07 مارس . 4 دقائق قراءة . 857
لا يوجد اتفاق عند المهتمين بالشأن الفلسفيّ على النطاق الدقيق لتحديد مفهوم المنطق، لكنه في سياقه العام يقوم على:
تناول أو استخدام الحجج والوسائل المعرفيّة المتاحة, للكشف من خلالها عن حقائق الظواهر موضوع البحث, وهي وسائل وحجج منها ما هو مبنيّ على البرهان والاستدلال والاستنتاج والتجربة وقوانين المعرفة الحقيقية الأكثر شيوعًا. ومنها ما هو مبنيّ على الحدس والتأمل والخيال والعاطفة والذاتيّة وغير ذلك.
ويمكن القول أيضاً :
إن المنطق من الناحية العلميّة، هو علم دراسة مناهج الفكر وطرق الاستدلال والاستنباط للوصول إلى معرفة الظواهر قيد البحث. ويشار إلى أهميّته، لأنّه يساعد الناس على التمييز بين الأفكار المنطقيّة, القويّة منها والضعيفة، حتى يتمّ الوصول إلى المعرفة المنطقيّة أو العقلانيّة.
وهو المنطق الذي تبرز سماته وخصائصه في التالي:
1- هو منطق حي. أي منطق واقعيّ عيانيّ تكشف حقائقه التجربة والممارسة أولا, لتصل أخيراً إلى الاقرار النظريّ بما تم الوصول إليه عبر التجربة والممارسة ثانياً.
2- يعلمنا هذا المنطق أن الكل الكونيّ هو ما هيّة واحدة. أي أن الطبيعة والمجتمع كلاهما يشكلاً وحدة لا يمكن الفصل بينهما, في الوقت الذي يعتبر فيه أن مكونات الطبيعة تشكل وحدة قائمة بذاتها, وكذلك المجتمع. وأن هناك علاقة جدليّة تربط هذه المكونات كلها مع بعضها, بحيث أن كل جزء منها يؤثر بالآخر ويتأثر به.
3- هو يمثل علما مطلقاً من التطور. أي أن الحركة و التطور وبالتالي التبدل هي قيم مطلقة في الظواهر. ففي الحركة تتجدد الظواهر في الشكل والمضمون دائماً, وما السكون إلا طريقا لموت الظاهرة.
4- هو لا يكتفي بعكس التطور والتغير اللذين يجريان في العالم, بل ويتوجب عليه تفسير التناقض القائم على أساس هذا العالم . إي أن المنطق الجدليّ أو الواعي لا يكتفي بكشف سمات وخصائص الظواهر والتأكيد على حرتها وتبدلها وتطورها فحسب, بل هو يعمل على كشف جوهر الظواهر موضوع البحث أو المعرفة, وذلك من خلال البحث عن التناقضات الداخليّة في جوهر الظواهر. أي الوحدة والصراع داخل الظواهر ذاتها التي تؤدي إلى الحركة والتطور والتبدل في هذه الظواهر. وهو هنا يرفض التعليل اللاهوتيّ والميتافيزيقيّ في التعامل مع الظواهر. أي هو يعتبر التناقض مشروعاً واقعياً لأنه موجود في الأشياء ذاتها.
6- إن علم المنطق العقلانيّ الجدليّ, يهتم بالعالم الواقعيّ الذي يرتبط ارتباطاً بنا وبأفكارنا. وفلسفة العمل في هذا المنطق هي المدعوة لا لإشباع حب الاستطلاع الإنسانيّ فحسب, بل وإلى إعادة تنظيم الحياة تنظيماً عقلانيّاً أيضاً, إن تطور الفلسفة سيودي بالضرورة إلى تحويل الفكر إلى عمل.
7- إن المنطق العقلانيّ الجدليّ ينظر إلى الظواهر نظرة ماديّة مرتبطة بالواقع, ويمكن البرهان على وجودها ومعرفتها من خلال التجربة, ومعرفة القوانين الخاصة بها, وإن ليس هناك شيء غير ماديّ في العالم. والطبيعة عمليّة ماديّة واحدة من حيث المضمون, ومتنوعة من حيث الشكل, تتم وفقاً لقوانينها الداخليّة الخاصة, وأن الطبيعة والمجتمع في حالة حركة تطور وتبدل وتحول إلى اشكال أخرى دائمة.
دعدنان عويّد
كاتب وباحث من سوريّة.
d.owaid333d@gmail.com
08 أبريل . 6 دقائق قراءة