بعد موت الكاتبة

17 سبتمبر  .   3 دقائق قراءة  .    512


وانتهت الحكاية

 

الجزء الثالث والأخير

 

 

حسناً، فهمتم بالتأكيد. هاجر كانت زوجة خالد بطل هذه الحكاية.

إذن، فلنحاول مجدداً...
جمعتهما بعد أن أفهمتُ الزوجة ما يجب عليها أن تفعل، وقلت: هيا يا ابنتي أخبريني ماذا حصل في تلك الليلة؟

أجابت: حسب ما أذكر كان عليَّ أن أواجه خالد لأخبره أن صديقه المزعوم لا وجود له!... وانه واهم!.

صرخ بها: لا لم أكن واهماً... فقد كان صديقي معجباً بك جداً، ويحسدني لأنكِ تزوجتني.

نظرت إليَّ وقالت: أرأيت!؟... ألم أقل لكَ انه معتوه!

سألها رامي: اللابتوب يا هاجر... لماذا أرسلتِ اللابتوب لشقيقك!؟

أجابت هاجر باستنكار: لم أرسل شيئاً لمازن...

وهكذا كان علينا أن نبحث عن الشقيق...
وجدناه بعد أسبوع، كان عائداً من دولة أجنبية حضر فيها مؤتمر طبي.

لا داعي لتكرار المكرر، هو أيضاً طالب بإخراجه من المتاهة. 
عندما أخبرناه بما حصل صاح بأسى:

المعتوه أما زال يعذبها بخيالاتك... أحضر لي اللابتوب خاصتها وادعى أنها توفيت- لا سمح الله. 

صرخت أنا بفرح: إذن... خالد أنتَ كنتَ مريضاً بالوهم، وكان عليكَ أن تزور طبيباً نفسياً!

تحركت جدران المتاهة، فانضم مازن إليهم، قبَّل شقيقته وقال:

عرفت انه معتوه!... فهديل عندما ذكرت خطوط شخصيتك لم تذكر موتك! 

ما زال بعض الأشخاص متفرقون في الزوايا... لكن بعض جدران المتاهة بدأت تختفي... 

صاح خالد: هيا... هيا... لم يبقَ الكثير... فكر بعد يا سيد...
قلت: أبلغت هاجر مستشفى المجانين عن زوجها المريض!

قالت هاجر: هديل لم تكن لتقول عن مستشفى الأمراض النفسية أنها مستشفى للمجانين. 

قال رامي: حسناً هاجر... كنتِ ستتصلين بطبيبٍ في المصحة ليجد لكِ حلاً مع زوجكِ المريض!

أيضاً لم يتحرك أحد... فقلتُ لمازن وقد هدَّني التعب:

عندما أحضر لكَ اللابتوب، عرفتَ انه لا شك يهذي، فشقيقتكَ لم تمت...
لذا...

بدأت الجدران مِن حولهم تتحرك... فتابعت: لعلكَ أغلقت عليه باب الغرفة، لتتصل بإسعاف المركز الطبي!

لم يتغير شيء في خارطة المتاهة. لكن مازن لمح من بعيد امرأة كانت تنام في ال "ريسايكل بن"... صاح بها: ريمااااااااااااا...

استفاقت بصعوبة وأجابت: أخيراً عادت هديل، اعتقدتها نسيتني في الحاوية...
نظرت إلينا باستغرابٍ وقالت: مَن أنتم!؟
صرختُ بذعر: لا يا إلهي!... ليس مجدداً...

أبعدني رامي عن الشاشة وقال: استرح أبي ودعني أحاول مساعدتك... توجه بكلامه إلى ريما وقال: سيدتي الفاضلة هلاَّ أخبرتني رجاءً، ماذا كنتِ تفعلين في الحاوية؟

أجابت: كن مؤدباً معي أيها الشاب... أنا كنتُ في ال "ريسايكل بن" هناك فرق.

قال بتهذيب: آسف سيدتي، سامحيني رجاءً... ماذا كنتِ تفعلين في ال "ريسايكل بن"؟

أجابت بغضب: فجأة جُنت هديل ورمتني هناك... لكنها قبل غيابها الطويل... وعدتني أن تعيدني إلى الحكاية.

أجاب رامي بسأم: وما كان دورك؟

حكت رأسها مفكرة وأجابت: أعتقد أنها أرادتني أن أحضر العصير للضيف... خالد أقصد... هذا المعتوه لطالما زارني في الصيدلية وطلب أدوية غريبة لا يجب أن يتناولها.

