04 مارس . 6 دقائق قراءة . 1049
الفنان والناقد عبود سلمان
تبقى حداثة فن نذير اسماعيل من أهم التجارب التشكيلية السورية الحديثة،لسنوات وجه السبق فيها ،وهو أول المصوريين السوريين الفنانين التشكيليين، عندما أسس فن اللوحة الحديثة،في حداثة لم يسبق احد،وناضل لذلك منذ كنا أطفالاً وشباباً ومشتغلين في حقول الفن التشكيلي، وأصبحنا زملاء مهنة واحدة،التي هي مهنة الابداع الإنساني والفني الجمالي،
لهذا اسس ذلك الفنان التشكيلي الحداثي في خطابه التشكيلي، وفي عمق لوحته الحديثة التي اخلص لها،لتظل حبيبته ورفيقته، وصديقته الى يوم رحيله الموجع، والذي أوجع الخاصرة التشكيلية السورية، وبكى لها ،الكثير مما يعرفوه ولايعرفوه،وقد كانت فرصة لقائي الأخيرة معه،عندما التقيته في بيروت قبل وفاته بأيام، وكان غاليري أجيال في شارع الحمرا، يشهد على نبل ذلك الفنان التشكيلي السوري النبيل،والكبير في حسه ورهافة أخلاقه الكريمة، وصدق تعامله مع كافة الأجيال السورية، وهو المتفتح على أطياف شتى الحس الاجتماعي والجمالي، البسيط المدهش،والعزيز النادر،
وفي تاريخ الفن السوري المعاصر،هو في فن التشكيل وجه التصوير المعاصر،حيث يبدع لوحته المفتوحة على تطورات جديدة في التصوير أو الرسم الأوربي والأمريكي،
ولأنه ابن مدينة دمشق رسم لوحته وفق مرتكزات عناصر التجديد اللوني والموضوعية، ورسم من الوان غوطتها الخضراء ،زهوره التي يرسمها ضمن اصيصاتها، ورصف تلك الأحواض الحاملة للورد الدمشقي، والخضرة الدمشقية، حيث تتراص ملامح الفن والعمارة،في حياة الناس السوريين في دمشق وحلب وحمص ومدن الساحل السوري.
،لهذا تراه يرسم شتى انواع التمثيل للاشياء والأشخاص، والوجوه والبيوت المتعانقة المتعلقة،وكأنها حكاية سرمدية مابين حركة الحداثة الطليعية ، والحداثة الجمالية،وكل ماهو تقاليد تقليدية لرسم لوحة، وما بين الحبر الصيني والالوان المائية، والرسوم على الزجاج، رسم الفنان الحداثي الرائد تقنيات تصويرية،متخذ من أسلوب التعبيرية التجريدية، أوجه إعطاءه المفتون في سياق المعالجات التقنية والتجريب، للتعبير عن الموضوعات التي ترتبط في بيئته المحلية السورية، مع نزوعاته لموضوعاته للهم الإنساني، وقضايا الإنسان المعاصر، في تفاصيل حياة الافراد والمجتمع والوطن ،
ومع قصدية تكراره الوجوه الممطوطة، والطولانية والمربعة، سكنت وحدة خطية لونية، أعماله، وسكن اللون البني القاتم حياة تجريدية اللمسة اللونية في تباين مرتكزات توزع الاشكال في عمله الفني الذي فيما بعد قلده آخرون من فناني سورية المعروفين،وجيل الشباب الطالع ومنهم من استنسخ أعماله، وأقام معارض فردية بها مع بعض التصرف، وبدون الاعتراف لما اغترف،
وهكذا كثيرون لم يكتب عنهم إعلامنا التشكيلي العربي السوري،المريض اي نقد أو قراءة، ليمضي الجميع بدون حقيقة مفضوحة للناس المتابعين،والمشغولين في هم تأمين ربطة الخبز وجرى الغاز والهروب من إصابة بقذيفة هاون، والقصة تطول ،ولا حياة لمن تنادي، في ظل غياب شفافية الإعلام الرسمي والتشكيلي، وغياب النقد ودور الناقد الحقيقي المحايد،ونادرا ماتجده ،ذلك الناقد الذي يملك قلمه في حرية وموقف،ورأي صادق مستند لوقائع الحق والحقيقة،
