تعزيز اعتماد هذا الخيار، ومنها أن الشركات تعرضه وكأنه مكافأة للموظفين. إذ إن الأزمة الاقتصادية تصعب تقديم المكافآت المادية , وتوفير المصاريف التي يتكبدها هؤلاء للوصول إلى مراكز أعمالهم.

 

وفي الوقت نفسه، يبدو هذا النظام الجديد أكثر جاذبية للموظفين الأصغر سناً، الذين اختاروا ألاَّ يمضوا في الطريق الذي كان عليه آباؤهم من تكريس حياتهم للعمل وحده. فهذا النظام الجديد يعطي فسحة أوسع لهؤلاء الشبان تسمح لهم بالانصراف كفاية إلى ما يودون عمله في حياتهم، وتضفي مزيداً من التوازن بين حياتهم الشخصية والعملية. الأمر الذي يعزَّز بدوره من قدرات الشركات على اجتذاب المواهب الشابة.

والتأثيرات الفعلية لهذا القرار ستظهر تباعا ضمن الإمارات العربية المتحدة من خلال الدراسات والاستبيانات القادمة .

 المصادر:

https://www.scientificamerican.com/arabic/articles/news/what-is-vacation-doing-to-our-bodies-and-minds/

  4
  3
 0
مواضيع مشابهة
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال