01 يونيو . 5 دقائق قراءة . 1266
كان انتشار وباء كورونا الذي مُني به العالم منذ ما يربو على العام، صافرةَ الانطلاق لسباقٍ شرسٍ للسيطرة على الوباء والخروج بأقل الخسائر الممكنة من إحدى أشد مِحَن التّاريخ الحديث ضراوة، لِسِعة ما طالته أذيّاتها من مناحي الحياة. سخّرت الدول الكبرى التي تصدّرت السباق ترسانتها المادية والبشرية بقدرتها القصوى، من مخصصاتٍ مادية إلى بنى تحتية وعلماء وخبراء، وتمايزت الدول المتنافسة لناحية القدرات والمُقدّرات، والاستراتيجيات الصحية والبحثية والتطويرية والإنتاجية، ناهيك عن جدوى بعضٍ منها أو كلها مجتمعة.
في خضمّ السباق المحتدم، يكاد يغيب اسم فرنسا بين المتنافسين، وهي التي كانت يوماً صنواً للريادة في اكتشافاتٍ علميةٍ وطبيةٍ طبعت عصرها وغيّرت أقدار شعوبٍ برمتها. كيف لا وفرنسا الأمس موطنُ العالم الشهير لوي باستور الذي يُحسب له منذ عام 1885، بمحدودية أدواته، تطوير أول لقاحٍ في التاريخ، وكان ضد داء الكَلَب، كيف لا وفرنسا اليوم حاضنةُ المعهد الذي يُخلّد اسم لوي باستور، كأحد أهم الهيئات البحثية بكادرٍ مؤلف من ألفي باحث يعملون لفك شيفرات الأمراض السارية والمُعدية وتطوير أدواتٍ للوقاية منها وسبلٍ لعلاجها.
خلال أقل من شهرين على إعلان كورونا وباءً عالمياً، وتحديداً في أيار/مايو العام الماضي، كشف معهد باستور الستار عن شراكته مع شركة الأدوية الأمريكية « MSD - Merck » التي وقع اختياره عليها لإنتاج لقاحه قيد التطوير ضد فايروس كورونا، والمنطلق في تطويره من لقاح الحصبة المستخدم حالياً. نجح اللقاح التجريبي بالوصول إلى المرحلة الأولى من التجارب السريرية على البشر في آب/أغسطس من العام الفائت. لم تمض سوى أشهر معدودة حتى تم الإعلان عشية عطلة عيد الميلاد ورأس السنة عن إيقاف العمل على تطوير اللقاح بالرغم من تحمّله الجيد، إذ أتت نتائج التجارب السريرية الأولية مخيبةً للآمال.
في جعبة معهد باستور لقاحان آخران قيد التطوير استناداً إلى منهجياتٍ مغايرة لتلك التي انطلق منها سابقها، تتعاون على إنتاج أحدهما مع شركة التكنولوجيا الحيوية الفرنسية « TheraVectys »، إلا أن أياً منهما غير جاهزٍ بعد للتجارب السريرية.
أتى هذا الإعلان بعد أقل من شهر على إعلان شركة الأدوية الفرنسية « Sanofi » أنّ لقاحهاقيد التطوير بالشراكة مع شركة الأدوية البريطانية « GlaxoSmithKline GSK » لن يكون جاهزاً - في أحسن الأحوال - قبل أُفول عام 2021، إذ إن الشركة كانت بصدد البدء بتجارب جديدة باستخدام جرعات أعلى من اللقاح مطلع عام 2021.
كان ذلك بمثابة ضربةٍ ثنائية للآمال الفرنسية بالتوصل للقاحٍ محليّ التطوير، لاسيما وأن انتشار الوباء قد غيّر من الآلية المتبعة والجداول الزمنية المعتمدة من قبل الجهات المطوّرة للقاحات لصالح جملةٍ من التسهيلات، وكذا الأمر بالنسبة لإجراءات المراجعة من قبل الهيئات الصحيةّ المولجة بمنح تصاريح الاستعمال، دون المساومة بالطبع على جودة وسلامة وفعالية اللقاحات.
ومع طَرْح لقاحات كلٍّ من « Pfizer-BioNTech »، « Moderna »، و« Astrazeneca » للتداول في أنحاء العالم، غدا التعثّر في تطوير لقاحٍ بإمضاءٍ فرنسي مبعث تساؤلات كثيرة، وتفاوتت التفسيرات بين من عزا الأمر ببساطة لسوء الحظ، إلى من ذهب أبعد من ذلك، مُرجعاً إياه لبيئةٍ بحثيةٍ غير ملائمة، ما وضع واقع البحث الطبي والعلمي في فرنسا برمته محطّ جدل واسع، إلى ما بين ذلك من تفسيراتٍ وتبريرات.
