28 فبراير . 8 دقائق قراءة . 980
"إن أهمية معرفة الشخص لمؤشر كتلة جسمه ومحيط خصره تعادل أهمية معرفة الشخص لقراءة ضغط دمه ومستوى الكوليسترول لديه ".
هذا مايؤكد عليه الطبيب "ديفيد كوشنير" الخبير العالمي المتخصص في أنماط التغذية والعلاج الطبيعي في كتابه "النظام الغذائي وفقا لنمط الشخصية" الذي يعتبر كتابا مثاليا للحمية الغذائية والتوازن الغذائي الصحي ، بعد أن غيرت البرامج المدونة فيه حياة الكثير من المرضى من خلال التركيز على أهمية الصلة بين العقل والجسد من جهة، وبين تخفيف الوزن من جهة أخرى.
جمع كوشنير اكتشافاته وجلسات الإصغاء وما تعلمه خلال رحلة دامت عشرين عاما في هذا الكتاب". كما قام بتبسيط وتشخيص برنامج "إدارة الوزن" بحيث ينسجم مع حياة المرء العملية ، وقدم عددا من الوصفات التي تتعلق بالتحكم بالوزن ، والتي تعتبر محاور أساسية لبرنامجه: كالتوقف عن لوم النفس ،ومعرفة كل منا طريقة حياته، مع ضرورة القيام بتغييرات بسيطة فيها.
يتطرق الكتاب الى أسطورة الأنظمة الغذائية مثل " الكربوفوبيا" أو الخوف من الكربوهيدرات الذي يجعل بعض الناس يتجنبون أكل خبز الحبوب الكاملة والمعكرونة والفواكه الطازجة والخضار مع أن الكربوهيدرات ذات الألياف العالية تعتبر عنصرا ضروريا لأنظمة الأغذية لتخفيف الوزن .
كما يتطرق الى " الفاتوفوبيا" أو الخوف من الدسم مايجعل بعض الناس يفرطون في أكل الأغذية الخالية من الدسم تماما علما أن هناك بعض أنواع الدسم صحي للقلب مثل زيت الزيتون والجوز وبذر الكتان والأوميغا ثري . كما يركز على ضرورة وجود البروتينات في وجباتنا كمصدر مهم للطاقة وهي بروتينات حيوانية كالسمك والدجاج منزوع الجلود، وبروتينات الخضار والحبوب كالعدس والفاصوليا وفول الصويا .
ويركز الكتاب الذي ترجمه الى العربية الدكتور " أدهم مطر" ونشرته "دار رسلان" بدمشق على ضرورة تعلم كيفية طهي الأغذية الصحية ذات المذاق الشهي ، منبها الى أن عملية تخفيف الوزن تتطلب من الشخص استشارات مكثفة للأنظمة الغذائية (كما هو الحال مثلا إذا كان المريض مصابا بمرض السكر أو بالحساسية ضد أنواع معينة من الأغذية ) أو أنه معرض لقضايا حساسة مثل (الاكتئاب أو اضطرابات الأكل كالنهم والشره العصابي) .
كثير من المرضى ناجحون جدا في حياتهم العملية لكنهم فاشلون في العناية بصحتهم وتخفيف أوزانهم ،حيث أنهم وجهوا كل شغفهم تجاه عملهم وعائلاتهم ومستقبلهم المالي ففقدوا بذلك التواصل مع احتياجاتهم الشخصية ،وبعد أن استمع د. كوشنير الى آلاف قصص المرضى أدرك أن هذا النمط كان تزامنا في الأعراض يجب معالجته قبل أن يتمكن المريض من تخفيف وزنه، ومعظم القصص يتحدث أصحابها كلاما متشابها مثل:
"أتناول وجبات سريعة ..آكل خارج المنزل كثيرا .. ليس لدي وقت للطهي كما اعتدت من قبل ..أعلم أنه يجب عليّ أن أحسبها لكني متعب جدا..أعاني من ضغوطات شديدة ومتعددة .. ليس بإمكاني تخفيف وزني"
كلما فهم الشخص كيفية التسكين المتبادل بين العقل والجسد كلما زاد تأثير ذلك على المزاج وعلى الوزن ، وعلى الرغم من الجهود اليائسة التي يبذلها متبعو الأنظمة الغذائية للحصول على مؤثر خارجي(كحبة دواء) بغية تحقيق قفزة نوعية في تخفيف الوزن إلا أن الأمر في الواقع يتعلق بالخطط العقلية – الجسدية التي يتخذها المرء.
كثير من الناس يجدون أنفسهم محاطين بالأعمال الشاقة ولكنهم لايملكون من القوة إلا الاستلقاء على الأريكة لمشاهدة البرامج التلفزيونية التي لاتهمهم ، ولكن بدلا من شحنهم بالطاقة فإن استلقاءهم هذا يزيد من شعورهم بالتعب أكثر ، وسرعان مايدركون حاجتهم لإيجاد طرق جديدة لرفع سويتهم الروحية وشحن كل من عقولهم وأجسادهم معا.
