يوم نلتقي..

Sophie Khattar

06 يوليو  .   3 دقائق قراءة  .    34

Photo by khamkhor from Pixabay

سألتقيك بعد عام بالتّحديد  واقفًا وبيدك الجريدة ذاتها. سيكون شعرك الأسود ضاربًا إلى البياض عند صدغيْك و"التّجعيدة" فوق عينك اليمنى ستكون أكثر اتّساعًا وعمقًا -فقط عندما تقرّر أن تضحك. الخاتم لن يكون ذاك الّذي اشتريناه من السّوق القديم يوم زرنا "بيلادجو" وقميصك سيكون مكويًًّا عند الياقة والأكمام. 
سأقترب منك وأحيّيك. ستبتسم ثمّ تخفض جفنيْك محاولًا استذكار وجهي القديم وعندما تفعل ستعيد فتحهما على الوجه نفسه، فأنا أيضًا سيكون كتابي هو هو في حقيبة يدي وشعري الأملس مربوطًا والخصلة الأماميّة تزعج عيني اليمنى وتغطّيها. والسّلسلة، أتذكرها؟ تلك الّتي أهديْتَنيها يوم مأتم جدّتك ولففتها حينها حول عنقي وحلّفتني بروحها ألّا أنتزعها.. للحقيقة، صارت في علبة جواهري ولكنّي اخترت اليوم أن أعيد وضعها لتوافق لونها وألوان قميصي الفيروزيّ..



اقرأ أيضًا ضمن المواضيع التالية:

الشعر والنثر،

القصص والروايات،

التجارب الشخصيّة.


عندما ألتقيك بعد عام، ستلتقي عيني بعينك لتبتسم أنت أوّلًا فأردّك خائبًا ورغم أنفي وأنف البُعْد ستُبقي على ابتسامتك فأقاربْك بعدها وأمدّ يدي نحوك -سلام المتعادين- فتتراجع خطوتيْن ثمّ تتقدّم ثلاثًا لتعانقني -عناق المتحابّين-. وتهمس لي في أذني: أنا أكبر منك سنًّا وأوسع منكِ آفاقًا وأكثر منكِ شاعريّةً وأوفى منكِ إليكِ.. سأضحك فتنظرني نظرة المُعاتِب متابعًا: في أيّ جزءٍ صرْتِ؟! مشيرًا إلى الكتاب في الحقيبة. سأضحك من جديد -غريبٌ أمرك يا رجل، تعرف كيف تجرّني بالحديث إليك-. الجزء الخامس، سأقول، مع العلم أنّي قد أنهيْت الكتاب. ستضحك وتخبرني بأنّني كاذبة وأنّ الكذب لا يليق بأمثالي.  سأحمرّ خجلًا وأجرّ الخصلة إلى ما وراء أذني، ستمسك بيدي وتعيد الخصلة إلى ما كانت عليه. أعرفها حجّة لتلامسني. لا تخف! لن أردّك خائبًا سأدعك تكمل دورك.. هذه اليد ستكمل مسيرها نحو خدّي وتمسح عنه حمرته.. عندها سأزيلها متصنّعةً التّكبّر.

بعد أن ألتقيك بعد عام، ستسألني عن رقم هاتفي، أبقِي على حاله أم تبدّل. سأحزن. هذا معناه أنّك لم تجرّب طوال هذه الفترة الاتّصال بي. سأبتلع ريقي وأنظرك بالعيْن: رقمي كحالي ما تغيّر. ستتبسّم. تعرف طريقتي في الرّدّ. محاربة، مجابهة. وعنوانك؟ أما زلت في تلك الشّقّة البالية؟ الطّابق الثّالث؟ لن أجيبك حينها عن هذا السّؤال. سأمشي فتتبعني إلى داخل القهوة. سآخذ الطّاولة ذات الكراسي الأربعة محلًّا لي. ستتعجّب لتسألني: أتتوقّعين أحدًا؟! وعندما أتعنّد رافضةً الرّدّ ومتابعة الحديث، ستتوجّه نحو النّادلة وتدسّ لها رقم هاتفك على المنديل الأبيض ثمّ تطلب لي قهوتي الخالية من السّكّر مشيرًا إليّ. وعندما تسألك النّادلة عن طلبك  أنت، ستجيبها بأنّك تحلّيْت بوجهها الأبيض فتضحك هي واضعةً يدها على فمها كما لو أنّها تسمع الكلام هذا للمرّة الأولى، كاذبة. سترجع إلى الطّاولة وبيدك اليمنى فنجاني، ستضعه أمامي منحنيًا عند أذني: رائحةٌ جميلة.. رائحة الغيرة. سألكز يدك منزعجةً: ولمَ أغار؟! ستجلس لتتأمّلني ثمّ تتمثّل أنّك تبحث عن تلك النّادلة لتغمزها وتتبسّم لها. سأشرب قهوتي، رشفة أولى فثانية فثالثة. عَطْشى؟ لن أردّ. سأعيد الفنجان إلى مكانه مصدرةً صوتًا مزعجًا، ستلتفت حينها النّادلة وتتقدّم من الطّاولة لتمسح ما وقع عليها، سأراها فرصةً لأنسحب دون أن تراني. ستلحظ غيابي، أعرف، ستلحق بي، أعرف، ستناديني، أعرف، سترجع إلى داخل القهوة، أعرف، ستغازل تلك النّادلة، أعرف، ستدعوك إلى شقّتها، أعرف، ستكون بالية، أعرف، ستقرأ لك الكتاب ذاته، أعرف، الجزء الخامس، أعرف، ستهديها سلسالًا، أعرف، ستنساها بعد تلك اللّيلة، أعرف.. ستلتقيني بعد عام، أعرف

  1
  3
 1
مواضيع مشابهة

13 يونيو  .  1 دقيقة قراءة

  1
  1
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال
لينا شباني
09 يوليو
أقصوصة جميلة جداً. تحياتي
  0
  0