01 يناير . 2 دقيقة قراءة . 964
مرداد، أي رد الشيء إلى أصله، قد نظن لوهلة أن الأصل هو الوطن الأم والحب الأول واسم العائلة. ولكن الحياة قد تفاجئنا أحيانًا، بهشاشة حبنا الأول وقسوة بلد نتكلم لغته! فهل تلك الخيبات هي أصلنا! بالتأكيد لا، لا يمكن لقلوبنا أن تكون بتلك السذاجة،
ذلك لأن الأصل لا علاقة له بالقدر، بل بالجذور. نحن نطفو عند الحب العادي والأماكن الكئيبة، ولكننا نتجذر في قلوب من نحبّ، ويصبح الأصل هو خيارنا. فننتمي لامرأة لم تنجبنا ولكنها أحبتنا، وننتمي لبلاد بعيدة أنصفتنا، ولقلوبٍ لم تتركنا في منتصف الطريق والعشق والأمل مرداد، هو في الحقيقة رد الإنسان إلى جذور الحب التي زرعها، رده لبقعة أرض تحمل خطواته، رده لحضن أبٍ غيَّبه اليتم. ونعم، نحن نختار إلى أين نردُّ أحزاننا أيضٍا، ونختار لدموعنا مرسى يليق بها، فمشهد من فيلم عظيم جدير بالبكاء أكثر من علاقة عابرة،
وأحيانًا قد نختار أن نبقى حيث نحن، فحاضرنا مكتظ بما فيه الكفاية، لا نريد ردَّ أرواحنا نحو أي شيء وأي شعور، وذلك من حقنا أيضًا, فهذا الفراغ مفيد، ولكن الفراغ عبء، والفراغ غياب. أذكر جيدًا أنني كل أسبوع أزور أمي، وأعود محملة بكل التفاصيل التي أحبها، وجبتي المفضلة، رائحة غرفتي, وفراغ ثقيل، فراغ غياب أبي، وذلك فراغ لا طاقة لي على حمله. لذلك أختار دائمًا، أن أردَّ نفسي إلى الزمن الذي كنت فيه طفلة، لا يتيمة، وكنت فيه مدللة لا مسؤولة.
كل منا لديه زاوية في هذا العالم، وزمن، وحضن وأصلٌ يختار أن يردَّ إليه روحه. والمجد لمن أتقن الإختيار!
06 سبتمبر . 1 دقيقة قراءة