بعد اتباع خطة د. كوشنر لثلاثة أسابيع يصبح لدى المريض مستوى أعلى من الوعي . يسمي خطته 3×3 لأنها ترتكز على ثلاثة أطر ( المنزل – العمل- الحياة الاجتماعية) وثلاثة سلوكيات ،خلال ثلاثة أسابيع .
ويتطرق د. كوشنير الى أنماط الأكل لدى الناس فهناك من يتناول طعامه بفوضوية ، وهناك من يتناول الطعام ليلا ، وهناك من يستهلك الطعام المريح كالمعلبات والمجمدات ،كما يتحدث عمن يكرهون الفواكه ويركزون في طعامهم على شرائح اللحم والبطاطا المقلية ، وهناك النهمون الذين يأكلون بإفراط ويشعرون أن معدتهم مثقوبة .
وإضافة الى أنماط الأكل يتطرق الى أنماط مواجهة هموم وصعوبات الحياة ، ومنهم المكبوحون عاطفيا الذين يستخدمون الطعام كوسيلة للهروب ، ومنهم المعانون من قلة احترام الذات مايؤثر سلبا على مهاراتهم الاجتماعية وقراراتهم اليومية، ومنهم المصرون على تسويفهم فكثيرا مايتحدثون عن أهمية تخفيف الوزن لكنهم لايحققون من ذلك شيئا .
ابدأ بحذف كلمة "المقلي" من قاموسك واستبدلها بكلمة المحمص أو المشوي أو المسلوق لأن القلي يأخذ الفوائد من الطعام ويحوله الى طعام عالي السعرات الحرارية غير الصحية ، وابتعد عن الصلصات والمايونيز والسمن الصناعي والكولا وعصائر الفواكه المعلبة والكاتو والفطائر والكرواسان والأجبان لاحتوائها على الدسم الذي لايمكن التخلص منه .
ولضبط أكل الطعام يقدم النصائح التالية:
لاتطل فترة بقائك دون طعام أكثر من خمس ساعات – حاول أن توزع سعراتك الحرارية بالتساوي على مدى النهار – لاتتجاوز الوجبات بغية التخلص من بعض السعرات – حاول تناول الفطور إذا لم تكن تفعل ذلك من قبل – تناول المزيد من الخضار والفواكه – جهز الخضار والفواكه بحيث تكون سهلة المنال – ليكن على مائدتك طبق من السلطة دوما – احمل عبوة الماء معك فالجوع هو علامة قلة السوائل في الجسم على الأغلب .
ان الشعور بالتعب والانهاك والارهاق والوهن ناتج عن نمط الحياة الذي لاحركة فيه لذلك فإن رياضة المشي ترفع سوية الطاقة وتحسن المزاج وخصوصا اذا كان لديك رفيق ، وكذلك رياضة "التمطي" وضرورة الربط خلالها بين الجسد والذهن علما أن التمطي هو أسهل أنواع النشاط البدني مع مراعاة التنفس بشكل طبيعي أثناءه وعدم الإفراط في التمطي لدرجة الألم.
وينصح بالتمطي عند العمل على الحاسوب أو الجلوس على كرسي المكتب أو عند التوقف على إشارة المرور أو موقف الباص . فالشعور بالإجهاد والإرهاق يشكل دافعا قويا للإفراط في الأكل ،حتى أن بعض الباحثين ذكروا أن هرمونات الإرهاق هي سبب تراكم الدسم في البطن عند النساء ،كما تم إثبات أن الإجهاد يجعل الناس أكثر عرضة للأمراض ويقلل من إمكانية تعافيهم منها . وأثبت الباحثون أنه من خلال الاسترخاء يمكن للمرء أن يتعلم أساليب جديدة لمواجهة الارهاق ويحسّن من صحته الجسدية.
إن الفوضى من حولنا سواء في المنزل أو في العمل تسبب التشتت والفوضى النفسية وتشويش الفكر ، لذلك فإن التخلص من الفوضى التي حولنا تعيد لنا تجديد النشاط وتمهد لنا الطريق للعيش بطريقة متوازنة ويقظة.
يفسر لنا د. كوشنير مصطلح "التربية الذاتية" بأنه العناية بالنفس بالطرق التي يقدرها الشخص ذاته لذاته ، لذلك يدعونا الى كتابة قائمة بالنشاطات التي لاترتبط بالطعام والأغذية بل بتلك التي نستمتع بالقيام بها والتفكير فيها كأنشطة تتضمنها حياتنا(كالاستماع الى موسيقا هادئة أو تصفح كتاب أو التسوق وخصوصا بالنسبة للنساء) . كما يدعونا إلى التركيز على النواحي الإيجابية في حياتنا إذ يواجه المتشائمون صعوبة في إدراك حقيقة أنهم يستحقون المعاملة بشكل أفضل من قبل أنفسهم، ذلك لأن الروح السلبية التي تجعلهم يركزون على كل النواحي السلبية من ذاتهم هي نفسها تجعلهم يتجاهلون كل النواحي الإيجابية من ذاتهم.
سلوى صالح
22 نوفمبر . 10 دقائق قراءة