24 يوليو . 2 دقيقة قراءة . 685
ذاكرتنا من ذاكرة الكون
--------------------------
إن أردت أن تشرب ماء فإنك تأتي بكأس فارغ نظيف وتملأه ماء ومن ثم تشرب. ولا تستطيع شرب ماء لتشفي عطشك بكأس مليئة بزيت عكر. هكذا النفس عندنا تَعَكر زيتها ومزاجها وصفائها، فما الحل؟
الآن وبعد تداول الأمم وتداول كُتب أنفسنا نحيا "القسط بالميزان" ونرى نتائج أعمالنا في جميع العالم من فقر وحروب وطغيان.
لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَم ْيُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
"بالأمس كنت ذكياً أردت أن أغير العالم، أما اليوم أنا حكيم لذلك سأغير نفسي." جلال الدين الرومي
الرومي قرر أنه سيغير نفسه وهو العالم الجليل بعلوم القرآن والذي إعتلى منابر قومة بعلو علومه. وما أن دخل شمس التبريزي حياته حتى قلب له كل الموازين التي يعرفها. كانت علومه عقلانية نورانية لكنها لا تكتمل إلا بعلوم القلب والروح. فبزغت شمس روحه وحلق عالياً بروحه النقية مُتجاهلاً إنتقادات الناس اللاذعة له ولشمس التبريزي.
ما عمله الرومي هو إفراغ كأس النفس لتمتلأ من عصير خمر الروح. ولا تستطيع إفراغ كأس النفس إلا بالإعتراف أنها مليئة بزيت عكر من حصيلة مجموع كتاب النفس من حيوات قبل. إن حصل الإعتراف تبدأ بالتنظيف والتطهير لإنائك. ويمكنك معرفة زيت النفس العكر من محيطك والأشخاص المقربين منك فهم صور لك من حيوات قبل وحياة الآن. وكما قال المسيح عليه السلام "إعرف عدوك" هو معرفة نفسك وعدوك هو ذاكرتك الملوثة بتراكماتها من معتقدات خاطئة، ذكريات خلوية مُدمرة، مشاعر سلبية، أمراض نفسية وأمراض جسدية كلها مُختزنة في ذاكرة اللاوعي عندك. ولابد من مسحها كما مسحها المسيح عليه السلام فما كان يجالس إلا الزُناه والسارقون والأثمون ولم يكن يخجل من فعل هذا فهو المُخلص للنفس الواحدة وهو عنده الوعي المُستنير الراقي أن من حوله هم أجزاء من النفس الواحدة ونفسه جزء منها. فلا تستقيم الأمور ولا يتم نور الله إلا ببعث النور بكل النفوس.
طرق لتنظيف ذاكرة اللاوعي:-
1) نبدأ بتنظيف الذاكرة أولا بالإعتراف أننا ظلما انفسنا وظلمنا غيرنا. وإن لم نعترف بذنوبنا سنبقى في سعير الفكر ومآسي الحياة
وقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ. فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ
يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ۚ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ۖ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ
2) بعد ضرورة الإعتراف، السماح لصور من حولك ان تمر أمامك وقبولها على أنها تعكس حقيقة نفسك دعها تمر بسلام ولا تنكر ولا تتنكر لما حولك فقد يكون زوج قاص أو إبن عاص أو مدير قناص أو قريب غواص (يزج أنفه بأمورك الشخصية). أي تقبل أي شخص في حياتك دون تكبر أو إمتعاض وكره لوجوده بحياتك.
3) نمتن ونشكر هذا الشخص لإتاحتة الفرصة لنا لنرى ونُميز هذا الخُلق أو الصورة في حقيقة أنفسنا، أي خُلق هذا الشخص موجودة في داخلي وانا أعاني الأن من تقبلها لرفضي أن أصدق أن يوم من الأيام كنت مثله
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ
4) أعتذر عن ما بدى منك تجاه هذا الشخص قلبيا. فان الأرواح تسمع بعضها وتقبل اعتذار الشخص عبر الأثير على أن يكون هذا الاعتذار صادق ونابع من القلب.
وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِن َالْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ
5) طلب المسامحة والغفران من هذا الشخص (مرر وأسمح لي وسامحني كي استطيع مُسامحة نفسي) وذلك بترديد دعاء ذا النون
أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
6) نستبدل مشاعر الكره بمشاعر الحب. فبعد الاعتراف والقبول وطلب المسامحة، لا ينفذ هذا القبول إلا بسلطان الحب. ’أنا أحبك’ هي مفتاح القلوب وهي إرسال طاقات حب صادقة من قلب سليم ومن عقل واعي بما يطلب تجاه هذا الشخص.
بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ
لن نستطيع أن نرى مدى قوة فاعلية هذه الذبذبات على كيميائية الدماغ وقوة فاعليتها على فتح القلوب للتصافي ولتصفية الأثير من الأثام والعذابات والنواحات والملام والظلم وفتح مسارات النور لتلتهم الظُلمات والطاقات السلبية.
عند حضور أي شخص أمامك وتشعر أنه يزعجك، أشكره لوضوح صورتك فيه وقم بعمل هذه المُسامحة للنفس وهي يوم التلاق مع الروح. كل هذه الرياضة والتمرين للنفس هو للوصول لحالة السكون (الصفر) مرحلة اللاتفكير المادي وهو رغبة منك لتلقي الوحي وتنزيل الملائكة والروح عليك.
يتبع ما هي مرحلة السكون.