15 مارس . 3 دقائق قراءة . 1216
(( انا لا أريد أن أتحدّث عن الرسم والنحت، لأنّه حديث طويل وذو إشكالية، لكن عن النحت أستطيع القول إنّه كالكلام نقوم بالعمل قليلاً ثم نقف، ونفكر، ثم نفكر أننا أنجزنا قليلاً منه، ففي أحد الأساطير الهندية أن ابنة أحد الآلهة، طلبت أن يعلمها النحت، فقال لها تعلمي الحكي (المحاكاة)، ثم قال لها لتتعلمي النحت، عليكِ تعلم الرقص والغناء، وبعد ما يقارب عشر سنوات عادت إليه . لتخبره أنها تعلمت كل الفنون التي طلبها، فقال لها: ها قد تعلمتِ النحت.ففي هذه الأسطورة نجد النظرة التي تعتبر الفنّ عالماً كاملاً، وأنه يشمل الفنون جلّها. لهذا تعتبر الطبيعة الأمّ الأثيرة، وهي المؤثر الحقيقي في عملية التحريض على البدء بالنحت، فاللاذقية مدينة جميلة ومحرّضة للخيال، درست فيها الطابع المحلي والطابع القديم، بالإضافة إلى التاريخ السوري الحضاري العريق، إن التاريخ والإرث الحضاري للمكان، أعطاني زخماً، وحرض الخيال في داخلي، وربما يبدو هذا جلياً في أعمالي التي هي مستمدة من العمق الحضاري للمكان. ومنها اتذكر أكثر ما أتذكره وما صدمتُ به في طفولتي، هو اكتشافي أنّ الشيخ في الكتّاب الذي كنا نتعلم فيه في مدينة "اللاذقية"، لم يكن يفرّق بين الحروف. لقد كان يدرّسنا الحروف كرسوم، فهو يحفظُ شكل الحروف، ونحن نحفظُ هذه الرسوم، وبعد ثلاث سنوات اكتشفت أنّ الحروف ليست مجرد رسوم فقط، وهكذا اكتشفت جهل الشيخ بالحروف، ولكنّها ربما كانت بداية تعرفي على الشكل.وأنا أحبّ الأعمال الضخمة ذات الفخامة كثيراً، وضمن حدودٍ كنت أبحث عن العمل على الكتل الضخمة، وكنت أحياناً أقترحُ ارتفاعاتٍ للكتل الصخرية، وكان الجميع يدهش للطرح. ولهذا فن النحت هو كإعادة التكوين، أنا من هنا، وأرسمُ بتجريد إن كان جميلاً، لكن دوماً يجب أن يكون هناك رابط ما يربطها بالواقع، وبهذه الطريقة نكون قد خلقنا توازناً بين ما هو تجريدي وبين ما هو واقعي.اعتقدُ أنّ العراق وسورية ومصر هي الأكثر إبداعاً، أما دول الخليج، فهي تملك الداعم المادي، وتقوم بجذب البعض وتدعمهم ليفعلوا وينحتوا ما يشاؤون، لكن هل هذا سيقدم فناً راقياً؟ وبرأيي أننا نحن السوريين أو حتى العرب نفقدُ ملامحنا، هناكَ أشخاص مبدعون، هناك نحاتون مبدعون، وفنانون متميزون، لكنّ ليس هناك خريطة، وملامح جامعة لهذه التجربة، فهي تجارب شخصية. والفنّ كباقي الفنون يحتاجُ إلى التحرر، والحرية، فبغياب الحرية، يكون ثمة شيء ما ناقص ومهم في الوقت نفسه.))
إقرأ أيضاً: لوحات الفنانة التشكيلية السورية اولغا ناجي
ومن الجدير بالذكر أن الفنان السوري "محمد بعجانو" ولد في مدينة اللاذقية، عام 1956، وفي عام 1980 تخرج في كلية الفنون الجميلة بدمشق - قسم النحت، ويعمل بتدريس مادة الفنون في معهد إعداد المدرسين باللاذقية، شارك في عدة معارض جماعية ضمن المحافظات السورية. بعض من أعماله موّزعة في متحف الفن الحديث باللاذقية وفي القصر الجمهوري، وشارك بملتقيات للنحت في دول عربية عدة: كالبحرين، لبنان، دبي، وأيضاً في روسيا.
15 سبتمبر . 2 دقيقة قراءة
03 سبتمبر . 1 دقيقة قراءة