14 فبراير . 3 دقائق قراءة . 557
ثمة شيء في طفولتك حدث وبدون أن تعي ذلك كل شيء سيدور حوله إلى آخر لحظة من حياتك.. عبارة ذكرت في رواية عابر سرير
للوهلة الاولى قد تبدو عبارة تنطوي على بعض المبالغة
لكن مع كارل تيودور درايير الوضع مختلف.. فالأمر واضح من الفيلم الاول الذي قام درايير بإخراجه the president 1919
أشار درايير بإصبعه ناحية الظلم الذي وقع بحق ثلاثة أجيال من النساء.. والسبب بسيط (لا يجوز ان يتزوج رجل من الطبقة النبيلة بإمرأة من الطبقة العامة) كارل فيكتور الذي يعد والده بهذا الامر فيترك المرأة التي احبها حاملا ويرحل ليجد بعد ٣٠ سنة انه يحضر محاكمة (ابنته المتهمة بقتل ولدها بعد هجرانها من قبل رجل نبيل آخر) ليست القصة غريبة عن درايير فهذا الحدث وقع فعلا معه وتوفت والدته بعد سنة من إنجابه.. يثير درايير بفيلمه الصامت النقد تجاه النظام الطبقي والعادات البالية.. لكن جوهر فيلمه يكمن في سؤال يوجهه.. كيف نتوقع من ممارسة عادات خاطئة ومجحفة ان نخلق افرادا سليمين.. فالأمر سيتكرر إلى النهاية حتى يدمر المرء نفسه.. ومن لم تدمره العادات ونتائجها يمكن للضمير وجلد ذاته أن يفعل..
في افلامه درايير دائما بجانب المرأة.. وهي محور افلامه والمرتكز الذي يجعل فيلمه متماسكا.. في passion of joan of arc كان درايير يبحث عن وجه لا يمكن أن ينُسى وقد نجح تماما في هذا لا يمكن لمن يشاهد الام جان دارك أن ينسى وجه فالكونتي.. فيلم وجوه بإمتياز فلم يقدم درايير أحداثا تاريخية ولا ساحات قتال.. نقل القتال إلى نفس جان ونفوس أعضاء الكنيسة فقدم إمرأة تحاكم من قبل مجموعة من الرجال الذين كانوا جاهزين لحرقها والايقاع بها بأية طريقة.. في السينما الصامتة كان الاعتقاد يسير بأنك ان اردت ان تدرك نفس وداخل الشخصية فالتركيز كله يقع على الوجه.. عبث درايير مكثفا مشاهده بين وجه جان ووجوه اعضاء الكنيسة
مظهرا جفاء وجوههم التشققات تجاعيدهم طريقة كلامهم مقابل نقاء وجهها.. فيتركنا مجددا مع سؤال لماذا تم احراق جان دارك.. في محاكمة سقراط كانت نتيجة حكم الإعدام نتيجة مؤكدة وتحمل المنفعة في الحالتين إما التخلص منه وإما تراجعه أو هروبه فيهدم نفسه بنفسه..كون سقراط كان سببا كافيا إن ترك ليحدث التغيير والتأثير بالنظام القائم.. فهل تم الحكم على جان بالحرق بسبب الهرطقة ؟؟
وفي جوهرة افلامه ordet كانت إنجر نقطة ارتكاز الفيلم والرابط الذي ترجع إليه كل الشخصيات الزوج الساخر من المعتقدات الدينية الأب المتشدد... في مجمل أفلامه ترك درايير شخصياته مع مراجعة واكتشاف لذاتها مثيرة الأسئلة وباحثة عن اجوبة لها.. فأثار من بداية أفلامه الاسئلة التي كانت تتستكمل نفسها في كل فيلم آخر وصولا إلى السؤال الأهم... النقد نحو النظام السائد إلى السبب الذي يمكن أن يعاقب الانسان عليه.. وصولا إلى ما هي حقيقة الحياة وما حقيقة أو يقين ما نؤمن به.. وخلف كل هذه الأسئلة هل ندرك أهمية اللحظة.. اللحظة الحياة؟؟
17 فبراير . 7 دقائق قراءة