20 أكتوبر . 9 دقائق قراءة . 996
قراءة نقدية في تجربة الفنان التشكيلي العربي التونسي علي البطروني وفضاءات ٣٣ الحمامات المتوسطية،
ورغم الافتراس اليومي، وطيور العزلة في المتوسط ،في قرميد ايام الحياة، لازال الفنان المتضامن مع الآفاق التقدمية الرحبة،وفلسطين وجنوب لبنان وسوريا والعراق ومصر واليمن ،وكرامات التونسيين، واغاني الرحابنة والملكة فيروز واشعار احمد فؤاد نجم والشيخ امام ومارسيل خليفة ، ومظفر النواب، ومحاربين طواحين الهواء واي ملمح من دون كيشوت القرطاجي المتوسطي، للرقص مع زوربا ،وكأنه بعض من ذلك التاريخ للجمال التونسي المتعلق بالعلاقات الانسانية ومكامن الارض الخصبة،ومابينهما، وماخفي منه وبطن كذلك ، وبحث عن أرض حكايا فضاءاته الجمالية البصرية التشكيلية، تتشكل أجساد نساءه المكتنزات أنوثة وشبق وانكسارات في حياة، يختارها التشكيلي الرسام المصور والملون والتجريبي علي البطروني، حالما في بلده الأم، تونس الخضراء بعدما ترك أوربا، وأيام المهجر بعد ١٣ عام امضاها مابين اروقة الأكاديمية الفنون الجميلة في روما، ومتاحف ايطاليا وفرنسا وبلجيكا ليعود الى جوهر حكاياها الطالعة من نبض روحه، وخاصة انه الذي سكن في بيت تونسي في الحمامات على الساحل التونسي لحول البحر الأبيض المتوسط ، واستقر به ،منشأ فضاءاته ال٣٣، في عالمه حيث يحتوي ذلك النزل التونسي على خمس غرف وباحة مفتوحة كاقامة فنية وسكن ومعرض مفتوح لكافة فناني من العالم، حيث يستضيفهم الفنان التقدمي التشكيلي علي البطروني، فيه ليقيموا ويعملوا وعندما يغادرون يتركون لوحة من لوحاتهم له،
خاصة انه ذلك المبدع الوحيد الذي يكتمل بمزاجه ومواهبه وخبراته المتسمة بالعطاء المستمر، والدقة الجمالية، ورواياه واماله وتطلعاته، وقد تجسدت في (( ار ارتيتيد )) حيث جعل للفن فسحة الحرية التقدمية، عندما ربطها مع حركة الناس والجماهير التي تشارك فنه الحركي، وهامش الاحتكاك الوطني ،مابين الفنان وعوالمه وقيمة حركة الناس العاشقة والمتذوقة، ومن هنا يولد اهمية رصانة الفن ،وحكايته في أرض حكاياته،التي يريد الفنان المجدد علي البطروني، فرصة البحث عن عشبة الخلود مثل حركة جلجامش الذي اقتنصت منه الافعى، طهر الانفس الخالدة، ليظل يبحث في واقعه الروحي، مابين محليته وعالمية نبض الفن، مازج مابين الازمنة الامكنة، قيمة الفن في الشارع ومقهى الفن ،وورشاته في هبات الطبيعة المعاشة،
ولاظهار جدوى بحثه الجمالي والفني ،تراه عبر تجاربه يحاول التعمق في ابتكاراته الدائمة على مقاس اعماله وخاماته، وادواته الفنية، لتقنيات ابداعه الفني ،حيث يتجلى في العديد من اعماله الفنية،التي تتجسد فيها موسيقا ها الداخلية، المقرونة مابين ايقاعاته الفنية المتوافقة مع رؤيته التعبيرية المغرقة مابين قدراته المتمكنة في رسم جسد الانسان وفق تشريحه الاكاديمي، لينزع الى تحويراته الشكلية، التي هي موسيقاها التصويرية في اعماله المرسومة منها، وفق دقة متناهية ومتماهية، او عبر اختلاجات بحوثه التجريبية على المعدن والتراب والمواد الاخرى، او عبر نزوعاته الى فضاءات النحت الرويليفي، حيث يهوى الظلال مابين الاسود والابيض، وقطعها الهندسي في حجومها واشكالها ومقاساتها التي تتحرر من عقد الزمان والمكان، لتهيم في فضاءات المجسم النحتي، الطامح الى ساحات ميدانية واسعة، يهواها الفنان العاشق للطبيعة البشرية، او لتلك العقليات التحريرية، حيث اتخذ من مناسبات تشكيلية بصرية، مفاهمية في ايطاليا وتونس وفرنسا ومدن عالمية، وارصفة وشوارع مفتوحة على المهاجرين والمشردين والمهمشين، ليكون صديقهم، ونبض احلامهم، عاشق ومعشوق في صوفية الحب الإنساني الشامل، النازع لمناصرة قضايا التحرر العالمية، ومشاركة جوعى الطرقات والطامحين الى حرية الانسان في ارضه، ومقاومة العنف ضد المرأة والفتيات والمستضعفين والفقراء والمحرومين، ناهلا من معين جسد المقاومة، لوحته الاثيرة الاي يريد ان يربطها في حقيقة مشاعر الفنان ( الانسان ) ليكون جزء لايتحزء من بحثه الدائم في مجاله الفني، وتشكيل ذلك المسعى في حياة المجتمع المدني، لهذا تراه جهده الفني، بحث دؤوب مابين من امتلك الموهبة بعدما ولد في الجنوب التونسي حيث مدينةتطاوين، ومابين الخبرة في التواصل في ثقافات العالم، مع أنماط فنون الشعوب ،ليتعدد تجاريه وبحوثه التشكيلية، انعكاس حقيقي لذاته الانسانية المبتكرة الخلاقة في ابداع،
ذلك بعض الإمكانية المبدعة التي يلوذ بها الفنان علي البطروني عندما يعرف ماذا يريد من دور الفنان في حياة مجتمعه، ومتاهات مسعاه الشخصي، حيث يقاوم التصحر الجمالي، ويقاوم الاصولية والارهاب،والارهاق المتخلف لقوى الجهل والتخلف والرجعية، فتراه سياسي أكثر من السياسيين الذين يفسدون حياة الابداع الانساني والفني في امتياز، في طبقات اي مجتمع،
لهذا تراه تواق الى الساحات العامة والمقاهي ،والاسواق القديمة ، والشوارع المكتضة ، والورشات المفتوحة، المكتضة بالفنانين العصاميين ،ونبض الحياة اليومية حيث يرى أن الفن يعيش بينهم، والفنان الحقيقي هو من ينقل مواقفه الفكرية والجمالية الناس على اختلافهم، ودرجات تذوقهم للفن، ومن ذلك يهوى فن الشوارع والرسم ألجداري المفتوح على الشعب، ولهذا شكل صداقات لاتنسى مع فناني من المكسيك وتشيلي والبرازيل وشارك معهم في معارض جماعية لاتنسى، وسعى الى تهذيب أذواق الناس وارساء قواعد الثقافة البصرية وجماليات الالوان المفتوحة ليكون الفن للجميع، في الفضاءات الرحبة، العامة منها ، ومن هنا يمكننا أن وصفه بالفنان الجماهيري، رغم خصوصية نخبوية لوحته التي يرسمها، جسد امرأة، الانثى الممتلئة شبق وعنفوان وكانها جميلات قصص حكايا الف ليلة وليلة، ومن جماليات الحالة التعبيرية وحالة العناق اللامتناهي لهذه السيدات في فضاءهن الرمزي، يتخذ الفنان المصور علي البطروني، قدراته على التخليص لعالم لوحته التي تأخذ كينونتها من تدرجات اللون الواحد وهارمونيته، عندنا يعانق اللون الحار المائل الى الوان التربة، والبرتقالي والاصفر المشمشع المشرق الساخن، سخونه تلك الأجساد الانثوية التي يشكلها الفنان، وهو الذي كان احد الرسامين العرب العالميين بعد نجا المهداوي الذي رسم على أجساد نسائية حية لنسوة اختارهن الفنان في طرح تجاربه ومعارضه الفنية، وله السبق في الجرأة والسبق والتقدمية لذلك، في زمن يعاني المحترف التشكيلي العربي من نكسات رجعية لل تحصى، لهذا ومن منطلق كينونته في دائرة ايمانه في دوره التاثير، يسعى ويحاول متفرغ للدخول في اي مغامرة تشكيلية، خاصة ان للحرف التشكيلي العربي جماليته وخصوصيته مع أجساد تمثيلات أجسام اعماله الاي ينقلها من الراكد الى المتحرك، ومابين كياناته الملهمة الى كيانات شبقة متخيلة يحد فيها حرية الفنان، منطلق حلوله الجمالية، ومنطلق مساهماته البصرية في أساليب تقنية اعماله الفنية، كخطاط رسام، وخطاط حرفي متحرر من عقد كلاسيكية قواعد الخط العربي التي شكلت في مفاصل من حياة تقدم الخط العربي، حالة من الرجعية، لهذا يتحرر الحرف العربي معه، وكانه منسوجة بساط تونسي شعبي تنسجه الأمهات التونسيات العصاميات التي لم ولن يتعلمن في كليات فنون جميلة، وانما من الفطرة الجمالية البصرية الاعمق، شكلن تداخلا موزع مابين الفرادة والخصوصية الممزوجة بالجمال المطلق، والمعاش الذي شكل لبنات بعض من نسيج تسابيح تراتيل علي البطروني في فن الصياغة والاختيار لأعماله الفنية التي يريدها، منجزة التشكيلي، الموسوم في متعلقات طولانية، ومربعة، وأشكال حرة، وتمائم لواقع يضج بالماضوية، والغيبات لهذا تراه، ناقد جمالي، يعرف كيف يشكل منمنماته الجمالية، في فضاء بصري مفتوح، على كافة الاحتمالات التجريدية التي يبتدعها مغامرا، سابح عكس التيار السائد، متحرر حتى من ورقة التوت التي يغطي بها كثيرون ،تخبيصات دور الفن والفنان، وينزوي فيها، معقد لايكاد يجد، فرصة لمحاورة الجمال مابين الواقعي وتصاوير تراثية الانسان المنتج،
لهذا تجده انموذج الفنان الحفار والنحات والمصور والرسام المفكر الجمالي، في مهمة حياتية لايستهان بها ،رغم زمن اللاعتراف حيث درجت العادة، لهذا يشع ويشرق في انسجام تراكيب اعماله الفنية، الرصين والمذهل في تقنيات ملامس سطوح انفجاراته التصويرية، وقد اخذت نصوصه التشكيلية، ظلال سوداء، وقرون اكباش ضخمة، ومؤاخرات نساء زمن النقاهة، وتفاح ماعاد هو ذلك التفاحة، وقمر ماعاد مثل كافة الاقمار، ومابين سريالية الرؤى، وملامح رؤوس الحمير الملونة، واربطة الاحصنة الصلبة ،في شكل الماعز الشيطاني، والاثداء المتورمة في حلمات مجنونة، وحلال وحرام، ورقابة جنسية، وقطوع تشكيلية متدلية،وسوبرمانية نساء المخيال الشعبي، يعيد رسم أبواب وأشجار الصبار، وشبابيك الثرثرة، وكل هذا العري اليومي المكتنز في مقولة الانثى هي الاصل، ليكافح عبر فرشاة الوانه ،وبؤس أيامه التشكيلي، وكساد عمل الفنان في الشرق، يركض الفنان الثوري التونسي الساعي الى ديمقراطية ابناء الحب والحياة، وقد اصبح الثلج الابيض، تمثال أنثى ترفض الانهزام تحت منشورات الهمجية والعنصرية التي يحارب ضدها الفنان علي البطروني، مهما استطاع اليها سبيلا،
ذلك بعض حياة تمسرح عالمه التشكيلي في اعتصامات الفنان على أجساد نساء لوحاته وعالمه الفني ،علي البطروني الذي يقرأ خريطة الطريقة على وسادته الفنية، وقد قرأت الملائكة ثمارهم على أغصان شجرة من هو عراب الذائقة الجمالية التونسية، حيث يتشاجر مع جحيم واقعه، ويريد سبيل الحكمة التشكيلية ويسعى ويحاول، والى اين والى متى، سؤال حار صعب الإجابة عليه في الشرق مع نبض روح الفوضى الخلاقة لزمن كورنا،
عبود سلمان/ كندا
ادمنتون
01 فبراير . 1 دقيقة قراءة
06 أبريل . 7 دقائق قراءة
14 يناير . 1 دقيقة قراءة