12 مارس . 3 دقائق قراءة . 638
أتمسّكُ بقلمي الرَّصَاص
وأقومُ بإعداد الخطة
واستكشاف الخريطة
بعدسةٍ مكبرة وأحيانًا
بعيني المجردة..
أسهرُ في مطبخ أمي
على النور الأصفر الدافئ
أُهاتفُ حبيبي أسأله الحضور
وأنّ عليه تعبئة خزّان دراجته
النارية
فرحلتنا طويلة
يسألني.. إلى أين؟
أصفُ له
طريقًا بين
الحقولِ الخضراء
الهواء هناك حرٌ طليق
أُدْخِلُهُ معي في الكادر وأَحثُّه
على الاقتراب من زهرة عباد الشمس
وعلى غفلة منه أطبع قبلة على عينيه
وأبتسم..
فاقترب منيّ لـ
-يدخل أبي-
يرتعش النور الأصفر
تستذكرين دروسك؟.. يسألني..
نعم.. أُجيب
يخرج من المشهد…
ماذا تُحبْ.. الأناناس أم البطيخ؟.. أعود إلى حبيبي أسأله
البطيخ.. قالها سريعًا..
إذا وجهتنا هي حقول البطيخ الأحمر الطازج
يرتدي نظارته ويتأمل خريطتي استعدادا لـتأدية المهمة الموكلة إليه..
ثم صيحة منه -اها-
سنمر على هذه البلاد أولا حتى
نصل إلى حقول البطيخ..
أستوي في جلستي.. يتملّكني الحماس
أضع يدي أسفل ذقني
وتلمعُ عيني أسأل..
احكِ لي عن تلك البلاد..
بثقةٍ يبتسمْ ويستقيمُ ظهره كأي رجلٍ
علمَ أنه قد نال إعجاب أنثى..
أمّا البلد الأول حبيبتي..
تكثرُ فيه الأنهار العجيبة الجارية
تُفضَّل زيارتُها نهارًا
أقتربُ منه أستحثه على المزيد..
يُمكننا اللعب هناك والسباحة
وعلى ضفاف تلك الأنهار ينمو جوز الهند
والدرّاق وبلح الشام
بلح الشام!! أقاطعه!
نعم نعم إنها بلاد مدهشة
اسمعي اسمعي هذه المفاجأة حبيبتي..
وأخفضَ صوته يقول..هناك بئرٌ عميقٌ
يمتلئُ
بالمكسرات اللذيذة
المكسرات! أعشقها!!
أعلمُ ذلك.. قالها وعيناه تبتسمُ إليّ
فنظرتُ له بعين الرضا..
فتنحْنحَ يخلع نظارته يُلمِّعُها وقال..
أمّا الثانية فهي بلاد التنانين
أشهقُ وأرتمي بين ذراعيه
فينتفخ صدره الذكوري ويسترسل مبتسما..
الأمر بسيط جدا حبيبتي
سأحضرُ معي من الماء ما يكفي من بلاد الأنهار الجارية
أُطفئ بها نيران أي تنين
أصفقُ فخورةً..
يهز كتفيه كعالمٍ بالأمور مسترسلًا
أما الثالثة..
أحبسُ أنفاسي من فرط الإثارة وأثبتُ عيني عليّه..
هي بلاد الزمن السحيق
حيث لا وجود للبشر
ولكن ما بقى من آثارهم
تَروي الحكايات الغريبة عنهم..
هممم.. تَصدرْ الهمهمات الناعمة مني..
والمثيرة... يُكملْ هو يتأمّلني...
أقتربُ أكثر لأشعر بتوتر جسده.. أسأله
كيف لنا إدراك الحكايات إذا كانت مكتوبة بلغةٍ أجنبية؟
يأخذ نفسًا عميقًا وزفيرًا ليقول..القلب يُدركُ كل شيء حبيبتي..
ستنجلي أمامه كل الطلاسم التي حُجبت عن العقل..
ثم ماذا ..أقولها عابثةً في شعرهِ..
ماذا ماذا.. تائهًا يسأل
ماذا بعد بلاد الزمن السحيق حبيبي؟
ااه... يرجعْ إلى خريطتي يفحصها بالعدسة المكبّرة
وعلى غفلة منه أطبع قبلة على شفتيه
وأبتسم..
يرتعش النور الأصفر
يتركْ الخريطة وترتخي أكتافه كشاربِ الخمرِ..
أميلُ برأسي إلى الوراءِ أضحك متدللة
فتختفي خطوط البلادِ والطولِ والعرضِ
ونتلاقى ليتلاشى العالمُ من حولِنا
12 نوفمبر . 8 دقائق قراءة