03 يوليو . 3 دقائق قراءة . 714
*أن تقرأ رواية مرعبة منتصف الليل فلا عجب في ذلك ولكن أن تكتشف أنها تتضمن تفاصيلك كاملة فهذا أمر يستدعي الريبة*
_ناصر الزعبي_
مساء سبت من يناير الأول، كان الطقس عاصفًا، لا أثر لبصيص نور، جلستُ مع شمعتي أصارعُ الضجرَ، فالوقت يحبو على مهل، وشمعتي تقاتل لأجل البقاء وأنا أتألم من وجع الفراق، لأنّه يوميَ الأوّل في منزلي بعد عودتي من غيبوبةٍ دامت ثلاثة أشهر إثرَ حادثِ سيرٍ فقدتُ خلاله أمّي وأبي وأربعة إخوة ذكور.
بحثتُ في مكتبتي الصغيرة عن كتابٍ يشدّني عنوانه، وقع نظري على رواية (خنّاس)، أتيتُ بها وجلست بقرب الشمعة علّني أؤنسها فيطول عمرها...
فتحت الصفحة الأولى فإذا هي سوداء قاتمة، قلبت الثانية والثالثة والرابعة أيضًا!
عند الخامسة وجدتُ جملة وحيدة ( لا ينصح بقراءته لمن هم دون الإثنتي والعشرين سنة)
ثم ابْتَدأَتْ...
(كان س. ن. يعيشُ وحيدا في منزله الكائن بمحاذاةِ مقبرة، وكان يعاني من فقرٍ ومن سوءِ حظّ شديد، وفي يومٍ من الأيام قرّرَ استحضار الجِنَّةِ لطلبِ مساعدتهم في تحسين وضعهِ، فسبق له أن شاهد أحد الأفلام الوثائقية عن تحضير الجنّ وما يستطيعون فعله) وقفتُ هنا مع نهاية أول فقرة، ثمّة رابط بيني وبين القصة؟
فإسمي سامي نور ومنزلي أيضًا بمحاذاة مقبرة كبيرة مخيفة، شعرت بقشعريرة أصابتني لكن فضولي منعني من التوقف.
( فتّش س. ن. داخل مكتبته الموجودة فوق سريره عن كتاب اسمه "كيفية تحضير الجنّ" وجدهُ بقرب كتابٍ اسمه "خنّاس" وبدأ يقرأ ويتعلم كيفية استحضارهم، حضّر الطقوس المناسبة وبعض الموسيقى الخاصة وبالفعل نجح، ظهر له ماردٌ مخيف وقال له "أنا خنّاس عبدُكَ اطلب ما تشاء" فغشيَ الشاب خيفة من مظهره المرعب)
هنا ابتدأ الخوف ينهش منّي ككلبٍ مستذئب ينهش بفريسته... ركضتُ فورًا إلى مكتبتي وفتشت بين كتبها وكانت الوهلة. أنّني فعلا وجدتُ الكتاب الذي ذُكِر بالرواية "كيفية تحضير الجنّ"....
عدتُ للروايةِ مسرعًا لأكمل ما بدأتُ بقراءته، والصدمة متغلغلةٌ متجسّدة على وجهي، لم أستوعب كيف حصل، من أين جاء هذا الكتاب، ومن أتى به ؟
( بعد فترةٍ وجيزة إستفاق الشابُ، ثمّ أردف قائلًا لمارده:" أريد الكثيرَ من المال" ..
أجابه المارد:"أمرُكَ مطاع، أغلق الأنوار وأطفئ صوت الموسيقى واسمعني جيدًا")
يا إلهي... ذابت الشمعة فجأة وانطفأت، نوافذ الغرفة تصفَّقُ بقوة، وقفت لأبحث عن شمعة أخرى وأنا أرتجفُ خوفًا، مشيتُ كأعمى...
ليصدمني مواء قطّةٍ مخيف قد دُستُ على ذيلها...
قلبي فاقت خفقاته سرعتها الطبيعية، الأدرينالين كاد يقتُلني، فأنا خائفٌ جدًا...
حاولتُ النُّطقَ ببعضِ الآيات القرآنية، خانتني ذاكرتي، ولم أذكُر منها شيئًا...
لم أدرِ كيف دخلت القطة المنزل...
عثرتُ أخيرًا على شمعة، أشعلتها وبحثتُ عن الهرّة، لكن لا أثر لها...
في حيرةٍ رهيبة وقعت، أَأُكمِلُ الرواية أم أكتفي بكل هذا الرّعب؟؟
المتابعةُ كانت قراري...
(إبحث عن مقبرةٍ اسمها الهرم الأكبر، ادخلها و جِدْ لحدًا كُتِبَ عليه سامي نور وقم بحفره، وبالمقابل لكَ من المال والذهب ما تريد).
يا إلهي ما هذا! لقد قرأتُ إسمي في الرواية، واسم المقبرة التي أقبع بجوارها...
لم تعد قدماي تحملاني، لا أشعرُ بهما،كمشلول، لم أقوَ على الوقوف...
إستجمعتُ قواي،حملتُ الشمعة وتوجهت للمقبرة، لا يعقل أن تكون كل هذه مجرّد صُدَف...
وصلتُ، وبدأتُ بقراءة أسماء الموتى المحفورة.
يا للهول... المرحوم سامي نور...
صُعِقت ممّا رأيت، وقعت الشمعة أرضًا، ولّيتُ هاربّا نحو المنزل...
الباب مغلق! لقد تركته مفتوحًا!
فالمفتاح من الداخل...
جلستُ على الأرض قليلًا أهدئُ من روعِ نفسي، فإذا بالباب يُفتَحُ ويخرج منه رجلًا يُشبهُ والدي،
أبي، أبي... لمَ لا يسمعني؟ أيعقل لم ينتبه لوجودي؟
دخلتُ المنزل بعد خروجهِ، لا أثر للعتمة، فالأضواء متلألأة، وهذه أمّي تجلس على الكرسيِّ الهزّازِ الخشبيِّ الذي أهديتها إياه في ذكرى مولدها...
صرختُ بصوتٍ يهدّ الجبال: "أمّي"
فالتفتت، دون أن تراني.
_أنا أمامك يا أمّي، اغمريني، اضربيني ،قبّليني... أمّي...
صورتي الكبيرة على الحائط، لمَ يا أمّي؟ فأنتِ تمقُتين وضع الصور على الحائط...
عدتُ سريعًا الى القبر الذي قرأت اسمي عليه لأحدق بصري وأتأكَّدُ ثانيةً...
إنْه... إنّني...
المرحوم سامي نور إثر حادثِ سيرٍ أليم.
18 يناير . 1 دقيقة قراءة
14 أغسطس . 5 دقائق قراءة