بدائل الاقتصاد الريعي للعراق: نحو تنمية مستدامة

28 يناير  .   5 دقائق قراءة  .    5

هند العميد

مقال بعنوان/ بدائل الاقتصاد الريعي للعراق: نحو تنمية مستدامة.

يُعد الاقتصاد العراقي واحدًا من أبرز الأمثلة على الاعتماد المفرط على الريع النفطي. منذ اكتشاف النفط، أصبح هذا المورد الأساسي يشكّل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، حيث تُشكل عائدات النفط حوالي 90% من إجمالي الإيرادات الحكومية. ومع ذلك، فإن هذا النمط الاقتصادي أثبت هشاشته في مواجهة التقلبات العالمية لأسعار النفط، واستبدال موارد الطاقة النظيفة في العالم مما يبرز الحاجة الملحّة إلى البحث عن بدائل استراتيجية للاقتصاد الريعي وإلا ستكون البلدان المعتمدة على اقتصادها الريعي مهددة بالخطر وسوء الاحوال الاقتصادية وعلى رأسها العراق لذلك يعتبر الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد متنوع ومستدام ليس خيارًا بل ضرورة ملحّة لضمان مستقبل أفضل للعراق. يعتمد تحقيق ذلك على إرادة سياسية قوية، ورؤية استراتيجية طويلة الأمد، ومشاركة فعّالة من كافة شرائح المجتمع. باتباع هذه البدائل، يمكن للعراق أن يتحول إلى نموذج اقتصادي يحتذى به في المنطقة، مستندًا إلى موارده المتنوعة وإمكاناته البشرية الهائلة. سابدأ بإيضاح المفهوم الريعي واثاره,سلبياته وكيفية تطويرة أدناه

مفهوم الاقتصاد الريعي وتأثيره السلبي
الاقتصاد الريعي يعتمد على عائدات الموارد الطبيعية، خصوصًا النفط، بدلًا من الإنتاجية الاقتصادية المتنوعة. هذا النموذج يؤدي إلى
:ضعف التنوع الاقتصادي:
فغياب قطاعات اقتصادية قوية مثل الزراعة والقطاعات الصناعة، والخدمات هي إحدى نتائج الاعتماد شبه التام على الاقتصاد الرعي النفطي.
البطالة المقنّعة:
أحد نتائج الاقتصاد النمطي أو الريعي هو عدم وجود فرص عمل كافية في القطاعات غير النفطية ممايؤدي إلى زيادة الطلب وشحة العرض.
الفساد المالي والإداري:
الاعتماد الكبير على العائدات الريعية يعزز فرص الفساد وسوء إدارة الموارد وذلك لعدم وجود دخل كافي للفرد وتفرد مجاميع معينة على القطاع النفطي دون غيرهم من المواطنين. 
الهشاشة الاقتصادية:
التأثر السريع بالتغيرات العالمية في أسعار النفط والتهديد المستمر للاقتصاد الداخلي للبلاد.
بدائل الاقتصاد الريعي للعراق
ولوجود كل تلم المشاكل المكررة نتيجة الاقتصاد الريعي هنا وجب تسليط تاضوء على جوانب اقتصادية بديلة أو مكملة لعجلة الاقتصاد العراقي وذلك بتحقيق اقتصاد مستدام حيث يمكن للعراق تبني استراتيجيات تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتعزيز التنمية المستدامة ومن أبرز هذه البدائل هي:
. تنويع القطاعات الاقتصادية
1- الزراعة: يمتلك العراق مقومات زراعية كبيرة، بما في ذلك الأراضي الخصبة، الموارد المائية، والمناخ المناسب. يمكن الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية الحديثة لتحسين الإنتاجية وزيادة الصادرات.
2- الصناعة: تطوير قطاع الصناعات التحويلية، خصوصًا الصناعات المرتبطة بالنفط مثل البتروكيماويات، بالإضافة إلى الصناعات الغذائية والدوائية.
ولتوضيح أهمية الصناعة البتروكميائية وكيف يمكنها مساعدة الاقتصاد العراقي نشرح مايلي:

