قصة قصيرة بعنوان (كفى).

28 مارس  .   2 دقيقة قراءة  .    670

أصواتٌ لقفزاتِ أرجُلٍ صغيرةٍ تُسمَعُ عن بعدٍ، وصوتُ الأمِّ الذي يتهيأُ لقراءةِ القصةِ الليلية المُعتادةِ يُرافقُ صاحبةَ القفزاتِ ، (توحة) ابنة الرابعةِ ربيعًا تعودتْ أن تسمعَ حكايةً من أمِّها التي لا تكفُ عن تلقينِ ابنتِها حُسنَ الخُلقِ وأطيبَ الصفاتِ برسائلَ مَخفيةٍ من بين ثنايا الحكاياتِ المسائيةِ ، تقفزُ الطفلةُ إلى فراشِها ، وتطلبُ بصوتٍ مرحٍ أن تقصَّ لها والدتُها الحكايةَ التي وعدتها بها ، 
- الطفلة : هيا يا أمي أكملي ليَّ القصة هيا هيا 
- الأم : حسنًا يابنتي،
 كان ياما كان من قصصِ هذا العصرِ والزمانِ، كان هناك طفلةٌ – بعمركِ – جميلةٌ كجمالِكِ يا أميرتي، لديها أسرتان: الأولى من أبٍ وأمٍّ لا يكلان ولا يملان من الاقتتالِ والتباري أيهما سيحظى بالهزيمة الكبرى؟! فلا انتصارَ لحربين برزخهما حفنةُ ذكرياتٍ جميلةٍ قد مضت ، وسنواتِ عمرٍ سرقها الشجارُ وطفلة لا تُحسِن اختيارَ ما بينهما أو دونهما اختيار؛ والثانية هي مجموعةُ ألعابِ قماشٍ تزهو بالألوان الربيعيةِ والعيونِ البراقةِ وملامحِ الوجهِ التي تبعثُ الفرحَ والبهجةَ والسرورَ في النفسِ، تشاركها السريرَ والأحلامَ الورديةَ بامتلاكِ عائلةٍ سعيدةٍ ، لكنْ كانَ واقعُها يُخرسُ أمانيها حين تصحو كلَّ صباحٍ على أجراسِ الإنذاراتِ والتهديدِ والوعيدِ بتركِ البيتِ وما شملَ والرحيلِ بعيدًا ، نفسُ الناقوسِ يدقُّ صباحَ كلِّ يومٍ بتناوبٍ وتبادلِ الأدوارِ لكلا البالغين!
أصبحت أعدادُ الألعابِ تتناقصُ بعدَ كلِّ هزةٍ لأركانِ عرشِ الأسرةِ، لعبةً بعدَ أخرى بعدَ أخرى بعدَ أخرى، دونَ أن تعلمَ الأمُّ أين تذهبُ بها ابنتُها وهي تجرُّ أصدقاءها إلى الحديقةِ العامةِ كثيفةِ الأشجارِ والمزروعاتِ والمجاورةِ للمنزلِ إلى أن اختفتْ كلُّ الألوانِ ورحلتْ البهجةُ من ملامحِ الغرفةِ ، ليعلنَ جرسُ الدارِ عن مُرتبكٍ يحاول الاستنجادَ بأهلِ الدارِ لفهمِ ما يبدرُ من ابنتهم ليخرجا والديها مسرعين بعد أن طلبت الجارةُ العجوزُ أن يلحقا بها إلى الحديقةِ ، وما أن وطأت أقدامُهما عتبةَ المكانِ حتى شهقا من هولِ ما رأيا، تلك البريئةُ اللطيفةُ شنقتْ أسرتَها القماشيةَ لعبةً تلو أخرى على أغصانِ إحدى الأشجارِ اليابسةِ، وهي تقف أمامَهم وكأنَّها لم تكن يومًا لهم صديقةٌ

  1
  2
 0
مواضيع مشابهة
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال