05 فبراير . 4 دقائق قراءة . 830
لطالما كانت الطاقة عصب حياتنا وعنصرًا لإستمراريتها وتطورها فلولا شحنك الحاسوب أو الجوال مثلًا لما استطعت قراءة هذا المقال. لكنّنا للأسف، نتناسى معظم الأحيان بأنّ ٨٠% من الطاقة المستهلكة عالميًا تستنفذ موارد طبيعية غير متجددة كالنفط والغاز، تلك التي تسهم بدورها في إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسؤول عن التغيّر المناخي والإحتباس الحراري.
أتعلم انه نظرًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنّ ٢٨ % من إنبعاثات الكربون مصدرها أنظمة التدفئة والتبريد والتهوية والإضاءة في المباني السكنية والتجارية ، ناهيك عن الفاتورة الباهظة التي تتكبّدها الدول لتأمين مستلزمات عمل هذه الأنظمة. كلها أمور دقّت ناقوس الخطر ودعت إلى إيجاد حل جذري لذا توجهت العديد من الأبحاث العلمية إلى التركيز على الحد من الأثر البيئي للأبنية وتحويلها إلى أبنية مكتفية ذاتيًّا أو أبنية صفْريّة أومتعادلة . دعا المجلس العالمي للأبنية الخضراء، تماشيًا مع إتفاقية باريس، الحكومات والشركات الخاصة للإلتزام بإنشاء الأبنية صفريّة الطاقة بحلول عام ٢٠٣٠ وتحديث الأبنية المشيّدة لتصبح أبنية صفريّة بحلول عام ٢٠٥٠.
ما هي المباني صفريّة الطاقة وما المعايير الأساسية في تشييدها؟
إنّها مبانٍ سكنيّة أو تجارية مكتفية ذاتيًّا بالطاقة هكذا يمكننا تعريف الأبنية الصفريّة. أي إنّها تلك التي تحقّق توازنًا بين الطاقة المستهلكة والطاقة المتجدّدة الموّلدة من قبل البناء نفسه بما معناه إنّ إنتاجها للطاقة متساوٍ مع إستهلاكها له. ووِفق تقرير مجلس الإمارات للأبنية الخضراء، إنّ تصنيف الأبنية ذات الإنبعاثات القريبة من الصفر في دولة الإمارات العربية المتحدة يستند إلى كفاءة عالية للطاقة المستخدمة في المباني التي تسجّل معدّل كثافة إستهلاكها ما يقل عن ٩٠ كيلوواط ساعة لكل متر مربّع في السنة، وتغطّي إحتياجاتها السنوية من الطاقة بإستخدام الموارد المتجدّدة المنتجة ضمن المبنى أو خارجه، ويعتبر هذا المرجع الداعم لتطوير الأبنية ذات الإنبعاثات القريبة من الصفر في دولة الإمارات العربية المتّحدة.
كيف يمكننا تشييد أو تحديث المباني لتصبح صفريّة؟
أمثلة عن العناصر التي يمكن إعتمادها:
١ -هيكل المبنى: إعتماد مواد عزل صديقة للبيئة لعزل الأسقف والجدران والأرضيّات وكذلك إستخدام نوافذ زجاجية تحجب الحرارة وتخفّض من تسرب الهواء أو الضجيج.
٢ - التدفئة والتبريد: إستخدام أنظمة التدفئة والتبريد والتهوية الموّفرة للطاقة مثل أنظمة تبريد المناطق وأنظمة تبريد المياه.
٣ - أنظمة ذكية لإدارة الطاقة: إستخدام الحسّاسات وأنظمة التحكم لضبط درجة الحرارة وتشغيل أنظمة التدفئة والتبريد عند الضرورة فقط، كذلك بإمكاننا إستخدام أنظمة إدارة المباني والطاقة للتنظيم والحدّ من الهدر في إستخدام الطاقة.
٤- مصادر توليد الطاقة المتجدّدة: عبر تقنية الخلايا الشمسيّة على الأسطح وجدران المباني أو طواحين الهواء ومحطّات لتوليد الطاقة من النفايات وربطها بشبكة الكهرباء العامة.
يعتقد بعض أصحاب المصلحة إنّ تشييد المباني الصفريّة مكلف من الناحية المادية. في الواقع، وبحسب دراسة أجراها معهد روكي ماونتين في الولايات المتحدة، ان معدل الفرق للتكلفة الأوليّة بين المباني صفرية الطاقة وتلك التقليدية يبلغ نسبة ٧،٣%. نعم إنّ التكلفة المالية هي إحدى العقبات لتطّور وتزايد الأبنية صفرية الطاقة لذا على الدول وضع استراتيجيّات وخططًا مالية لتحفيز إنشائها.
بالطبع، لا يمكننا أن نغضّ النظرعن الوفورات المالية التي تحققها المباني صفرية الطاقة عبرإستعادة تكلفة البناء خلال السنوات الأولى للبناء، ناهيك عن الخسائر البيئية والتكاليف الاجتماعيّة التي يمكن تفاديها.
حلمٌ ذلك الذي نعيشه أم حقيقة؟ في السابق، كنا نعتبر الوصول إلى أبنية صفريّة الطاقة مجرّد حلمٌ على ورق لكن مع وجود أكثر من الآف المباني صفرية الطاقة قائمة في عالمنا حتى اليوم ؛الحلم أصبح حقيقة لا بل ضرورة ملحّة للحدّ من الأزمة البيئية المحدقة بعالمنا والمهدّدة لحياتنا. ماذا ننتظر اذًا؟