1. البوليمرات: تشمل البلاستيك مثل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين، وتُستخدم في الصناعات المختلفة كالتعبئة والتغليف، وصناعة السيارات، والبناء.
2. المواد الكيميائية الوسيطة: مثل الإيثيلين، البروبلين، والميثانول، والتي تُستخدم في إنتاج مواد أخرى.
3. الأسمدة: الأمونيا واليوريا، وهي منتجات أساسية للقطاع الزراعي.
4. المنظفات والكيماويات المنزلية: مثل السورفكتانت والمواد المستخدمة في الصابون والمنظفات.
5. الألياف الصناعية: مثل النايلون والبوليستر، وتُستخدم في صناعة الملابس والمنسوجات.
6. المطاط الصناعي: يُستخدم في إنتاج الإطارات والمنتجات المطاطية الأخرى.
7. الدهانات والمواد اللاصقة: مواد تُستخدم في البناء وصناعة الأثاث.
8. إضافة قيمة للنفط والغاز: يُمكن للصناعات البتروكيماوية تحويل النفط والغاز إلى منتجات عالية القيمة بدلًا من تصديرها كمادة خام.
9. خلق فرص عمل: تُعتبر هذه الصناعات كثيفة العمالة، مما يساهم في تقليل معدلات البطالة.
10. تنويع الاقتصاد: تُساعد في تقليل الاعتماد على عائدات النفط الخام وتنمية الصناعات التحويلية.
11. دعم القطاعات الأخرى: مثل الزراعة، من خلال إنتاج الأسمدة، والصناعة، من خلال إنتاج المواد البلاستيكية والمطاط.

3- الخدمات: توسيع قطاع السياحة، خصوصًا السياحة الدينية، والثقافية، والبيئية. كما يمكن تعزيز قطاع تكنولوجيا المعلومات والخدمات الرقمية.
. الاستثمار في الطاقة المتجددة
العراق يتمتع بإمكانيات هائلة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. يمكن تبني استراتيجيات تهدف إلى إنتاج الطاقة النظيفة لتقليل الاعتماد على النفط وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
. دعم القطاع الخاص
• تحفيز ريادة الأعمال: إنشاء حاضنات ومسرّعات أعمال لدعم الشركات الناشئة.
• الإصلاحات التشريعية: تحسين البيئة الاستثمارية من خلال سنّ قوانين تشجع على الاستثمار الداخلي والخارجي.
• الشراكات بين القطاعين العام والخاص: تنفيذ مشاريع تنموية بالشراكة مع القطاع الخاص وإشاعة ثقافة القطاع المختلط أكثر مماهو عليه الان.
4. الاستثمار في رأس المال البشري
• التعليم والتدريب: تحديث المناهج التعليمية لتلبية متطلبات سوق العمل.
• الصحة: تحسين الخدمات الصحية لتعزيز الإنتاجية.
• تمكين المرأة والشباب: توفير برامج لتمكين الفئات المهمّشة وتشجيعهم على المشاركة الاقتصادية.
5. الإصلاح المالي والإداري
• تنويع مصادر الإيرادات الحكومية: زيادة الإيرادات من الضرائب، والرسوم الجمركية، وتقليل التهرب الضريبي.
• مكافحة الفساد: إنشاء هيئات رقابية فعّالة وتعزيز الشفافية.
• تحسين إدارة الموارد: تخطيط استراتيجي للاستثمار في البنية التحتية والمشاريع التنموية.
التحديات والعقبات
رغم الفرص الواعدة، يواجه العراق عدة تحديات:
1. غياب الاستقرار السياسي: يؤثر سلبًا على جذب الاستثمارات الاجنبية للبلاد لذلك يجب على الطبقات السياسية إعطاء اولوية لمصالح اقتصاد البلد على المصالح الشخصية وذلك لأمانة الاجيال التي ستلينا.
2. ضعف البنية التحتية: ستشكل عائقًا أمام التنمية الاقتصادية ما أن تمت معالجتها بشكل حقيقي وعاجل.
3. الموروث الثقافي والاجتماعي: يتطلب تغييرًا في العقلية الريعية السائدة ودحض الصورة النمطية للكسب والاستثمار وخلق جيب واع للتحديات الاقتصادية الحديثة.



هند العميد/ العراق.
٢٠٢٥/١/١٢

  0
  0
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال