رحيل

Ola Shams

02 مايو  .   2 دقيقة قراءة  .    789

https://pixabay.com/images/id-2603793/

أحب أن أقتنع أن من يرحل عن دنيانا يصبح نجمة تضيء سماءنا بعد رحيله وقد مضى على رحيلكم الكثير ولم أعد أميزكم بين كل نجوم سوريا التي تضيء! وظننت أنه لا ضرر من أن أكتب لكم لأروي لكم ما يحدث هنا على كوكبنا. فأنا لا أعلم إن كنتم على دراية بكل أحوالنا؟! 

بعد أن غيبت الحرب الكثير منا قتلاً وأسراً وتهجيراً، يخبروننا نحن الغائبون عن دمشق منذ حين، أن الشام لم تعد كما كانت! يقولون إن بريقها قد انطفأ وأن عيون من تبقى من أهلها قد تاهت. يقولون إن البساطة التي كانت تشعرنا بالسعادة سابقاً أصبحت الآن سبباً لتعاستنا. يهمسون إلينا بأن الضوضاء في دمشق ما هي إلا بكاء شوارعها على غيابنا. بالرغم من أن الشوارع مازالت مزدحمة والناس تملأ الطرقات وأصوات الباعة تملأ الأسواق، أجدني متسمرة أمام شاشة التلفاز ليل نهار أحدق بها علني ألمح وجهاً أو مكاناً أألفه دون جدوى! أتساءل بيني وبين نفسي هل اختلف شكل وجهنا في المرآة؟ هل تغير طعم مياه الفيجة؟ هل صارت رائحة الهواء غريبة؟ هل اختلف ملمس الطريق تحت دعسة قدمنا؟ هل تغيرت لهجتنا؟ هل ما زال هناك يمين ويسار؟ أما زال هناك داخل السور وخارج السور؟ هل مازلنا بانتظار النيزك؟ أما زالت تفوح رائحة حمرا طويلة من مقاهي دمشق؟ هل هناك بيرة بردى وعرق الريان؟ هل أصبح الحشيش هو دخان الجيل الجديد؟ بالنسبة لي أخاف أن أعود لأكتشف أن كل هذا أصبح منسياً وأخاف ألا أعود فلا أكتشف وجوده من عدمه! وأحكم عليه برصاصة الموت الوحيدة. 

بعد أن احتلت سورية محور الاخبار لسنوات طويلة اختفت فجأة من ساحتها! ليس بسبب انتهاء الحرب فيها ولكن لأنهم يقولون بأن حرباً جديدة نشبت على سطح هذا الكوكب؛ وكأن الأرض لم تكتفي بالدماء التي سفكت من قبل! حرب في بلاد أوروبية والقتلى يحملون جينات غربية. بمازوشية تابع السوريون الحرب الروسية الأوكرانية ليستعيدوا ذكرياتهم غير المنسية ليبكوا على خياراتهم واختياراتهم. والخيارات على صعوبتها مازالت متاحة لمن يريد النجاة. الاختيار هو أخطر نعمة منحت للإنسان. لأنه يحدد كل ما تبقى. أصبحنا ننتظر ساعة الخلاص. ونبحث عن الضوء في آخر النفق علنا نجده فهل هذه بداية النهاية أم أنها المقدمة ليس إلا؟!   

 

 

 

  4
  7
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال