مقدمة محرر كتاب “إنها حياة جميلة” ورابط تحميله

27 ديسمبر  .   7 دقائق قراءة  .    987

المصدر http://consciencesansobjet.blogspot.com/

إعداد وتحرير جان بوشار دورفال
ترجمة: توفيق شمس وسمير كوسا 

 

مقدمة المحرر كما وردت في الكتاب:

 

يغفو في كل إنسان فرح (غبطة) لا حدود له، قوة لاحد لها، هذا الواقع الذي لا يمكن تصوره يتجاوز حتى حدود الوجود واللاوجود. هذا الفرح غير متعلق بالغنى أو بالمعرفة ولا يتعلق أيضاً بالذكاء العادي أو بالمكانة الاجتماعية، إنه أمر لا يتجلى من خلال جهد أو ممارسة معينة ولا يظهر من اعتناق ايدولوجية أو أشياء معينة. لا يتعلق بأي شيء يمكن تصوره. على الرغم من أنه حقيقة إلا أن قلة قليلة جداً من البشر يدركون ذلك بوضوح وحتى عدد أقل من ذلك يعيشونه. لقد حققه فيرجيل وكان يعيشه، هذا هو السبب في أن هذا الرجل العادي كان استثنائياً.

 

يقاس الذكاء الحقيقي بالفرح. عاش فيرجيل الفرح، فرح بدون سبب. لم يدرس الفلسفة أو الفيزياء ولم يتعلم السنسكريتية ولم يلتقي بأي معلم أو مرشد (غورو) لم تكن عظمته في هذه المستويات النسبية، كان حقيقياً متسامياً وصافياً. أنا واحد من الذين كانوا سعيدي الحظ ليكونوا معه وليشهدوا على فرحه الداخلي وحساسيته الفائقة وحضوره المتواضع والقوي. فيرجيل لم يكن لطيفاً، كان طيباً، طيباً بلا حدود.

 

سيرته الذاتية ليست ذات أهمية كبرى، ولد في كرواتيا عندما كانت جزءاً من يوغوسلافيا، فر من القمع الشيوعي في نهاية خمسينيات القرن العشرين وعبر إلى إيطاليا وحط في فرنسا التي رحبت به، وبعد حوالي ثلاث سنوات اختار الهجرة إلى كبيبك واستقر في مونتريال حيث عاش حياة بسيطة وهادئة لفترة طويلة وعمل في صناعة الأثاث. في شباط/فبراير 1991 استحوذ عليه واقع الوجود وغمره ببهجة لا حدود لها. منذ ذلك الحين لم تعد حياته كما كانت سابقاً، لا يعرف ما حدث له (لم يكن يعتنق أي دين أو يتبع أي مسار روحي) [1] ، لقد سعى إلى فهم ما حصل معه وما يعيشه من خلال حضورمحاضرات وسؤال أولئك الذين ادعوا انهم يعرفون ولكن كان ذلك بدون جدوى. في الوقت ذاته الذي أدرك فيه أنه لم يكن أياً من الذي سألهم يعيش الحقيقة، سكنت فيه حياة داخلية مذهلة وغامرة تجاوزت تجربته الأولى. استشعر أولئك الذي انعمت عليهم الحياة أن يروا بوضوح في عيون فيرجيل الحياة الروحية التي تسري في أنفاسه وكل حياته. حينها رغبوا بالجلوس معه والاستماع إليه. منذ ذلك الوقت تعرف الكثيرون على أنفسهم من خلال مناقشاتهم ولم يعرفوا عنه إلا القليل.

 

كان بإمكان فيرجيل أن يصبح مشهوراً وغنياً بل غنياً جداً مقارنة مع المحتالين الدجالين المتواجدين في المتاجر الروحية الكاذبة، كان مبرراً له أن يظهر علانية ولكنه لم يرى أن هذا دوره، لم يرفض أبداً أن يلتقي على انفراد مع أي شخص ليساعده في التعرف على نفسه بشكل أفضل. انتقد فيرجيل بشدة السيرك "الروحي" المعاصر في الهند وفي الغرب باعتباره عار وكارثة واستغلال للبؤس البشري. وحيثما حل فيرجيل كان ينشر حوله أجواء الصفاء والنقاء، وبالرغم من أن موارده المادية متواضعة كمتقاعد فقد كانت كافية للحفاظ على معيشته المتواضعة فقط، لم يقبل أبداً مالاً من أي شخص التقى به. بدلاً من ذلك عاش ببساطة غير متخفي ولكن بشكل غير معروف تقريباً. نحن نعلم أنه كان يرى أكثر من الذي تحدث عنه ولكنه لم يكتب كلمة واحدة ولم يتحدث علناً أبداً ولم يُعلِّم أبداً، ببساطة عاش في الوضوح، كان نوراً.

 

على عكس معظمنا، لم يدّع فيرجيل شخصياً بأي شيء سواء أمام الناس أو في قرارة نفسه حول: المعرفة، الجسد، الطاقة، الفرح، الحياة، الوعي، أو أي شيء آخر. حيث لم يتملك أية جذور لتلك الادعاءات.  أنار فيرجيل العقول لأكثر من 17 عاماً وبعث الدفء في قلوب الذين رغبوا أن يعيشوا الحياة العميقة بالقرب منه. في نهاية كل لقاء كان هو الذي يشكرنا ولم يكن ذلك ادعاء كاذب بالتواضع. من كل الأشخاص الذين التقيتهم في حياتي كان هو الوحيد الذي لم اكتشف فيه شيئاً زائفاً، ولم ألاحظ أي تناقض مع نفسه أو مع الآخرين.

 

عبّر فيرجيل باستمرار عن نفسه بلغة بسيطة ومباشرة وواضحة دون الحاجة إلى كلمات صعبة ومعقدة، كان يتحدث عما شاهده في الأمس على شاشة التلفاز أو ما قرأه عن سياسي مضطرب أو عن العولمة، وكانت بساطة حديثه لا تندرج في أي إطار مدرسي، ونظرا لحرفية بعض مبشري العقائد اللاثنائية (Non Dualism)  الروحية فقد رفضت غالبيتهم حديثه جملةً وتفصيلاً، ومع ذلك كان هناك دائماً طاقة استثنائية مهما كان موضوع الحديث معه.  كان بإمكان الروحانيين الزائفين استخدام أجمل المفردات والتعابير المستقاة من العقائد اللاثنائية ولكنها كانت دائماً تفتقد الحياة. بينما حتى لو قرأ لنا فيرجيل دليل الهاتف لبقيّ فينا صدى هذه الطاقة حتى بعد ثلاثة أيام.

 

كان فيرجيل حقيقياً في كل شيء لم نرى فيه أي شيء مفتعل، لم يحاول أبداً التأثير على الذين كانوا في حضوره لا من خلال مواقف درامية ولا من خلال جلوسه بعينين مغلقتين أو نصف مغلقتين ولا من خلال لباسه ولا من خلال نظراته القوية ولا بالتحدث بصوت منخفض للغاية أو بصوت مرتفع، أو من خلال تواضع زائف أو من خلال المحافظة على تنظيم مجالس الاتباع في أشرم أو في المراكز المشابهة في الشرق أو في الغرب. في الحقيقة لم يحاول أي شيء، كان حضوراً، كان حياً، بقي بسيطاً منذ البداية وحتى النهاية. وغنيٌّ عن القول إنه لم يكن له أي تلميذ إلى درجة أنه من المستغرب رغم النزعة السائدة في حال غياب شخص من هذا العيار أن يدعي متغطرس أنه المبشر بهذه التعاليم وأن عنده مفاتيح تفسيرها.

 

تركنا فيرجيل ولا يزال هنا، لأن فيرجيل لم يكن أبداً فيرجيل، لم يذهب إلى أي مكان. غادر هذه الأرض كما كان يقول كثيراً في نهاية اجتماعاتنا: "سأرحل بخفة". هناك فجوة في قلبي، حفرة لن تغلق أبداً، ولكن يا غبطتي هذه الحفرة هي فيرجيل. إنها الحياة.

 

جرت الحوارات التالية في صيف عام 2001 باستثناء الحوار الأول الذي تم في كانون الثاني/ يناير من نفس السنة. حاولت هنا أن أترك أكبر قدر ممكن من كلمات فيرجيل الحية، من خلال إجراء أقل عدد ممكن من التصحيحات اللغوية بين المحكي والمكتوب، رغم أن الكلمات هي صغيرة جداً مقارنة بحضور فيرجيل، علها تكون قد حافظت – وتلك أكبر أمنياتنا– على القليل من الطاقة التي أطلقتها عندما قيلت.


 

 [1] عندما تحدث فيرجيل عن الحياة الروحية قال: "لم أكن أعلم حتى أن هذا الأمر موجوداً"

 

رابط تحميل كتاب "إنها حياة جميلة":

http://www.maaber.50megs.com/books/Beautiful_Life.pdf
 

  6
  4
 0
مواضيع مشابهة

01 يناير  .  6 دقائق قراءة

  3
  8
 2

07 مايو  .  3 دقائق قراءة

  0
  4
 0

11 يناير  .  5 دقائق قراءة

  2
  3
 0

05 أغسطس  .  2 دقيقة قراءة

  3
  3
 0
X
يرجى كتابة التعليق قبل الإرسال