18 فبراير . 10 دقائق قراءة . 943
زراعة الأعضاء هي بوابة الأمل
الوحيدة للعديد من المرضى الذين يعانون من فشل تام لعضو ما أو أولئك الذين فقدوا
أحد أعضائهم، على الرغم من التحسن الكبير الذي يطرأ على حياة المرضى بعد إجراء
عملية زراعة الأعضاء إلا أن عمليات زراعة الأعضاء لا يتم إجرائها بشكل واسع وذلك
بسبب التحديات الكبيرة التي تصاحب عملية زراعة الأعضاء مثل نقص الأعضاء، وعملية
التثبيط المناعي الضروري لتجنب مهاجمة جهاز المناعة للعضو المزروع، كذلك المضاعفات
الخطيرة المصاحبة لاستخدام مثبطات المناعة مما يحد من تطبيقه السريري الواسع.
في هذا المقال سوف نتعرض إلى أهم التقنيات الطبية والتكنولوجية المستخدمة في إنتاج الأعضاء البشرية ومنها الطباعة ثلاثية الأبعاد، واستخدام تكنولوجيا النانو في انتاج خلايا جذعية مستحثه.
تعتبر تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد من التقنيات الحديثة والتي تم تداولها بكثرة في العقود الأخيرة حيث تم استخدام هذه التقنية في العديد من المجالات العلمية والصناعية مثل صناعة السيارات وصناعة الغذاء وغيرها، لم يكن الطب بعيداً عن هذا التطور التكنولوجي المثير، حيث تم استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج أنسجة وأعضاء بشرية يمكن زراعتها في جسم الإنسان، فما هي الطباعة ثلاثية الأبعاد وكيف تعمل؟ وما هي مراحلها؟ وما أهميتها؟ وما أهم التطبيقات عليها؟
الطباعة ثلاثية الأبعاد هي عملية تصنيع تجميعي حيث يتم الجمع بين المواد الحيوية مثل الخلايا وعوامل النمو وذلك لبناء أنسجة تتطابق مع الأنسجة الطبيعية الموجودة في جسم الإنسان.
هناك عدة طرق للطباعة الثلاثية الأبعاد منها الطباعة ثلاثية الأبعاد المعتمدة على البثق، أو الطباعة ثلاثية الأبعاد المعتمدة على الصوت أو الطباعة ثلاثية الأبعاد المعتمدة على الليزر أو الطباعة ثلاثية الأبعاد النافثة للحبر، وعلى الرغم من الاختلافات الجوهرية بين هذه الطرق إلى أن عملية الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد النموذجية لها سلسلة من الخطوات القياسية إلى حد ما والتي تشترك فيها جميع طرق الطباعة ثلاثية الأبعاد هي:
للحصول على صورة دقيقة يجب تصوير العضو المراد طباعته تصويراً دقيقاً حيث يجب أن يشتمل هذا التصوير على الأبعاد الثلاثة للعضو أو النسيج المراد طباعته، يستخدم التصوير المقطعي والتصوير بالرنين المغناطيسي وذلك للحصول على صورة ثلاثية الأبعاد للعضو المراد طباعته.
بعد الحصول على الصورة ثلاثية الأبعاد للعضو المراد طباعته يتم رسم نموذج ثلاثي الأبعاد للعضو المراد طباعته وذلك باستخدام أحد برامج الكمبيوتر المخصصة للرسم ثلاثي الأبعاد مثل برنامج أوتوكاد (AutoCAD software) ثم يتم تصميم النموذج ثلاثي الأبعاد على نظام الطبقات طبقة تلو الأخرى مع إضافة التعليمات والتفاصيل الدقيقة جداً لكل طبقة على النموذج الذي نقوم بتصميمه.
يتكون الحبر الحيوي من خلايا حية وقاعدة توافق نوع هذه الخلايا، حيث نقوم بطباعة هذه الخلايا الحية على القاعدة الموافقة لها وذلك حسب النموذج ثلاثي الأبعاد الذي تم تصميمه على برنامج الأتوكاد، هناك عدة انواع من القواعد والتي يمكن استخدامها في عملية الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد مثل الكولاجين أو الجيلاتين أو الهيالورونان أو الحرير أو الألجينات أو النانوسليلوز، هذه القواعد تعمل كسقالات (هيكل) للخلايا للنمو عليها وكمغذيات للحفاظ على الخلايا على قيد الحياة، يتم اختيار القاعدة بناء على المريض ونوع الخلايا المراد طباعتها وكذلك الوظيفة التي نرغب في الحصول عليها من العضو بعد طباعته.
تتضمن عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد وضع وترسيب طبقات من الحبر الحيوي طبقة تلو الأخرى، حيث يبلغ سمك كل طبقة 0.5 ملمتر أو أقل، حيث يتم دفع الحبر الحيوي ذو القوام السائل شديد اللزوجة بكميات مختلفة بناءاً على نوع النسيج المراد طباعته وعدد الفتحات الموجودة في المنفث وهي اداة تستخدم للتحكم في اتجاه وخصائص السائل الحيوي المستخدم في عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
بعد عملية الترسيب ووضع الحبر الحيوي، يكون القوام الناتج سائل لزج والتي تتصلب لتحافظ على شكلها، وتستمر عملية الطباعة من خلال عملية ديناميكية من الترسيب "المزج" والتصلب، تُعرف عملية المزج والتصلب باسم التشابك ويمكن أن يساعد في هذه العملية ضوء الأشعة فوق البنفسجية أو بعض المواد الكيميائية أو الحرارة (يتم اضافتها عادةً عبر مصدر ضوء الأشعة فوق البنفسجية).
تكمن أهمية عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد في الحصول على أعضاء وأنسجة تتطابق بصورة كبيرة جداً ودقيقة مع الأنسجة والأعضاء البشرية، يمكن استخدام هذه الأنسجة و الأعضاء المطبوعة لإجراء التجارب الطبية السريرية والدوائية عليها بدلا من استخدام حيوانات التجارب حيث يمكننا اختبار دواء معين على أنسجة مطبوعة بدلا من اختبار الدواء على أنسجة حيوان, كذلك يمكننا من خلال استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد انتاج أنسجة وأعضاء مريضة بمرض معين وبالتالي يمكننا اجراء اختبار دواء معين لهذا المرض الذي تم طباعته بدلا من التجربة على المرضى او على الحيوانات. كما وتظهر الفائدة القصوى من الطباعة ثلاثية الأبعاد في إمكانية استخدام الأعضاء المطبوعة في عمليات زراعة الأعضاء، حيث يمكن استبدال عضو من جسم الإنسان بعضو مطبوع يمتلك خواص مطابقة للعضو الأصلي.
هناك العديد من التطبيقات التي يمكن استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد فيها ومن الأمثلة على هذه التطبيقات:
هي واحدة من أعظم التطبيقات التي وفرتها الطاعة ثلاثية الأبعاد، حيث أنه وبسبب الارتفاع الكبير في فشل زراعة الأعضاء الحيوية. يساعد توفر الأعضاء ثلاثية الأبعاد المطبوعة على حل المشكلات المتعلقة بزراعة الأعضاء بشكل كبير، وهو أمر مهم للمرضى وعائلاتهم وأنظمة الرعاية الصحية.
يعد تطوير أنسجة مطبوعة مهم بشكل خاص في الاختبار الصيدلاني، حيث توفر الطباعة ثلاثية الأبعاد خيارًا أكثر فعالية من حيث التكلفة والقضايا الأخلاقية من استخدام حيوانات التجارب، كما أنه يساعد في تحديد الآثار الجانبية للأدوية ويسمح بإعطاء الأدوية الموصى بها للبشر بجرعات آمنة تم التحقق من صحتها.
تستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد في تعويض الجلد المفقود في مناطق مختلفة من الجسم بجلد مطبوع، كما يمكن استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في تطبيقات أخرى مثل تجديد أنسجة العظام والأطراف الصناعية وتطبيقات الأسنان.
الخلايا الجذعية هي الخلايا الأساسية التي تتكون منها جميع أعضاء وأنسجة الكائنات الحية، حيث يعود أصل الكائنات الحية ومنها الإنسان إلى مجموعة من الخلايا الجذعية والتي تحولت إلى خلايا متخصصة مثل خلابا الكبد وخلايا البنكرياس وخلايا العظام وغيرها من خلايا الإنسان، ولقد تم توظيف هذه الخلايا الجذعية في عملية زراعة الأعضاء، حيث يتم استخلاص الخلايا الجذعية من الإنسان المراد نقل العضو إليه وتنميتها في بيئة مناسبة مع إضافة مواد كيميائية وبيولوجية لتحوير هذه الخلايا الجذعية إلى خلايا متخصصة نرغب في الحصول عليها ثم زراعتها في جسم المريض بالتالي لا يحتاج المريض إلى أدوية مثبطة للمناعة لأن احتمالية رفض الجسم للعضو المزروع تكون ضعيفة جداً.
تقدم تقنية النانو طرقًا جديدة للتعامل مع التحديات المختلفة التي واجهتها عمليات زراعة الأعضاء، حيث أظهر تطبيق تقنية النانو نجاحات منها:
قدمت تقنية النانو جسيمات نانونية يمكنها توصيل مثبطات المناعة إلى المنطقة المستهدفة "منطقة العضو المزروع" والذي بدوره يساعد قي تقليل الآثار الجانبية العشوائية لهذه المثبطات مما مكّن الأطباء من استخدام جرعات دوائية أكثر دقة وتدوم لفترة أطول، كما تقنية النانو وفرت جسيمات نانونية دهنية يمكن من خلالها إيصال الأدوية غير قابلة الذوبان في الماء إلى منطقة العضو المزروع مما يسهم في زيادة فعالية الدواء.
تستخدم الجسيمات النانوية في توصيل مادة التباين (Contrast medium) وهي مادة كيميائية تستخدم لتحسين تباين الأنسجة والسوائل في الجسم أثناء التصوير الطبي، إلى المناطق المستهدفة، حيث أظهرت الدراسات أن الصور التي حصل عليها باستخدام تقنية النانو أفضل تباينا بمقدار ستة اضعاف من التصوير بدونها.
تم استخدام تقنية النانوية تجديد الأنسجة البشرية وذلك من خلال استخدام مجموعة متنوعة من المركبات، وأنظمة التوصيل النانوية، والقنوات النانوية القابلة للزرع ومنصات الكبسولة النانوية القادرة على تعزيز نمو الخلايا.
أجمل ما في الطب هو قابليته للتطوير وإدخال التقنيات الحديثة عليه والذي بدوره يزيد من صحة الإنسان ويعالج أكثر الأمراض التي قد يعاني منها الإنسان، فهناك الكثير من الأمراض التي كانت سابقاً أمراض فتّاكة الآن هي بفضل تطوّر الطب أمراض يمكن علاجها بأساليب وأدوات بسيطة.
محمد أبو عبدو
· Hospodiuk, M., Dey, M., Sosnoski, D. & Ozbolat, I. T. The bioink: a comprehensive review on bioprintable materials. Biotechnol. Adv. 35, 217–239 (2017).
· Ozbolat, I. T. 3D Bioprinting: Fundamentals, Principles and Applications (Elsevier Inc., Amsterdam, 2016).
· Ye, Lei et al. “Induced pluripotent stem cells and their potential for basic and clinical sciences.” Current cardiology reviews vol. 9,1 (2013).
· Tasciotti, Ennio et al. “The Emerging Role of Nanotechnology in Cell and Organ Transplantation.” Transplantation vol. 100,8 (2016).
14 ديسمبر . 0 دقيقة قراءة
01 ديسمبر . 10 دقائق قراءة