23 مارس . 4 دقائق قراءة . 766
٨٠٠٠ مادة كيميائية تستخدم في تحويل المواد الخام إلى منسوجات ضف إلى أنّ ٢٥% من المبيدات في العالم تستخدم في زراعة القطن غير العضوي المستخدم في صناعة الألبسة بحسب تقرير أعدّته منظمة تعهّد الكرة الأرضية. هذا ما يرتّب تكلفة باهظة تدفعها البيئة من جهة والانسان من جهة أخرى.
لذا كان على البيئة أن تصرخ لطلب النجدة بعد أن بينّت أحدث الاحصائيّات أنّ صناعة الأزياء تسهم في حوالي ١٠% من إجمالي ناتج انبعاثات غازات الإحتباس الحراري. كما المتوقع أن تصل مخلّفات الازياء إن أكملت على هذا النحو إلى حوالي ١٥٠ مليون طن حول العالم في ٢٠٣٠.
هل تعلم بأنّ الملابس مسؤولة أيضًا عن إطلاق الألياف الدقيقة في محيطات العالم والتي توازي ٥٠ مليار زجاجة بلاستيكية وفق تقرير أعدّه معهد إلن ماك آرثر العام ٢٠١٧؟! فما كان من مناصري البيئة إلّا أن يطلقوا ثورة جديدة في عالم الموضة وأحدث الصيحات التي تعرف بصناعة الأزياء المستدامة أو الموضة البطيئة أو صناعة الأزياء الإيكولوجية للتخفيف من وطأة صناعة الملبوسات على البيئة والكائنات الحيّة على حد سواء.
لطالما كان عالم الغذاء في صراع لتحديد ما هو عضوي أو لايت كذلك الأمر على أرض الواقع فلا تعريف شامل ومتّفق عليه للأزياء المستدامة. فلنأخذ كلية لندن للأزياء على سبيل المثال، إذ تعرّف الأزياء المستدامة بأنها تلك التي تعتمد على تسخير الموارد بطريقة أخلاقية ومسؤولة دون تهديد للتوازن البيئي والاجتماعي. كما عرّفها بعض المصممين بأنها أزياء ذات نوعيّة عالية إذ تتحدّى مرور الزمن ويمكن توريثها من جيل إلى آخر.
باختصار، يمكننا تعريف الموضة المستدامة بأنّها طريقة بديلة تستخدم نهج صديق للبيئة في كافة مراحل تصنيع الملابس بداية من اختيار المواد إلى إدخال منسوجات قابلة التدوير أو إعادة استخدام، قليلة التلوث، منخفضة الاستهلاك وقليلة الكربون المتجسّد في عملية التصنيع. اذًا هي عملية تتنافى مع مبدأ من المهد الى اللحد التي تعتمدها الموضة السريعة فلا تنتهي الملبوسات في آتون المحارق بل يعاد إستخدامها أو تصنيعها. كما إنّها فلسفة ترتكز على مبادئ أخلاقية والتي تنادي ضد استغلال العمال وتوفير اجورعادلة وحياة صحية وآمنة لهم.
لنجاح نهج الموضة المستدامة يتطّلب الامر وعي المصممين ودور الأزياء لجهة الابتعاد في عملية التصنيع عن المواد الملوّثة البتروكيماوية كالنايلون والرايون والبولييستر وهي مواد غير قابلة للتدوير واستبدالها بالألياف الطبيعية القابلة للتحلل ولا تتطلّب مواد سامة لاستخراجها ومعالجتها كألياف السيلولوز والقطن العضوي الممزوج مع الكتان والصويا والحرير الأكثر الإستدامة وذلك لسرعة نموه دون استخدام المبيدات. كما يجب إعادة استخدام الأقمشة إن لجهة خلق قطع جديدة منها أو إعادة تصميمها لإستخدامات أخرى وإستخدام عملية قص الأقمشة بأسلوب صفر نفايات فلا وجود لأي هدر. كما تقع مسؤولية كبيرة على المستهلك إذ يجب ألّا يفرط في شراء ما لا يحتاجه حتى بوجود فترة العروضات لتفادي النفايات الناجمة عن الملبوسات.
إنّ التغيرات المناخية والتلوث الكبير الحاصل للكرة الأرضية، استدعى إلى تحركات واعية وشاملة لكافة القطاعات للمحافظة على البيئة وهذا ما ينطبق على صناعة الموضة حيث هبّت دور أزياء ضخمة ومصممين عالميين للالتزام بمبادئ الاستدامة ايمانًا منهم بالوصول إلى صفر نفايات في ٢٠٣٠. فهل يتحقق هذا الأمر بوجود سيطرة للموضة السريعة في الأسواق؟ لنأمل ذلك...