هنا صرختُ أنا متدخلاً: إذن كنتِ صيدلانية وتعرفين بتركيب الأدوية؟

أجابت بسأم: أجل... ولما الاستغراب!؟ ألا أشبه...

قاطعتها وقلت: لا... لا... لم أقصد هذا... أٌقصد أنتِ صيدلانية، وطلب منك زوجكِ إحضار العصير لخالد؟

أجابت: نعم... هذا قبل أن ترميني هديل في ال...
أجاب رامي: في الريسايكل بن... فهمنا. لكن أمي أرادت إعادتك؟

قالت المرأة: إذن أنتَ ابن هديل؟... يا لكَ من شابٍ جميل.

صُعِق زوجها وقال: ريما... ما رأيكِ أن أعيدكِ إلى الحاوية؟

ضحكت المرأة وأجابت: إن لم أخرج أنا من الحاوية، لن تخرجوا جميعكم من المتاهة!

قلتُ قبل أن يحتد النقاش ونخسر الوقت: إذن أنتِ وضعتِ منوماً في عصير خالد؟

أجابت: ربما...

تحركت جدران المتاهة، ولم يبقَ إلا مَخرجين، وراء أحدهما ينام شابٌ وفي يده هاتف جوال... وشاب آخر ينام داخل الإسعاف!

أخذت زجاجة الماء البارد من أمامي، ورشقتهما به. استفاقا مذعورين، صرخ الشاب داخل الإسعاف: هل حان الوقت... هيا... أنا...
نظر إلى رفيقه ثم نظرا معاً إلينا وقالا بصوتٍ واحد: مَن أنتم!؟

 

بعد جهدٍ جهيدِ، وصدٍّ ورد، فهمنا الحكاية.

الشابين كانا طبيبٌ نفسي وسائق إسعاف، مستعدين لتلقي هاتف... ليُحضرا المريض إلى المركز!

لكن!... هاتف مَن؟... مَن كان سيتصل بالطبيب النفسي!؟ 

قال رامي: طبعاً الدكتور مازن!

لا... لم يتحرك شيء.

أكمل وقال: إذن... أنتِ ريما كنتِ ستتصلين بالطبيب، فهو كان ينتظر اتصالك!

أيضاً لم يتحرك شيء.

قلت متعباً وبالكاد يُسمع صوتي: هاجر اتصلت بالطبيب.

هيا... هيا... لم يبقَ إلا القليل. صاح مازن.

فقلت: كانت شقيقتكَ تعرف بمرض زوجها، وسبق أن حدثتكَ بالموضوع...
سمعنا أصوات جدرانٍ تتباعد قليلاً...

تابعت متوجهاً إلى هاجر: سيدتي أنتِ لاحظتِ أن خالد قد أخذ اللابتوب خاصتك...
الجدران تبتعد أكثر فأكثر عن المجموعة... فصرخت هديل: أجل... أجل... أكمل أرجوك...
فقلت: اتصلتِ بشقيقك وأخبرته. ولأنه لم يكن يصدقك مسبقاً فقد صعق بفعلة خالد.

بقي جدار واحد لم يُفتح في المتاهة، فصرخ خالد: تابع... أرجوك تابع...

فقلت: لكنكِ كنتِ قد أخبرتِ ريما وصدقتك... وهكذا... ريما وضعت منوماً في العصير... وأنتِ اتصلتِ بالطبيب... 

بدأت بقية جدران المتاهة تتباعد فقال رامي: كان الطبيب النفسي قريبٌ لكِ سيدتي...

توقفت المتاهة عن التحرك! فقلت فوراً: لعله كان زميل دراسة!؟

فُتِحت جدران المتاهة، وعم النور في أرجاء  العتم.

تنفس الجميع الصعداء، ورقصت هاجر والطبيب النفسي فرحاً. أما خالد فقد قفز إلى موقع يهتم بعلم النفس.

ريما ركضتْ بعد أن لاحظت صف طويل من البشر يقف أمام باب الصيدلية.

أما مازن فقد حيانا بلباقة وقال بلهجةِ الآسف: الكورونا!!!!... كونا على حذر.

ودخل في الإسعاف إلى جانب السائق.

 

قلتُ لرامي: أنا متعب جداً... وأريد أن أنــــــــــــــــــام.

قبَّل رأسي وقال: اذهب للنوم أبي، وأنا سأتكفل ببقية ملفات أمي.

  1
  3
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال