30 سبتمبر . 14 دقيقة قراءة . 1013
بين العشرين والثلاثين من العمر
كثير من الناس يبلغون سن الثلاثين، من دون تحقيق أي إنجاز يُذكَر... وحين يفكرون في الأمر؛ لا يعرفون كيف ذهبت العشر سنوات التي مضت، بين سن العشرين وسن الثلاثين! كل ما يعرفونه أنهم أضاعوا الكثير من الوقت من دون جدوى تقريبًا، ويتحسرون على ما فاتهم، محاولين تعويض ما يسمّونه خسارة. البعض منهم يقبع في الزاوية، فيما البعض الآخَر ينهض رافِضًا الواقع ومحاوِلًا التغيير...
تجربة نيك هارالامبوس (Nic Haralambous) - رجل أعمال شهير وكاتب
يقول هارالامبوس: 11 عادةً أتمنى لو عرفتُها عندما كنت في العشرين من العمر.
لقد بلغت الثلاثين من عمري مؤخرًا، ولسبب غريب جدًّا لم أشعر بالارتياح تجاه تلك الفكرة حتى الآن. ومع ذلك، عندما بدأت في تقييم العشرينات من عمري، أدركت عدد الأخطاء التي ارتكبتها والأشياء التي تعلمتها في عقد من العمر...
ويبدو هارالامبوس نادِمًا متحسرًا على تلك السنوات العشر التي ضاعت من عمره، محاوِلًا إفادتنا في إحصاء قائمة من النصائح التي يوجهها إلى جيل العشرين، كي يتجنّبوا ما وقع فيه من أخطاء.
قائمة النصائح التي يجب أن يقوم بها من هم في العقد العشرين
يكمل هارالامبوس قائلًا: استغرقت بعض الوقت لكتابة بعض النصائح لنفسي، وفيما يأتي قائمة النصائح التي أنصح بها كل شخص ما زال في العقد العشرين من العمر:
إذا لم يحقق السفر فائدة معنوية لك؛ فلا يجب أن تسمّيه سفرًا. ضعْ في الحُسبان هذه القاعدة الأساسية، وحاول تطبيقها. من الطبيعي أنك في هذا العمر تحمل القليل من المسؤولية؛ لذا اذهب وسافر. لكنك عندما تصل إلى سن الثلاثين، سترغب في السفر بشكل مختلف قليلًا، وستنفق أكثر قليلًا، وستشتري أشياء أغلى قليلًا، وستتناول الطعام في مطاعم أفضل قليلًا كذلك؛ لذا اعمل لمدة عام ووفّر ما يكفي من المال لتجربة جولة حول العالَم بسعر زهيد.
ولكن، عليك أن تكون في هذه الحالة ذكيًّا، وعليك أن تحدد ماذا تريد وما هي أولويّاتك. وهنا، يَطرح السؤال الآتي نفسه: كيف تعرف ماذا تريد أن تفعل إذا كنت لا تعرف ما الذي يمكنك فعله؟ عندَما تتعرف إلى الطاقة التي تملكها، والقدرات التي بوسعك الاعتِماد عليها؛ تستطيع أن تحدد رغباتكَ، وماذا تريد بالفعْل.
وفي هذا الصَّدَد، إليك بعض النصائح بشأن السفر:
- لا تسافر فقط إلى الأماكن الواضحة أو المعروفة، بل اختر أن تسافر إلى الأماكن الصعبة، أو التي لا تعرفها، سافر للتعلُّم وللاكتشاف، سافر أيضًا إلى الأماكن التي تساعدك على التحدي؛ فالسفر ليس لتضييع الوقت والاستجمام فقط، هو اكتشاف ثقافات جديدة، لغات أخرى، شعوب مختلفة، وعادات وأنماط حياة غير التي نعيشها... في كل سفرة إلى بلد ما، عليك أن تعود وفي جعبتك شيء تعلّمته من ذلك البلد، وإلّا كان سفرك من دون فائدة.
2) بناء الأشياء
لا تقضِ الكثير من الوقت وأنت تعمل على رؤى الآخَرين أو تبني وجهات نظرهم، بل حاولْ أن تكون عادِلًا مع نفسك، وتقضي بعض الوقت في اكتشاف وجهة نظرك الخاصة بالعالَم. اسعَ إلى معرفة حياتك الخاصة، واعمل على اكتشافها، وتبيَّنْ إلى أين تريد أن تأخذها. فكّرْ في الأشياء التي تُفرِحها، وابتعد عن كل ما يزعجها؛ فلنفسك عليك حقّ في عدم التسبب بمضايقتها، أو الإتيان بما يمتصّ طاقتها. هناك مقولة تقول:
الاجتماعات حيث تموت الأفكار.
هذه القاعدة البديهية تخبّئ في طيّاتها الكثير من المعاني، التي إذا ما عملنا عليها؛ حقّقنا مكاسب لأنفسنا. قد تتساءل: ماذا يعني هذا الكلام؟ أو كيف يمكن بناء الأفكار الإبداعية في الاجتماعات؟ الأمر بسيط جدًّا ولا يحتاج إلى الكثير من الجهد؛ فبدل أن يشعر المجتمِعون بإضاعة الوقت في الاجتماع من دون أية جدوى، يمكن لهم تحويله إلى أفكار بنّاءة، وذلك عن طريق مشاركة الآراء، والخروج منها برؤية واضحة نحو المستقبل... وهنا، يُكسَر الروتين الذي يملأ معظم الاجتماعات، وتتحقق النتائج بفعالية كبيرة.
كما قلنا سابقًا، لا تسمح لنفسك أن تكون في مكان يزعجك، أو يضايقك نفسيًّا؛ فإذا وجدت نفسك في وظيفة في شركة ترغب في تركها؛ فافعل ذلك واترك من دون تردد.
3) القراءة
اقرأ كل يوم ما تستطيع. لا تقرأ عن الأشياء التي تعرفها فقط، بل حاول أن تقرأ الناس، وعن الناس. القراءة غذاء الفكر ومفتاح المعرفة، هي تجلّيات نحو آفاق واسعة، تنير بصيرتنا وتجعلنا أكثر وعيًا لما يحصل حولنا. حاول أن تختار الكتب التي تنمّي مَدراكك، وترفع مستوى قدرتك على الأخذ والعطاء.
4) التخلّي عن مشاهدة التلفاز
فى الحال، توقف عن مشاهدة التلفاز، إنه لا يساعدك على التحسن في أي شيء. بل على العكس، سوف تتراجع قدراتك وطاقتك، وبخاصةٍ إذا كنت تتابع البرامج التي من شأنها تضييع وقتك فقط. هذا لا يعني أننا نقلل من قيمة التلفاز، لكننا نحاول أن نكون عقلانيين في تنظيم الوقت الذي نقضيه أمام شاشته، من دون أن نخسره في أشياء تافهة، ولا معنى لها.
5) اختيار مهنة
لا تقبل بوظيفة الشركة، لمجرد أنك تريد أن تكسب المال فقط. من حقك أن تختار الوظيفة التي ترتاح لها، والتي تُظهِر قدراتك وإمكاناتك، والتي تستطيع من خلالها أن تنفع وتنتفِع، وأن تحقق بصمة إيجابية في المكان الذي تعمل فيه.
6) الثقة بالآخَرين
حاول أن تعطي الآخَرين مِساحة كافية من الثقة، وتوقَّع منهم كل أمر جيد وإيجابي. حتى لو كانوا عكس ذلك وحتى لو أدّى بك ذلك إلى الأذى... ثق بالناس حتى يعطوك سببًا لعدم القيام بذلك. لكنّ هذا لا يعني أن تكون ساذجًا؛ فبين السذاجة وطيبة القلب خيط رفيع، لا تحاول أن تخلط بين الاثنين. ببساطةٍ شديدةٍ، كن صديقًا للجميع، من دون أن تكون غبيًّا.7)
7) التمييز بين الناس
الناس هم أفضل وأسوأ شيء قد يحدث لك، سيساعدك البعض على المضيّ قدُمًا بشكل أسرع، في حين سوف يسحبك الآخَرون إلى مستواهم وسيدفعونك على الخسارة؛ أكثرهم السلبي وقليل منهم الإيجابي. قلة منهم سيغيرون حياتك إلى الأبد إيجابيًّا. اعثر عليهم، ولا تفرّط فيهم أبدًا.أنت لا تحتاج إلى الكثير من الأصدقاء أو الأشخاص من حولك، لكنك في حاجة إلى أشخاص رائعين يعاملونك بالمثْل. الأمر بسيط حقًا، ولا يحتاج إلى عناء التفكير، إنه يكمن في النوع لا في الكمّ، نكرر ذلك دائمًا؛ فالكثير من الأصدقاء العاديين سوف يتركونك تشعر بالوحدة عندما تكون في أمسّ الحاجة إلى الشعور بأنك محاط بأشخاص يهتمون لك، فيما قلّة قليلة لن تتركك مهما حدث لك. باختصار، تقرَّب ممّن يدعَمونك ويكونون السند الحقيقي لك، وابتعِدْ عمَّنْ يُحبِطونك ويحاولون التقليل من عزيمتك.8)
8) قيمة الوقت
الوقت ثمين جدًّا، وكل دقيقة فيه يمكن أن تُحسَب لك أو عليك؛ لذا، لا تضيعه على الأشخاص الذين لا تثق فيهم، أو على مَنْ يدَّعون حبَّك، كذلك لا تضيع وقتك مع الأصدقاء الذين لا يعاملونك بالطريقة التي تعاملهم بها.في الوقت نفسه، قدِّرْ وقت الآخَرين، واحترم مواعيدهم، ولا تتأخر عليهم في حال اتفقتم على لقاء أو اجتماع أو ما شابَهَ ذلك... لوقت الآخَرين ثمن كما لوقتك ثمن، وإذا تأخرت عليهم في أمرٍ ما مُتَّفَق عليه مُسبَقًا؛ فهذا يعني أنك لا تهتم بهم أو بوقتهم، وأنك تعتقد أنك تستحق المزيد؛ وعليه، تتركهم ينتظرون من دون أن تبالي بهم. في الجهة المقابِلة، هناك بعض الأشخاص الذين سيخبرونك أن لا مشكلة في تأخُّرك، لكن الأمر ليس كذلك، هم يقولون لك ذلك لأنهم لا يقدّرون الوقت في حقيقة الأمر؛ لذا، عليك إعادة تقييم ما يخبرونك به. 9)
9) الفشل
ليست حياتك كلها عبارة عن نجاحات، كثيرًا ما تفشل؛ ذلك أن الفشل مُتوقَّع كما النجاح: قد تفشل في الحب، في العلاقات الخاصة، في التنشئة الاجتماعية، في تكوين صداقات، وقد تفشل في العمل، ومع العائلة، أو في تكوين أُسرة، أو في علاقاتك مع الأصدقاء الحاليين. لكن ضعْ في حُسبانك قاعدة جوهرية، مفادها:
الفشل ليس النهاية؛ فلولاه لَما عرفنا النجاح... لكن الفاشل الحقيقي مَنْ يقنَع بأنه لا يستطيع، ويكفّ عن المحاولة... لا بأس في أن تفشل، لكن سرعان ما عليكَ أن تأخذ المبادرة مع نفسك، وتنهض... فالعبرة ليست في الفشل، إنها بتعلّم الدّروس وأخذ العِبَر..
إذا كنت لا تتعلم شيئًا ما في كل مرة تفشل فيها؛ فإن كل ما تفعله هو الفشل وحياتك تكون كلها عبارة عن فشل. أمّا إذا تعلمت شيئًا؛ فهذا يعني أنك كبرت، وفي كل مرة تفشل فيها وتتعلم وتكبر؛ تشهد تحسُّنًا في اكتشاف كيفية النجاح وسلوك دروبه. بمعنى آخَر، في كل مرة تفشل، عليك أن تكتشف السبب الذي أدّى بك إلى الإخفاق، لتتجنبه في التجارب القادمة؛ حينها تعي العقبات التي قد تعترضك، وتذللها؛ فتحقق النجاح باحتراف وجدارة. 10)
10) النجاح
لا يوجد هناك وقت للنجاح، ولا مكان، ولا عمر. إنه ليس في العشرينات من العمر قطّ، ولا في أيّ عمر آخَر. تجاوزْ هذه المَقولة وابدأ في بناء الأشياء... ليس هناك ما يُسمّى: "فاتَك القِطار" . بل هناك ما يُسمّى: "لا أستطيع انتِظار القِطار، سأمضي مشيًا على قدَميَّ" . آمِنْ بنفسك وبطاقاتك واعلم أنك إذا أردت شيئًا وبقوة؛ ستحصل عليه في الوقت المناسب؛ فالأمر يتطلّب إرادة صلبة وإيمانًا قويًّا بالذات وصبرًا.
11) الصبر
الحديث عن النجاح قد يجرّنا إلى هذه النقطة الجوهرية: "الصبر". كنْ صبورًا للحدّ الأقصى؛ فكل ما تقوم به يحتاج وقتًا ليُنجَز، ولا يمكن أن يكون عملك تامًّا وأنت على عجلة من أمرك. من المستحيل أن يتمّ تشكيل أي شيء ذي قيمة في دقيقة واحدة أو في وقت قصير... إذا أردت أن يكون عملك مميّزًا؛ أتقنْه، وأعطِه الوقت الكافي؛ حينها فقط تحقق نتائج مُبهرة، وتستحق التقدير. وفي هذا الصدَد، امشِ على هذه القاعِدة:
خطّطْ في عقود... فكّر في سنوات... اعمل في شهور... وعش في أيام.
خِتام القَول، إذا وصلت إلى سن الثلاثين، ونظرت إلى الوراء إلى عقد من الزمن مرَّ ولم تحقق شيئًا أو إنجازًا؛ لا تلُمْ نفسك ولا تجلدْ ذاتك... في هذه النقطة بالذات، لا تستسلم ولا تقل: "الزمن فات". انظرْ إلى الأمام فورًا وحاولْ ترميم نفسك... امضِ قدُمًا حامِلًا في جعبتك الكثير من الموساة لنفسك، والكثير من الصلابة والإيمان بما تستطيع...
لا تفكّر في أن عقدًا من الزمن ضاع، بل فكّر في أن لديك عقودًا أُخرى آتية. أعِدَّ العدّة لها، وانطلق...
الخُلاصة
عند بُلوغ الثلاثين، ينظر الكثير من الناس إلى السنوات التي مضت بين العِشرين والثلاثين، على أنها خسارة وفشل، وضياع للوقت، من دون إنجازات حقيقية... فيما يأتي سلسلة من النصائح من جيل الثلاثين إلى جيل العشرين كي يتجنبوا تلك الخسارة:
ترجمة صفاء الشيخ لفريق مرداد
18 مايو . 7 دقائق قراءة