في غرفة جدّي

06 يوليو  .   3 دقائق قراءة  .    567

    

    لا زلتُ أذكرُ زيارةَ البيتِ العتيقِ منْ بيوتِ مدينتي في كلّ أسبوعٍ، وهو بيت جدّي الكبير الّذي أُحبّهُ، وكم كنتُ أُحبُّ غرفتَهُ الجميلة الّتي تترأّسُها مكتبةٌ بلون السّماء الصّافية! تلك الغرفة الملاك كانتْ أكبرَ من الدّنيا، وأنا لا أنسى خشبَ سقْفِها المزخرفِ كتاجِ الملوك، ولا كرسيّها المنحوت كتمثالٍ من الخيزران، تاللهِ ما أرقاها من غرفة!

 

لم أكنْ فتىً بارعًا في مادّة الحساب وقتها، فأظنُّ المكتبةَ فيها ما يقارب مئة قلم، وثلاثمئة مغلّف، وأربعمئة كتاب، وخمسمئة جريدة، وألف دفتر، ومليون ورقة، وهي أهمّ إنجازات حياته، ورؤوس أعماله حسب ما كان يقول، لكيلا يحاول أحدٌ تخريبها، والعبث بأثاثها، منّا نحن الّذين كنّا صّغارًا، وكان الجدُّ يأملُ منّا ألّا نضيّعَ منها ورقةً مكتوبة بخطّ يده، أو صورة تذكاريّة، أو...

 

    كنتُ أرى الغرفةَ عالمًا مُصغّـرًا، تجتمع في خريطةٍ معلّقةٍ بإحدى نوافذها قارّاتُ العالم: آسيا، أفريقيا، أوروبا، أميركا، وحتّى القارّة المفقودة..

 

    كنتُ أقول من بهاء مِـشيته لاسْتقبالي وتقبيلي: "إذًا أنا أعزّ حفيدٍ لديه"، وعندما أقول له بفرح: "سأزورك الأسبوع المقبل"، كان يجيبُني: " إذنْ سأعدَّ لكَ سحرًا"، وسحره هذا كان بعض السّكّريات اللّواتي أستلذُّ بطعهما وألوانها.

 

     آه كم كان الماضي جميلًا! كقلب جدّي، ككلّ شيء..

  1
  7
 0
مواضيع مشابهة

21 فبراير  .  1 دقيقة قراءة

  0
  9
 0

26 سبتمبر  .  2 دقيقة قراءة

  5
  5
 0

24 فبراير  .  8 دقائق قراءة

  5
  5
 1
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال