18 يناير . 3 دقائق قراءة . 489
نوبة جنون محتمل
ما إن تشرع في التفكير، والتأمل في لحظات ما ينتج من خطأ في ظاهر السلوك الفردي في الحياة، حتى تعلم أن ذلك الخطأ الذي حدث هو تنحي العقل برهة عن جانب الصواب، اما لرغبة في إتباع هوىً، او للقيام خطأ بتجربة منظورة أو مقتبسة دون علم وخبرة، وإما للتقليد والمحاكاة والمباهاة. كل أمر يخرج عن سيطرة العقل هو في النتيجة تقمص للدور وأمر خطأ. مهما كان الداعي او مبررات أفعال السلوك. فبعض ما يظهر في واقع الحياة من سلوك أو أمور و تصرفات تخالف جانب الصواب، هي حالات مرفوضة لدى العقلاء. وان أقرب وصف للسلوكيات المثيرة المرفوضة هو " جنون " حينما لا تكون في محط إعجاب فرد او جماعة. بالعموم، تعريف الجنون في القاموس اللغوي وداخل المصحات العقلية والنفسية، يختلف في قاموس تعبير الحياة العامة، كما وأن الحالة المرضية النفسية والعقلية تخضع لفحص وتشخيص واختبارات دقيقة ودراسة من قبل أطباء وخبراء متخصصين للكشف والتشخيص، وإظهار تقرير شامل عن الحالة الاجتماعية والوضع الصحي والعقلي والنفسي. هناك خارج المصحات والمستشفيات والعيادات النفسية، لا يحتاج الأمر الى كل تلك الخبرات والإمكانات المتقدمة. فتكتفي العامة للحكم على السلوك الخارق للعادة " جنون "حتى لو كان الأمر هو عبارة عن محاولة رياضية، أو استعراض فني، أو تجربة محفزة، لإظهار قدرات فردية خاصة. من الممكن أن ننظر الى بعض تلك الأمور بدهشة وإعجاب، وفضول وقبول، من بعد نقوم في البداية بمحاولة فردية للتجربة، في مكانٍ منزويٍ، بدون تفكير في احتمال النتيجة او الخاتمة، قد يبدو الأمر في البداية مسلياً، لكن في النهاية قد تنتهي التجربة بنجاح أو بكارثة. لربما أعجبت مرة بمنظر ذلك الرياضي الرشيق رافع الأثقال، الذي تظهر عضلات جسمه قوية، لكن لم يرى مرة ناقداً، أنّ قوامه يبدو ساذجا للغاية بين عامة الناس الذي يسيرون او يجلسون جواره في أي مكان، أيِّن كان الوضع، يعد طبيعي جدا، ولا يحتاج الى تشخيص او إطلاق حكم على وضع أو سلوك من السّهل او الممكن أن تمارسه العامة ولا يثير استغراباً او يجر أذىَ. ما دام أن كل سلوك او وظيفة أو تجربة تمارس أو تؤدى في مكانها أو وميدانها أو حقلها المناسب، يعد أمراً طبيعيا، أما أن تؤدى ممارسة او سلوك خارج سياق ما تم ذكره فهو عمل وسلوك مرفوض تماماً. أقرب الى حالة الجنون. لن يكون بمقدور أي شخص عاقل، تحمل ذلك الموقف الذي يظهر وضع مركبة تسير بسرعة عالية في داخل الأحياء السّكنية، أو تسير بعكس الاتجاه، فتعرض حياة المارة ومن يمشي في الطريق للخطر. ذلك وضع مزعج ومثير جدا للآخرين، ينذر بوجود خلل أو بتعبير آخر "جنون" . الشخص الذي يحاول أن يقطع شارع رئيسي يعج بالمركبات بلا توقف للمركبات. والذي يحاول أن يقفز من مكان مرتفع، والذي يقوم بمحاولة غريبة ليست في غير ما جرت عليه العادة، كلها أفعال في ابسط تعبير في تقدير العامة " جنون". كذلك الشخص الذي يبدو في حالة انفعال شديد لأمر مكروه فيقوم بتحطيم الأشياء من حوله. أيضا مجنون، والذين يدرسون العلوم الطبيعية والشكلية والفلسفية، ومن يقوم بزيارة طبيب العيادة النفسية، لأمر عادي، في نظر العامة كلهم مجانين، السؤال : هل نبدو في كل أمر نفعله في الحياة" جنون