نحياها مرة واحدة

Ayat Ayat

14 سبتمبر  .   3 دقائق قراءة  .    1002

نحياها مرة واحدة نتنفسها مرة واحدة ندخلها ضيوفا مرة ، علامَ العتب والتعب والتحليل كلنا ضيوف نَحملُ أمتعة البقاء المؤقت نرى فيها كل الأصناف والألوان ننغرُّ ونُخدع مرة ونستيقظ مرات ومرات نحبُ ما لا يُعشق ونتعلقُ بالزوال نكافح دفاعًا عن أخطاءَ عديدة لنستيقظ على جُرمٍ بحجم غبائنا ، لكن المحظوظ فينا من يستيقظ .
عندما تنطلق بالكون بعيدا تشاهد المشهد من علوٍّ وارتفاع فتبدو الأمور والأحداث والأشخاص أصغر بكثير أصغر مما كنت تتخيل أو تظن تستوعب حجم تقزم المجريات وتفاهة المراحل التي خضتها تعلم كم كنت ساذجًا وتضحك كثيرًا على ذاتك .
كلما زاد حجم العلوّ زاد الإدراك وزاد استصغار الفوضى التي أحطت نفسك بها، مثل جرذٍ عالقٍ بمصيدةِ عجوزٍ شمطاء ترعى الخرافة والشعوذة والسحر .
يا لها من لوحة غريبة كُنت فيها دائما مرسومًا وغير مرسوم ،كُنت خيطا صوفيًّا رمادي اللون أُساق من أول لون إلى التوقيع، أراد الله لحكمة ما لسبب لن تعلمه الآن أن ينتزعكَ انتزاعًا من كلِّ التفاصيل يُلقيكَ بعيدًا حتى عن ذرات الهواء المشتركة وضعكَ في هواء جديد 
يدخلُ كلّ جهازك التنفسي يُنظف الغبار العالق والأتربة يُعلمكَ فنَّ الشهيق والزفير يُطِيلُ أنفاسك يُدرّبك على الصمود على الغوص دون خوف على قطع الهواء متى شئت، والتنفس بعمق مُوغلٍ المدى عند العشق.
مُحقٌّ من خاف وهاب الإدراك مرعبٌ الفهم والاستيعاب كما قالوا أعلم الآن أن الجهل راحة ونوم عميق والإدراك شقاء .
ويعلم الخيط الصوفيّ هذا حجم الصمت، قيمة السكوت ثمن الحرف  كَبِرَ الخيط الصوفيّ كثيرًا  وتعلّم تقديسَ التخلي.
التخلي عن كل الحواس فهو أعمى عن تفاهة المسرحية الممثلة بتقزز ما كانت تَراه العين سابقا، وهو أصم عن كل لغات الكون لا يسمع بعد الإدراك إلا صوت عقله حواره الداخلي منولوج روحه التي تمارس الحياة بعيدا وبعيدا عن كل ما مضى.

  2
  1
 2
مواضيع مشابهة
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال
لينا شباني
22 سبتمبر
نص مذهل وجميل جداً. تحياتي
  0
  0
 
Ayat Ayat
27 سبتمبر
شكرا لك
  0
  0