03 سبتمبر . 2 دقيقة قراءة . 441
كان موعدي مع الموت مفاجئا ، على غرار كل المواعيد ،
يأتي بدون سابق إنذار ، مثل المرض الذي ينزل بنا ،
أو موعد الغرام عند أول نظرة ،
لم أكن مستعدا بعد ، للمغادرة من قطار الحياة ،
فما زالت لدي مشاريع جديدة كتيرة ،
أريد إنجازها ، تحقيقها ...
اتصلت بزوجتي ، و طلبت منها ، تجهيز الأمتعة
لقضاء عطلة نهاية الأسبوع ، مع الأولاد في البادية ،
هكذا كانت ،
البداية و النهاية ، الفراق الأليم ...
كان موعدي مع الموت ،
اليوم ، بعد انتهائي من الدوام ،
في الشارع ، مع سائق التاكسي ،
الذي لا أعرفه ، لكنه كان يعرفني ، أكثر من نفسي ،
إحساس غريب ، يشعرني كأنه نسختي الأصلية ،
لكن بصفائها ونقائها ، وطهارتها ، من الشوائب والمعايب ...
مثل البائع ، أو الموظفة ، التي عندما تراها لأول وهلة ،
تشعرك أننا التقينا ، يوما ما ،
أو كأننا تعارفنا في مكان ما ،
كأننا نعرف بعضنا البعض ،
إنه لقاء الأرواح ، يوم كنا عائلة واحدة ...
نعم كان السائق والراكب ، هو أنا .. " أنا " !!!
نفس الشخص ، في بعدين عالمين مختلفين ،
اجتمعا للسفر الأخير ...
بدأت أوراق الحياة ، تتساقط من حولي ،
كل واحدة باسم صاحبها ،
تعلن عن قرب الأجل المحتوم ،
تلبدت الغيوم السوداء ، في الفضاء ،
حين اعترضتنا عجوز ، على ناصية الطريق ،
فركبت معنا ، مدت يدها لتصافحني ، وتعانقني ،
في حزن ، متمتمة في أذني ، بصوت خافت قائلة :
لقد آن الأوان ، للرجوع إلى نقطة البداية و النهاية ،
مع أحبابنا في عالم البرزخ ،
كانت نفسي التي تحدثني ،
وقد شاخت في دنيا الأوهام ،
والغفلة والنسيان ، يوم تركتها لحالها ،
دون تذكير ولا نصح ، ولا أدب ،
بدون رقيب ولا محاسبة ، للقول والعمل ...
أصوات السماء ، تهتف في كل لحظة ،
أو طرفة عين ، أو ومض برق ،
لاستقبال روح إنسانية جديدة ،
لتسكن عالمها النوراني ،
بعد أن تركت ثيابها الترابية ،
حيث الخراب في بيوت الأشباح ...
كأني لم ألبث فيها ، إلا بضعة أيام ، أو دقائق معدودة ،
نسيت أني ضيف ، لأجل محدود ،
بعثت لمهمة ، أو مقاصد ، غايات سامية ،
ترقيني في عالم الملكوت ،
كي أبقى على صلة واتصال دائم بموطني ،
وأستمد المدد ، والعون من السماء ،
لكن بحار الشهوات والمغريات ، والمفاتن
سلبتني رشدي ، سرقت مني صحتي ، وقتي راحتي ،
انطفأت أنوار قلبي ، وأظلمت مصابيح الهدى ،
والصلاح والإنسانية ، صارت جوارحي ، تلهو تلعب ،
تجري وراء الملذات ، على أوتار الطمع ، والسكر والمجون ...
عقلي تعطل ، توقف عن النمو والتجديد ، والاجتهاد ،
أصبح مخدرا ، مغيبا ، ملوثا ،
مسجونا في مكتبة الاتباع والتقليد ، والجهل ...
قلبي في مستشفى المجانين ،
مع أهل الهوى ، سكران حيران ،
جريح ، ينزف دما ، كيف السبيل لعلاجه ،
فالطاقم الطبي في عطلة دائمة ، مع نفسي ،
ذهبوا إلى مستنقعات المال و السلطة و اللذة ،
يبنون المدن ، ويشيدون القصور ، ويرقصون ...
لكن نسيت ،
أني على موعد مع الموت ،
هذه الليلة ،
هكذا اتفقنا عند دخولي
أول مرة ، إلى مطار الحياة ،
فالطائرة على وشك الإقلاع ،
مازال صوت المنادي يهتف ، يناديني ،
يذكرني ، لتسجيل أمتعتي ، للمغادرة
لم أسمعه ، ولم أستوعب تلك الأصوات ،
أذناي صماء ، وجسمي ضعيف ، منهك القوى ،
لا يقوى على الحركة ، حقائب السفر فارغة ،
أضعت كل الأمتعة ، والزاد ، لمشقة الطريق التي
تنتظرني ، حان الوقت للمغادرة .. الأحباب والأصحاب ،
في بكاء وجزع ، وأنا أشاهد عرضا , لفيلم حياتي ،
الذي صورته باختياري دون إجبار ، يوم بدأت
كتابة الرواية الوردية ، ونسيت كيف ستكون
خاتمة الكتاب ... " ا .. ل .. خ .. ل .. و .. د "♥️♠️
@ بقلم / إدريس جوهري . " روان بفرنسا "
03/09/21 Jouhari-Driss
'Fire Keeper/Cosme Lucero on Reddit # “Death
in reality is a release and an end to the function
of the life of this world, which is a change of
place and a transformation of existence, and
it is an invitation to the eternal and eternal life
and a prelude to it.” Badi’uz-Zaman Saeed Nursi
“إن الموت في حقيقته تسريح وإنهاء لوظيفة الحياة الدنيا،
وهو تبديل مكان وتحويل وجود، وهو دعوة إلى الحياة الباقية
الخالدة ومقدمة لها" بديع الزمان سعيد النورسي