12 نوفمبر . 2 دقيقة قراءة . 610
"وسمعتُ النداء: على السادة المسافرين التوجه إلى الطائرة المتجهة إلى أرض العُزلة" بعدما شقت هذه الجملة طريقها إلى أذني، أطرقتُ أفكّر مليًّا هل أرتحل لتلك الأرض أم أترك روحي مضطربةً هنا؟ وفي أثناء شرودي أتاني صوتٌ بجانبي يقول: من اعتزل الناس، سلم من شرهم، لا تتردد؛ ففي تلك العزلة رغم ازدحام كل شيء بداخلك فسيكون هناك فراغ، عندما كنتُ في مثل حالتك تمنيت لو كان بوسعي معرفة أين يستريح المتعبون من أنفسهم؟ أين يهربون من أكبر الهزائم التي يرتكبونها بحق أنفسهم؟ فوجدتُ العزلة هي الرحلة التي نبحث فيها عن بعض الحلول لمواجعنا، أو لصدماتنا من الواقع الذي يحطّمنا بلا رأفة، وعندما تكون مليئًا بما لا تستطيع الاعتراف به، ستواجه في العزلة نفسك، وستكون قادرًا على البوح لها بكل ما يَعتمل في جوفك، هناك ستدرك أنّك تستطيع أن تعيش بلا أحد، وأن تتدبر حياتك بشكل جيّد، ستدرك أنّك مخطيء باعتقادكَ أن الاتكاء على الآخرين موضع أمان، حينما تدخل أرض العزلة، ستُعقَد هدنةٌ بينكَ وبين أحزانكَ الدائمة، أظنّ أن لا فرق هناك بين نهارٍ وليل، لأني أشعر أن الوقت كله ليل، فالليل صديقٌ قديم يلملمني، يلهمني ويحتويني، كلما قطعتُ شوطًا طويلًا في طريقٍ خاطيء، أو كلما أكلت التجارب قلبي عبثًا، ألجأ لأرض العزلة ويحتضنني الليل، وأتسابق فيها أنا وانهزاماتي وظلامي وهمومي، فأصرعهم أو يصرعونني، ثم أهدأ وأعود إلى نفسي إمّا فارغًا من الأمل، أو مقلّدًا بالشمس، تلك هي العزلة التي تفتح بابها على مصراعيه ما إن تقول أنا لستُ على ما يرام هذه الليلة، لست قادرًا على النهوض واستكمال معركة الأيام، عندما تفقد شغفك تجاه كل شيء، عندما تود إنهاء الأحاديث الداخلية بينكَ وبين نفسك، لا تريد التفكير ولا النقاش معها، تريد الهرب منها والصمت فقط، عندما يصبح قلبُكَ مُنهَكًا، وفكركَ شاردًا، وعينكَ ساهرةً، سترحب بكَ العزلة، وستجد جسدك الهالك يتنقل بين عتمتها، حسنًا؛ حان الآن موعد رحلتي، ألتقيكَ في أرض العزلة، حيث الفراغ، متأكدٌ أنّك ستزورها يومًا، عندما تثقل الحياة كاهلك، رحل هذا الغريب من جانبي، بعدما غادر عدتُ لتفكيري، ماذا أريد حقًا؟ أأذهب للعزلة وأتركُ عالمي، أم أعود وأسايره؟ حار فكري، ولكني أدركت رغم أن روحي محطّمة، لكني أشعر بها ترعى أملًا غامضًا، لم أدري بعد ذلك إلا وأنا أركض خارجًا من ذاك المطار، وأنا أصرخ: لم تنتهِ قصتي بعد، غدًا سيغرد العصفور على نافذتي مرةً أخرى.
#رُفيده_أحمد
#رأفة