لهذا مضى فارس تشكيل الحداثة الى رحمة ربه الكريم، وهو ارحم الراحمين،واحفظ الحافظين، وظلوا صغار الكبسة، و المرتزقة يكتبون ويرسمون لمن يريدون،ويدفع والشواهد كثيرة للاسف، وفي أسماء محددة ،وبعينها لو قارنت أعمال المرحوم الفنان نذير اسماعيل وأعمال اي منهم مع بعض التدقيق والمقارنة بالتناص، لتجد ان الشبه كبير ،والاستسهال لعبة من ركب الموجة في امطاط الاعناق والاعماق والأعمال الفنية،سواء لمن يرسم الحركات التشكيلية، باسم الحداثة أو من يدعون الاشتغال على رسم الوجوه الإسماعيلية النذيرية،
وليس صعب علي تحديد الجميع بالاسم، لطالما اعرف سيرة البطل التشكيلي نذير اسماعيل منذ بدايته وزرت مرسمه مرات في دمشق في الزاهرة، وتحدثنا معنا ،وعرفته في باريس حيث عرضنا في معارض المركز الثقافي العربي السوري بباريس، ولا يخلو اي زيارة لمقر مديرية الفنون الجميلة بدمشق خلف صالة الراوق العربي في العفيف،عندما كان المرحوم طارق الشريف مديرا لها، ومن يرتب سيرة هذا المبدع الكبير في صور أعماله منذ مشاركاته الفنية الأولى مع فناني القطر العربي السوري،سواء لمعرضهم السنوي في الربيع أو الخريف، أو عبر معارض الصالات الفنية الخاصة، حيث كان يعرض ضمن جماعة اصدقاء الفن بدمشق،
سيجد المتابع والمهتم والباحث التشكيلي السوري،اي كان ،طالب فن او دارس له،أو فنان يتذوق تجارب الفن السوري ضمن اصالته، سيجد ناظريه صورة جمالية الأعمال التي تتنوع بها التونات اللونية للون الواحد، وتلخيصات نذير اسماعيل من خلال عناصره الفنية التشكيلية المرسومة، التي يتطرق لها الفنان الملون في نصه التشكيلي، حيث غنائية لوحته من خلال تبسيط ملامح شكل الإنسان والبنات والحيوان والأشجار والبيوت، لهذا ترى النفحات التصويرية البصرية الساحرة،وترى معها شكل انفعال الفنان في رسمه ولوحته بالوانه،لترى كيف احب ماء ألوانه المستمدة من ماء بردى ،وماء أرضه وتربته في تحربته، لهذا يصوغ فوضى أبطاله، من خلال فوضى التوازن الشكلي،وحميمية الألوان في رضاها وتنافرها،وتأثيراتها لتعبيراتها، عبر يد مجربة ومتمرسة، تتقن فن الافكار والمبادرات، لتصبح مجسات تفاصيل العمل الفني وتقنياته، وتتجدد وفق تطورها بشكلها السريع جدا، لتتبادل خبراتها في تجاربه الفنية المفتوحة مابين فن الكرافيك والتصوير العفوي المعاصر،ليكون المعبر عنه بحق حلمه التشكيلي الذي يغوص فيه وهو الدارس الفن،دراسة خاصة،جعلت من موهبته الاكيدة، تكمن في حالة الفنان الانفعالية، عبر ايقاعاته المتخيلة، والمتكررة في حشود آدمية مغرقة في شروطها وشرودها، وظلالها وعمق دلالاتها، لمزاوته بين اللامتناهي وعناصر تكوينه في تدوينه للمدى البصري، في تلك الوجوه والاوجاع، التي تؤمي وقد لا تاتي في اسرارها،لأنها كامنة في أعماق الفنان المعلم ،المتجدد مع مسامات مساحاته التصويرية الرحبة،مضاءة بالالق الجمالي،
29 أغسطس . 3 دقائق قراءة
02 أبريل . 6 دقائق قراءة