العيش على أمجاد الماضي
يعزو الخبير في الاقتصاد الصحي "فريديريك بيزارد" تأخر فرنسا عن نظيراتها من الدول الكبرى إلى بقاء البحث العلمي حبيس إنجازات رواد الماضي من علماء وباحثين ومفكرين، واستناده وحسب في العقود الأخيرة على ما كان يشكل يوماً نقاط قوته، كاتكاله على تقنياتٍ وأدوات وأساليب بحثية لم تعد اليوم كافيةً بذاتها لتبوّء المقدمة وقيادة الركب، نتيجة التسارع المكوكي الذي تتطور وفقه التكنولوجيا الحيوية وأدواتها.
رومانسية التوصيف والتخطيط بدلاً من المراجعات النقدية الشفافة
لا ينكر الرئيس التنفيذي للمعهد الوطني للبحوث الصحية والطبية (INSERM)، "جيل بلوخ"، في تصريحٍ له في آذار أن فرنسا لم تكن في الصدارة في سباق تطوير لقاح كورونا، بيد أنها - وفقاً لبلوخ - لم تكن بعيدةً في أي وقت من الأوقات، إذ إن عشرات اللقاحات كانت قيد التطوير في فرنسا منذ الأيام الأولى لانتشار الوباء، بما في ذلك عشراتٌ يجري تطويرها في مختبرات (INSERM)، إلا أن ما يصفه بلوخ بـ "الحوادث الفردية" حال دون اتخاذ أصحاب القرار قراراتٍ صحيحةً في الوقت المناسب. أما اليوم، فإن التجارب السريرية للقاح، بحسب بلوخ، جارية وقد تقدمت بالفعل إلى المرحلة الثالثة، ومن المتوقع أن تسير وفق جدول زمني مسرع كنتيجةٍ لتوسع حملة التطعيم، واعداً بأن لقاحاً فرنسياً لكوفيد-19 سيكون متوفراً للتداول في الأشهر المقبلة. بدا بلوخ في تصريحه واثقاً من أن اللقاح الفرنسي سيكون فعالاً على المدى الطويل في مواجهة النسخ المتحورة من الفيروس والتي من المتوقع انتشارها تباعاً وتوازياً في عدة موجات.
قصور الموارد المادية والبشرية
بحسب مديرة الأبحاث في معهد باستور، "كاميل لوخت"، فقد اضطر المعهد للانتظار حتى حزيران/يونيو 2020، قبل أن تُفرج الوكالة الوطنية لتمويل الأبحاث (ANR) التابعة للحكومة الفرنسية عن التمويل المخصص لمرحلة التجارب السريرية، وهي المرحلة الأعلى كلفةً بين مراحل تطوير اللقاحات.
وقد جاء تقرير مركز الأبحاث الفرنسي « Terra Nova » الذي أعدته المديرة العامة للصحة في المفوضية الأوروبية "آن بوشر"، مؤكداً لذلك، فقد خلص إلى أنّ جوهر المشكلة تجلّى في الدعم المادي المتواضع الذي أفردته الوكالة الوطنية لتمويل الأبحاث (ANR) ومن خلفه الحكومات الفرنسية المتعاقبة لأبحاث اللقاحات وتطويرها خلال العقود الأخيرة، وهو الطابع الغالب على الاستثمار الأوروبي في هذا المجال مقارنةً بتمويل الولايات المتحدة الأمريكية لأبحاث اللقاحات الذي ازداد بشكلٍ كبير منذ مطلع الألفية الجديدة.
بالرغم من أن تأثير التمويل على عمليات البحث والتطوير ليس آنياً بل تراكمي، وبرغم التوظيف الجليّ للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لعملية "Warp Speed"الداعمة لأبحاث اللقاحات في حملته الانتخابية الأخيرة، تجدر المقارنة بين ما خصصته الولايات المتحدة، والذي وصل إلى عشرة مليارات دولار، مقابل المليارات الثلاث التي خصصها الاتحاد الأوروبي للغاية عينها.
من ناحيةٍ ثانية، تعزو النقابات العمّالية تأخر شركة الأدوية الفرنسية « Sanofi » في سباق تطوير اللقاحات لموجة التسريحات التي أُعلن عنها مطلع العام الحالي وطالت 400 وظيفة في قسم البحث والتطوير بشكلٍ خاص. أما الحُجّة المقابلة التي قدّمتها الشركة فكانت أنّ هذه التسريحات لم تَطَل أية وظيفة في مجال أبحاث كوفيد-19.
نحو استرداد السيادة الصحية في فرنسا
أدركت الحكومة الفرنسية متأخرةً أنه من غير الممكن استعادة استقلالها الصناعي وسيادتها الصحية دون دعم تطوير وإنتاج المعدات والمستلزمات الطبية والمنتجات الصيدلانية، الوقائية منها والعلاجية. وعليه، خصصت الحكومة الفرنسية 300 مليون يورو لمشاريع استثمارية لا تنحصر بتطوير البحوث وزيادة إنتاجية اللقاحات، بل تشمل الأدوية والعلاجات. تم إطلاق أول نداء للمشاريع في 18 حزيران/يونيو 2020، وفي بيانٍ لوزارة الصناعة نُشر في 7 شباط/فبراير 2021، تم الإعلان عن اختيار 12 مشروعاً بقيمةٍ إجماليةٍ بلغت 130 مليون يورو، تغطي بشكلٍ أساسي الأدوية المستخدمة في العناية المركزة، والأدوية المستخدمة في المستشفيات، والمضادات الحيوية، فضلاً عن لقاحات جديدة وعلاجات مبتكرة ضد كوفيد-19.
لقاحا شركة « Sanofi » الفرنسية:
في جعبة شركة « Sanofi » اليوم في مقرها في مدينة ليون الفرنسية لقاحان قيد التطوير ضد فيروس كورونا يقومان على استراتيجيتين مختلفتين:
اللقاح الأول: لقاح البروتين الفيروسي
يتم إنتاج هذا اللقاح بالتعاون مع هيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم في الولايات المتحدة (BARDA) وشركة الأدوية البريطانية « GlaxoSmithKline GSK » التي تساهم بمادتها المساعدة المعتمدة. يحوي اللقاح على تراكيز عالية من البروتين الإبري الذي يكسو السطح الخارجي لفايروس كورونا، ستكون كفيلةً بتحفيز استجابة الجهاز المناعي ضد فايروس كورونا، وهو المبدأ عينه المعتمد في لقاحات الأنفلونزا الموسمية. وبما أن البروتينات جزيئات ثابتةٌ نسبياً، يمكن تخزين هذه الزمرة من اللقاحات بدرجة حرارة تتراوح بين 2 و8 درجات مئوية.
كشفت الدراسات ما قبل السريرية المجراة على حيوانات المختبر عن ملامح واعدة لناحية السلامة والفعالية. انطلقت على إثرها المرحلة 1/2 من التجارب السريرية في أيلول/سبتمبر 2020 على أكثر من 400 متطوع من البالغين الأصحاء.
أتت نتائج هذه المرحلة، والتي نُشرت في 11 كانون الأول/ديسمبر 2020، واعدةً لدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عاماً، إلا أن الاستجابة المناعية التي لوحظت لدى كبار السن كانت أدنى من تلك التي سُجِّلت لدى المصابين بكورونا ممن تعافوا بشكل طبيعي أو أولئك الذين جرى تمنيعهم بأحد اللقاحات التي بدأت توضع تباعاً قيد التداول، ما دفع الشركتين لإطلاق دراسةٍ جديدة للمرحلة الثانية في 22 شباط/فبراير بجرعةٍ مضاعفة من اللقاح.
كشفت الشركة عن نتائج هذه المرحلة الاثنين 17 أيار/مايو، وفيها تم التوصل لدى جميع الفئات العمرية المشاركة بالتجارب لاستجابةٍ مناعية موازيةٍ لتلك التي كوّنها المصابون بكورونا ممن تعافوا بشكل طبيعي. من المتوقع أن تبدأ المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في الأسابيع القليلة المقبلة، مع تصوُّرٍ لإمكانية تقديم طلب ترخيص استخدام طارئ في النصف الثاني من عام 2021، بحيث يغدو اللقاح متوفراً في أنحاء العالم نهاية عام 2021.
أبرم الشركاء اتفاقياتٍ لتوريد 60 مليون جرعة لبريطانيا و100 مليون جرعة للولايات المتحدة و300 مليون جرعة للاتحاد الأوروبي و72 مليون جرعة لكندا، فضلاً عن 200 مليون جرعة لصالح منصّة COVAX، وهي تعاونٌ عالمي للحكومات والمنظمات الصحية الدولية غير الربحية.
اللقاح الثاني: لقاح الحمض النووي الفيروسي (m-RNA)
أعلنت شركة « Sanofi » بالشراكة مع « Translate Bio » في 12 مارس 2021 عن إطلاق المرحلة 1/2 من التجارب السريرية للقاحها التجريبي من زمرة لقاحات الحمض النووي الفيروسي(m-RNA) . كما لقاحا « Pfizer-BioNTech » و « Moderna »، تتجنّب هذه الزمرة إنتاج أجزاءٍ من الفايروس في المختبر وحقنها مباشرةً للإنسان، وإنما تُسخِّر خلايا جسم الإنسان كمصنعٍ لهذه الأجزاء، بحيث تكون كفيلةً بتحفيز الجهاز المناعي لتكوين ذاكرةٍ تُمكّن خلاياه من التعرف على الفيروس والتصدي له حين حصول هجوم حقيقي.
أظهر هذا اللقاح استجابةً مناعيةً عالية في الدراسات ما قبل السريرية، وتعمد المرحلة 1/2 من التجارب السريرية إلى تقييم أمانه وتحمّله وفعاليته لدى المتطوعين من البشر، ومن المتوقع أن تظهر النتائج الأولية لهذه المرحلة من التجارب صيف 2021.
بالرغم من تمكّن لقاحي « Pfizer-BioNTech » و « Moderna »اللذين يقومان على المبدأ عينه من تخطي مراحل البحث والتطوير بنجاح، لا يمكن التغاضي عن كون الحمض النووي الفيروسي (m-RNA) جزيئاً نشطاً للغاية، ما يجعله أقل ثباتاً من منافسيه من اللقاحات المركّبة من أجزاء بروتينية فيروسية، لذا يتطلب تخزينه درجات حرارة منخفضة للغاية لإبطاء نشاطه الكيميائي الحيوي خلال فترة النقل والحفظ.
لقاح شركة« Valneva » :
« Valneva »شركة فرنسية متخصصة بتطوير وتسويق اللقاحات ضد أمراضٍ مُعدية لم تجرِ تلبية احتياجاتها الواسعة في السوق بعد. نسجت الشركة تعاوناً مع المعهد الوطني للبحوث الصحية (NIHR) في بريطانيا لتطوير لقاح تجريبي ضد فايروس كورونا بالاستناد إلى أحد أبسط وأقدم أساليب التطعيم، ألا وهو حقن نسخ معطّلة غير فعالة من الفايروس وغير مُسببةٍ للمرض. ولضمان استجابةٍ مناعية عالية، جرى تحوير الفايروس بحيث امتلك كثافة عالية من البروتين النوعي المميز له الضروري لتكوين رد الفعل المناعي، مع إضافة مزيج من المواد المساعدة المعروفة بقدرتها على رفع مستويات الاستجابة المناعية. لا يتطلب المزيج بتركيبته هذه شروطاً قاسيةً للتخزين والتوزيع، إذ يتمتع بثباتٍ جيدٍ ضمن مجال 2 إلى 8 درجات مئوية.
بدأت الشركة المراحل الأولية من تجاربها السريرية ضيقة النطاق مطلع العام، وبعدما أتت نتائج اختبارات السلامة والاستجابة المناعية مشجعةً للمضي بتوسيع نطاق البحث والتطوير، شرعت الشركة بتصنيع اللقاح في اسكتلندا، وأُعلنت في 21 نيسان/أبريل عن بدء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، والتي ستُجرى على 4000 متطوع موزعين على 25 مركزاً في بريطانيا، وتصبو للمقارنة بين لقاحي « Valneva » وAstrazeneca » « لناحية الفعالية مع إجراء تقييماتٍ متقدمة تستكمل عبرها بيانات السلامة وتحمّل اللقاح .
تعمل« Valneva » وفق جدول زمني تسعى خلاله لتقديم طلب ترخيص استخدام طارئ خريف 2021. أبرمت الشركة صفقةً مع الحكومة البريطانية لإمدادهم بـ 60 مليون جرعة بحلول نهاية عام 2021 إذا أثبتت التجارب السريرية فعالية اللقاح وسلامته، وهي في طور التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لإمدادهم بـ 60 مليون جرعة أُخرى.
تَشارُك البنى التحتية بين المتنافسين
دعت الحكومة الفرنسية الشركات الفرنسية ممن يمتلكون البنى التحتية المناسبة إلى تسخيرها لإنتاج لقاحاتٍ منافسة نجحت باستحصال تصاريح الاستخدام في أوروبا والعالم، وذلك في محاولةٍ لتلبية مستوياتٍ عاليةٍ ومتزايدة بشكلٍ مضطرد من الطلب على التطعيم وكمساهمةٍ في مكافحة الوباء.
في حين أن أولوية « Sanofi » تتركز في مواصلة تطوير للقاحيها التجريبيين ضد كوفيد-19، فقد وضعت الشركة الفرنسية خطوط إنتاجها في تصرّف ثلاث جهات تصنيعٍ مختلفة للقاحات كورونا ريثما تغدو مشاريع اللقاحات الخاصة بها ناجزة، فاعتباراً من الشهر المقبل، ستتولى « Sanofi » في أحد مواقع إنتاجها في فرانكفورت، ألمانيا، المراحل النهائية لتصنيع لقاح « Pfizer-BioNTech » عبر المشاركة بتعبئة وتغليف ما يربو على 100 مليون جرعة لصالح الاتحاد الأوروبي، وكذلك الأمر اعتباراً من أيلول/سبتمبر 2021، في موقع إنتاجها في نيو جيرسي، لتعبئة وتغليف ما يصل إلى 200 مليون جرعة من لقاح.« Moderna »
إضافةً لذلك، أبرمت « Sanofi » اتفاقيةً مع مجموعة « Johnson & Johnson »ستساهم بموجبها بدءاً من الخريف المقبل في عدة مراحل من تصنيع لقاح جونسون وحيد الجرعة في أحد مواقع « Sanofi » في فرنسا بمعدل 12 مليون جرعة شهرياً.
علاجات كورونا
بالرغم من جهود التطعيم العالمية التي تصبو لتوفير اللقاح لأكبر عدد ممكن من سكان العالم، من غير المرجح، بحسب الخبراء، أن يختفي المرض في أي وقتٍ قريب. وبما أن أياً من البروتوكولات العلاجية التي طُبّقت حتى اليوم في تدبير الإصابات المتوسطة والشديدة بفايروس كورونا خلت من أي علاج نوعي، فلا يزال تطوير علاجات مبتكرة ونوعية ضد فايروس كورونا حاجةً حيوية.
في هذا الإطار، يعمل المعهد الوطني للبحوث الصحية والطبية (INSERM) على تطوير عددٍ من علاجات كورونا من زمرٍ مختلفة، تعمل وفق آليات شديدة التباين. إلا أنّ درب تطوير العلاجات أشدُّ طولاً وأكثر تحدٍّ من ذاك الذي سلكته اللقاحات، ما يجعل من غير الحكمة التسرع بالإفصاح عن النتائج الأولية للتجارب. مع ذلك، من المنتظر أن يطلق (INSERM) قريباً تجربةً جديدةً على أحد العلاجات من زمرة "الأجسام المضادة وحيدة النسيلة" ذات الفعالية النوعية على فايروس كورونا.
وفي الختام...
كثيراً ما نقعُ، على المستوى الفردي، أَسرى لنجاحاتٍ مضت، فلا نحن قادرون على استرجاعها، ولا قادرون، لأسبابٍ وظروف شتى، على الإتيان بأفضل منها، فنبقى حبيسي أمجاد أيامٍ مضت، حتى لتغدو، لشدة ما تكبّلنا، نقمةً لا نعمة. وليس حال المجتمعات والشعوب مغايراً لحال الأفراد.
"C’est la vie!" أو "هذي هي الحياة!" عبارةٌ تتردد كثيراً على ألسنة الشعب الفرنسي. شعبٌ وقع في شرك جرعةٍ عاليةٍ من الأمجاد والإنجازات عبر التاريخ وعلى أصعدة شتى، ناسياً -على مستوى الأفراد-، ومتناسياً -على مستوى صُنّاع القرار-، أنّ الأمجاد تُنحتُ بالعَرَق والدم والدموع والكثير الكثير من التضحيات، وأنها ليست من جملة الحقوق المكتسبة مع حقّ الأرض.
لعلّ الظرف الوبائي الراهن، والذي فرض على شعوب العالم برمته تبديل منظارها والتخلي عن شيء من شوفينيتها، سيحتّم على الفرنسيين قلب صفحة الإنجازات الموسومة بـ "صُنع في فرنسا وفرنسا فقط" لصالح التعاونات والتحالفات العابرة للحدود، وصولاً إلى الغاية الأسمى وهي خلاص البشرية من لعنةٍ طالتها دون استثناء، علّهم يتمكنون في الصفحة المقبلة من مستقبلهم من إجراء مراجعةٍ موضوعية لمكامن الخلل، وإعادة تصويب بوصلتهم ليصنعوا لأجيالٍ قادمة أمجاداً تكون لهم نعمةً لا نقمة.
بعض المراجع:
https://www.sanofi.fr/fr/Actualites/notre-reponse-a-la-covid-19
27 أغسطس . 1 دقيقة قراءة
18 مايو . 7 دقائق قراءة