14 مايو . 3 دقائق قراءة . 366
قل لي يا أبي ، ما هي الفتاة الصغيرة الحقيقية ..؟؟
قل لي يا أبي ، ما الذي يحدث عندما تغيب عني ،
فأكبر بعيدة عنك ..؟؟ لقد تركتني يا أبي لقسوة
الأيام ، دون أن تصغي لكلامي ، لعنادي ، لضحكتي ،
لبكائي ، لأنين مرضي في الليال الباردة ، أردد ترانيم
كنت تغنيها لما كنت تغير حفاظاتي الصغرى ، ترضعني
تحملني بين ذراعيك للنوم ، تحممني ، تمشطني ،
تلبسني ، ثم تأخذ بيدي إلى روضة الأطفال ..!!
نمت في القسم وصحيت على صوت المعلمة ..
تخبرني أن أبي لن يأتي .. سألتها إلى متى يعود أبي ..؟؟
قالت لي لا أدري ..!! ربما مر إلى السوق ليشتري لي
هدية العيد ولعبة العيد ، أو تأخر في زحمة الطريق ..!!
سألت الطيور والفراشات والنسمات هل سيعود يا أبي ..؟؟
رائحة عطر أبي يقف في كل مكان ، خطوات أبي ،
تهتف باسمه على هذه الأرض ، قمت بجولة ممتعة ،
ثم قمت بتزيينها بالأحلام والأفلام والألعاب ، أبحث
تحت طبقات البراءة الجديدة ، الحزينة التي لا تزال
تشهد كم أحبك ، كم اشتقت إليك .. يا أبي ..!!
لا أرى أحدا أمامي ، أو ورائي عن يميني ، أو شمالي ،
سواك أنت يا أبي ..!! لا مجال ولا مكان ولا زمان ،
في حياتي سوى لحبك يا أبي ..!! أنا الروح تعيش
صمتًا شديدًا ، تنتظر الفتاة يزفها أبي لرجل غريب ،
لا يشبهك أبدا يا أبي ..!! سلكت طريقا منحدرا أكثر
تعقيدًا ، لا أراك أمامي ، فأمشي في العتمة وحدي ،
وحيدة ، خائفة ، أصيح وأصرخ في وجه الدنيا ،
أين أنت يا أبي ..؟؟ أين ذهبت يا أبي ..؟؟
لماذا تركتني وحدي ..؟؟ أرجوك هلا أتيت ..!!
هلا رجعت يا أبي ..!! آآآآآه كم أكرهك ..!!
كم أحبك ..!! أنا لا شيء بدونك يا أبي ،
ومع ذلك ، تسير تمر السنون وتستمر الحفلة ،
أنا مجرد دمية صغيرة غير متوقعة ، الدمية
منحوتة في خشب رديء ، دمية تنتقل
من يد إلى يد وإلى الأبد ، تستمر فقط حتى الغد ،
صرخات ، ضحكات ، مخاوف ، أفراح ، رقصات
ممنوعة ، خزف مكسور إلى ألف ألف جزء دمية
محطمة ، محترقة ، القلب في كل مكان فوق
السحاب ، بين النجوم ، داخل نواة الأرض ،
في أعماق البحار ، تجمعهم ، تلملمهم ، تبعثهم
للحياة فقط ريحك أنت يا أبي ، موجات من الأطفال
أيديهم الصغيرة شرسة ، وكل كلمة صغيرة مسمومة
الرغبة في السقوط إلى ما لا نهاية ، وبعيدا عن الزمن
كنت أرغب في كثير من الأحيان في قطع خيوطي
معك وابقى هناك ، مفككة ، ساكنة في ديار الأشباح
بلا روح ومع ذلك ، فإن الأمل الذي يداعب قلبي
بأيام عودتك يا أبي .. يبدد الظلمات الوحدة والعزلة ،
والحرمان والموت ، حبست الوهم في أقفاص انتهى
الحلم عن الاستعراض ، لكن حريتي مزقت تلك الدمية
الصغيرة ، حصلت على رغبتها أخيرا إنها الآن ،
فتاة كبيرة ، أصبحت ابنة أبيها ، لقد نجحت بقوة
قلبها ، إنه يقف أمام عينيها ، أمامها ، يلوح في الأفق
نور ابتسامته جعل منها السيدة العظيمة للحياة التي
يجب بناؤها ، وفيها فائض من الماضي للتدمير ،
التي تتحرك من تلقاء نفسها ، في النهاية كان الطريق
طويلا ، ولكنه يستحق الحزن ، أبي أخبرني أنني أكثر
من سيرك في " دمية أراجوز " ، بينما أنت رائعة جدا ،
على صوت أبي مشيت على حبل مشدود مملوء بالأشواك ،
ثم على خط حريري رقيق رفيع طويل ، شكرا لك يا أبي ،
أنت النور والظلام .. فعلت ما تستطيع حتى شعوذة
الذكريات والآلام والمخاوف ، وهمهمات المطر والربيع ،
أشم فيها عطورك الراقية التي وهبت وردتك الليلكية ،
أجمل الألوان والبتلات ، أنا طفلتك الصغيرة يا أبي ..!!
اسمحوا لي أن أتساءل عن كل ما تقولونه ، اسمحوا لي
أن أشك ، وأؤمن ، وأصرخ ، وأكبر ، لقد تحولت من دمية
في سيرك مجنون حتى أصبحت الدليل القاطع المذهل ،
على التغيير لأجلك أنت فقط .. أنت الحياة يا أبي ..!!
@ بقلمي/ إدريس جوهري . " روان بفرنسا "