قراءة في (انساني مفرط في انسانيته)

قراءة في فلسفة نيتشة

من يقرأ لنيتشة كتابه –انساني مفرط في انسانيته يلاحظ كمية التحليل النفسي و البنيوي لباطن الانسان و انفعالاته بشمولية تحليلية تشمل كل الافكار و الافعال الانسانية بمختلف صنوفها و فروعها و احداثها , مما يجعلك تتسائل كيف لنيتشة ان يكتب مثل هذا الواقع الانساني ؟ ومتى عرف البنيوية الانسانية الباطنية  و الظواهر الانفعالية , و لماذا عقل مثل هذا اصابه الجنون فيما بعد؟ ام ان مسألة جنونه ليست الا وهم او عارض اخر اصابه في اواخر عمره, وهل نيتشة عندما كتب انساني مفرط في انسانيته مثله مثل نيتشة ما قبل الموت فكرا و عقلا و وجدانا , ام ان نيتشة هو واحد بكيانه العقلي و النفسي حتى بعد مرضه,في كتاب انساني مفرط في انسانيته يسرد نيتشة قرابة 350 سردية قصيرة و واضحه و شفافه لكن كل واحدة منها مختلفة عن الاخر و متنوعة موضوعيا , ولكل منها عمقها و تحتاج الى تأمل و ذهن يركز فيما كتب نتيشه, والجميل انك لما ترى ما هو مكتوب امامك يمثلك او يمثل احد الناس الذين عرفتهم او ينقل لك نيشتة احداث انت رأيتها كيف سطرت بطريقة ادبية نفسية؟

بعد هذا الكتاب يصبح يقينا عندك ان نتيشة لم يكن فوضوي ولا عبثي انما كان دقيق و واقعي ولو في هذا الكتاب على الاقل اكثر من غيره

لنذكر دوستويفسكي وما امتاز به من التحليل النفسي لكن على شكل ونمط الروايات 

لكن نيتشة على ما يبدو حبذ و فضل المخاطبة المباشرة للجمهور دون سردية روائية تعزز الخيال للقارئ, لان نتيشة ربما كان يشعر انه المدرس و الاستاذ الذي يلقي دروسه مباشرة دون الحاجة الى الرواية 

وماذا الذي كان يمنع نيتشة من ان يصبح روائي مثلا؟

ربما شخصيته الاستاذية و المواجهة المباشرة مع الناس 

الئ اي مدى يكون النصف في الاشياء الجيدة افضل من كمالها؟

يقول نيتشة: في كل الاشياء التي تكون منذورة للدوام و تتطلب جهود عدد من الناس , يفضل في احيان كثيرة ان يكون الاقل جودة هو القاعدة مع ان المنجز يجيد ما هو افضل و ما هو اصعب , لكنه يقرا حسابا لان 

يكون هناك دوما عدد كاف من الناس الذين يستطيعون الاستجابة لمتطلبات القاعدة وهو يدرك جيدا ان مستوى المتوسط في الطاقات هو ما يمثل القاعدة هذا هو ما لا يدركه شاب الا نادرا و كطامح للتجديد سيظل يعتقد بكثير من الدهشة كم هو على حق وكم هو غريب عماء الاخرين .